الانتخابات الأمريكية سلاح أوروبا لهزيمة ترامب في الحرب التجارية
موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2020 كلما اقترب تقل رغبة ترامب في إثارة المزيد من النزاعات مع الشركاء التجاريين للولايات المتحدة
بدأت آمال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في فرض رسوم تصل قيمتها لـ600 مليار دولار على سلع صينية وأوروبية تتبدد في ظل اتباع الاتحاد الأوروبي سياسة البطء في التحرك تجاه تهديدات ترامب بفرض رسوم على سلع أوروبية، تصل قيمتها لـ350 مليار دولار، بما يفوق التي فرضت على السلع الصينية كمرحلة أولى بنحو 250 مليار دولار.
ويتجه خط التفكير الوحيد لدى الاتحاد الأوروبي نحو أنه كلما اقترب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2020، ستقل رغبة ترامب في إثارة المزيد من النزاعات مع الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، وبينها الاتحاد الأوروبي.
وينطلق هذا التصور من أن ترامب سيخاطر بفقدان أصوات الناخبين الأمريكيين الذين سيتضررون من أي إجراءات عقابية يفرضها الاتحاد الأوروبي على الصادرات الأمريكية، رداً على أي تحركات من جانب إدارة ترامب.
وترى وكالة بلومبرج للأنباء أن الهدنة التجارية الحالية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ما زالت قائمة على أمل الوصول إلى اتفاق تجاري أوسع بين الجانبين، وللحفاظ على الوضع الراهن، سيتجه الاتحاد الأوروبي إلى إبطاء وتيرة المفاوضات مع واشنطن ودفع المفاوضات إلى فترة حملة الانتخابات الأمريكية؛ حيث سينصب تركيز إدارة ترامب على الفوز بولاية ثانية في تلك الانتخابات، بدلاً من تصعيد المواجهة مع أوروبا، بحسب ما نقلت وكالة بلومبرج عن مسؤولين حكوميين أوروبيين.
ولكي يعطي انطباعاً بأن المفاوضات تتحرك قدماً؛ حيث يعتزم الاتحاد الأوروبي تقديم تنازلات محدودة في موضوعات هامشية مثل المعايير التنظيمية، بحسب المسؤولين الأوروبيين، الذين رفضوا الكشف عن هويتهم بسبب سرية هذه المناقشات، بحسب بلومبرج. أما الهدف الأكبر والمتمثل في عقد اتفاق شامل للعلاقات بين جانبي المحيط الأطلسي فإنه ينتظر خسارة ترامب للانتخابات.
ورغم ذلك، فإن هذه الاستراتيجية الأوروبية تنطوي على خطورة، لأن ترامب يمكنه دائماً مخالفة التوقعات ويتجه إلى التصعيد مع الاتحاد الأوروبي، ويفرض المزيد من الإجراءات الحمائية في محاولة من جانبه لاستمالة كتلته الانتخابية الرئيسية.
في الوقت نفسه، فإن هذا الاقتراح الأوروبي، والذي ما زال ضمن مقترحات مطروحة على مائدة البحث الأوروبية، ولم يصبح سياسة أوروبية رسمية، يتزامن مع انتقال مثير للجدل للسلطة في الاتحاد الأوروبي.
فالرئيسة القادمة للمفوضية الأوروبية "أورسولا فون دير لين" حليفة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أشارت إلى أنها لا تعتزم التراجع عن الاستراتيجية القوية للاتحاد الأوروبي في الدفاع عن مصالحه التجارية والتمسك بالنظام التجاري العالمي.
ففي مقابلة إعلامية يوم 16 يوليو/تموز الماضي، قالت "فون دير لاين" إن خطتها تستهدف "إقناع أصدقائها من الولايات المتحدة بأنه من الأفضل إيجاد حل وسط جيد والعمل معاً".
