إيرادات السينما الأمريكية في مهب نتفليكس
المحللون يدقون ناقوس الخطر لأن مستقبل السينما الأمريكية أصبح مهددا، خاصة مع التدفق الرقمي عبر نتفليكس وغيرها.
تسبب الانهيار في إيرادات شباك التذاكر لسينما هوليوود مع بدايات الصيف في شعور صناع السينما بالخطر والترقب.
ومع بداية عام 2019 كان محللو شباك التذاكر متفائلين بأنهم سيتجاوزون نجاح الموسم الماضي القياسي، متوقعين أن أفلام "Avengers" و"Secret Life of Pets" و"Godzilla"، بالإضافة لإعادة سلاسل من نوعية "Men in Black" و"Shaft" سترفع مبيعات التذاكر إلى آفاق جديدة، وهو ما لم يحدث.
ووفقاً لشركة Comscore، فإن مبيعات التذاكر خلال 2018 مقارنة بالفترة نفسها من العام الجاري كانت أعلى بنسبة 7٪ تقريبا.
ويقول جيف بوك المحلل لدى Exhibitor Relations: "عندما تضع كل بيضك في سلة واحدة يحدث ذلك، فمعظم أفلام الموسم الحالي تبدو كأنها خرجت من نفس خط التجميع"، على حد تعبيره.
وفسّر هذا التراجع بعدم وجود عمق في كتابة قصص الأفلام القائمة على الرهانات فقط دون وجود مضمون.
وبحسب "فارايتي"، سيستمر الجمهور في الإقبال على أفلام من نوعية "Toy Story 4"، كما يعتبر فيلم "John Wick 3" من أكثر أفلام الحركة تحقيقا للإيرادات، بينما يسيطر فيلم "Spider-Man Far From Home" على شباك التذاكر نهاية الأسبوع الماضي.
كما حققت أفلام معادة من نوعية "Avengers: Infinity War" و"Incredibles 2" و"Jurassic World: Fallen Kingdom" نجاحا كبيرا، ما مهد الطريق لمعيار جديد في أمريكا الشمالية، وهو أن العبرة بتجنب الأفلام السيئة بصرف النظر عن كونها إعادة إنتاج أو جديدة.
ويقول بول داربجديان، كبير محللي وسائل الإعلام في مؤسسة كومسكور، إن أفلاما مثل "Godzilla: King of the Monsters" و"Dark Phoenix" و"Men in Black: International" عانت من تحقيق إيرادات متدنية إلى حد كبير لأنها لم تكن جيدة بما يكفي رغم اعتمادها على سلاسل ناجحة، خاصة عندما تكون هناك دراما تلفزيونية صاخبة مثل "Game of Thrones" و"Big Little Lies" و"Stranger Things" ما يستدعي من المشاهدين البقاء في منازلهم.
متعة التجربة السينمائية
ويقول كيلي ديفيز، رئيس التوزيع المحلي في شركة باراماونت: "هناك الكثير من المحتوى المتاح في متناول الجميع، وهناك منافسة صحية على دولارات الترفيه للجميع لكن الناس يحبون التجربة السينمائية، وكل ما عليك أن تمنحهم فقط سببا مقنعا للذهاب لدور العرض وقطع تذكرة".
والمشكلة أيضا في تراجع مبيعات التذاكر في المساحة المخصصة لأفلام السينما المستقلة البعيدة عن الشركات الكبرى بنسبة تزيد على 30٪ خلال الأشهر الستة الأولى من هذا العام.
ورغم نجاح أفلام من نوعية "Late Night" أو "Booksmart" في مهرجانات الأفلام، لكنها فشلت في تحويل هذا الطنين إلى معادل جماهيري في صالات العرض، وقد تتغير المعادلة بعد طرح "Midsommar" هذا الأسبوع .
ويري داربجديان أيضا أن "ما تحاول الاستوديوهات القيام به هو عكس الحكمة التقليدية بضرورة عدم طرح أفلام مستقلة صغيرة أمام أفلام الشركات الكبيرة".
ديزني تنفرد
الطريف أن استديوهات ديزني حققت وحدها أرباحا كبيرة بينما تعثر منافسوها، حيث قدمت أكبر 4 أفلام حتى الآن خلال 2019 وتتحكم في نحو 40٪ من حصة السوق في الولايات المتحدة.
وحققت ديزني ما يقرب من 7 أضعاف ما حققته شركتا Sony أو Paramount، وما يقرب من 3 أضعاف ما حققته شركة Universal، وأكثر من ضعف ما حققته Warner Bros، أقرب منافسيها، وبعد أن تتحكم ديزني في Fox، ومعها مفاتيح ضرب المسلسلات مثل "Avatar" و"Deadpool"، سيصبح الأمر أكثر رعبا، حسب "فارايتي".
وتقول كاثلين تاف، رئيس التوزيع العالمي في ديزني: "يجب أن يبدأ الأمر بتحويل القصص والروايات المكتوبة لأفلام، وهذا هو تركيزنا"، مضيفة: "إذا قدمنا أفلاما يستمتع بها الناس سيعودون، لا يمكنك خداعهم".
المدهش أيضا أن انخفاض إيرادات شباك التذاكر سينعكس على أسعار الأسهم لسلاسل دور العرض السينمائي مثل AMC وCineworld، حيث يشعر المستثمرون بالقلق من أن أعمال السينما تتراجع بسبب ثورة المحتوى الرقمي، ما يجعلها عرضة للخطر ومن غير المرجح أن تستعيد مجدها السابق.
لكن الموزعين لهم وجهة نظر مختلفة، مشيرين إلى أن الناس يتنبأون زورا دائما بأن الأعمال السينمائية على وشك الموت.
ويتوقع المحللون أن الإيرادات ستستمر في الانخفاض بعد انتهاء موسم الصيف، خاصة بعد أفلام "Spider-Man"، والنسخة الواقعية لفيلم "The Lion King" وفيلم "The Circle of Life، وأخيرا فيلم"Fast & Furious" الذي يتوقع له إيرادات كبيرة.
الفرص المحتملة
أما خبراء التنجيم في الصناعة فيرون أنه حتى لو كان هذا الصيف قصيراً، فإن السنة مليئة بالكثير من الفرص المحتملة لإنقاذ شباك التذاكر، مبشرين بوجود دلائل تشير إلى أن الاستوديوهات تعتمد بدرجة أقل على موسم الصيف لحساب الجزء الأكبر من مبيعات التذاكر كما كان في عام 2018، خاصة أن الخريف والشتاء يحملان أفلاما مهمة وكبيرة من نوعية "It: Chapter 2" و"The Joker" مع Joaquin Phoenix و"Star Wars: The Rise of Skywalker".
وهو الأمر نفسه الذي أكده جيف جولدشتاين، رئيس التوزيع المحلي في شركة وارنر براذرز، حين قال: "عليك أن تنظر إلى العام بأكمله، فلم يعد الأمر مجرد صيف أو عيد ميلاد".
صفارات الإنذار تدق
ويعتقد بعض المحللين أن التحديات لن يتم التغلب عليها من خلال بعض الأفلام الناجحة، حيث تكرس شركات "ديزني ووارنر ميديا وكومكاست" موارد هائلة لإطلاق خدمات البث المباشر، استعدادا لمستقبل رقمي يمثل فيه العمل السينمائي حصة أقل من أرباحهم.
وأخيرا فهناك شبه إجماع على أن الأجراس والصفارات والأضواء الحمراء يجب أن تنطلق جميعها الآن مع قيام اللاعبين بتبديل التروس نحو التدفق، مع التأكيد على أن الأمور ستكون أكثر صعوبة بالنسبة لمستقبل السينما خصوصا مع التدفق الرقمي عبر نتفليكس وغيرها.