يأتي ذلك في الوقت الذي فرضت فيه الولايات المتحدة رسوماً على وارداتها من الصلب والألومنيوم من الاتحاد الأوروبي، كجزء من استراتيجية إدارة ترامب، لاستخدام مجموعة متنوعة من الآليات في إطار محاولاتها تقليل العجز التجاري الأمريكي.
وتستند هذه الإجراءات العقابية على قانون أمريكي يعود إلى فترة الحرب الباردة، ويعطي للرئيس سلطة فرض رسوم على بعض الواردات لاعتبارات الأمن القومي، وهو المبرر الذي يرفضه الاتحاد الأوروبي.
600 مليار دولار رسوما على أوروبا والصين
ورد الاتحاد الأوروبي على الرسوم، بفرض رسوم قيمتها نحو 2.8 مليار (3.1 مليار دولار) على سلع أمريكية ذات حساسية سياسية بالنسبة للإدارة الأمريكية مثل الدراجات البخارية والخمور.
وأمام الرئيس ترامب فرصة حتى نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، لكي يتخذ قراره بشأن فرض رسوم على واردات الولايات المتحدة من السيارات ومكوناتها.
وقد تصل هذه الرسوم إلى 25%، في حين تقدر هذه الواردات بنحو 350 مليار دولار سنوياً، وهو ما يتجاوز قيمة السلع الصينية التي تخضع للرسوم الإضافية الأمريكية؛ حيث تصل قيمة هذه السلع حالياً إلى 250 مليار دولار فقط.
وقد أعدت الولايات المتحدة قائمة منفصلة بسلع أوروبية قيمتها 25 مليار دولار ستخضع لرسوم إضافية، في حين من المتوقع أن يرد الاتحاد بفرض رسوم قيمتها 11 مليار دولار على سلع أمريكية، في إطار النزاع بين واشنطن وبروكسل بشأن الدعم الحكومي غير القانوني المتبادل لشركتي صناعة السيارات الأمريكية بوينج والأوروبية إيرباص.
وفي ملف منفصل، أشار الممثل التجاري الأمريكي "روبرت لايتزر" إلى احتمال قيام بلاده بفرض رسوم عقابية على فرنسا ودول أوروبية أخرى، تعتزم فرض ضرائب جديدة على شركات التكنولوجيا العملاقة مثل "فيسبوك" و"جوجل".
ويرى مسؤولون أوروبيون أن التهديدات الأمريكية بفرض رسوم تجارية تستهدف إجبار دول الاتحاد الأوروبي على ضم الملف الزراعي إلى المفاوضات التجارية التي بدأت عقب لقاء الرئيس "ترامب" برئيس المفوضية الأوروبية المنتهية ولايته "جان كلود يونيكر" في البيت الأبيض، العام الماضي.
ويتوقف نجاح الخطة الأوروبية على المدى الذي يمكن أن يصل إليه الرئيس ترامب في محاولة استقطاب ناخبيه الأساسيين في الولايات الزراعية، الذين تضرروا من الحروب التجارية الأمريكية.
وكانت الرسوم العقابية الصينية على السلع الزراعية الأمريكية قد ألحقت بالمزارعين الأمريكيين خسائر كبيرة، في الوقت الذي اضطرب فيه تدفق حركة التجارة العالمية، مما أدى إلى تراجع حاد لثقة المزارعين في الرئاسة الأمريكية.
وبحسب المسؤولين الأوروبيين، فإنه ما دام الصراع التجاري مشتعلاً مع الصين، قد لا يجد "ترامب" الحماس الكافي لفتح جبهة جديدة مع أوروبا، بسبب الخسائر الحادة التي سيتعرض لها الاقتصاد الأمريكي والمزارعون.
كان الأمريكيون والأوروبيون قد اتفقوا في واشنطن على "العمل معاً من أجل الوصول إلى صفر رسوم، وصفر حواجز تجارية غير جمركية، وصفر دعم للسلع غير الصناعية". ولكن الجانبين الآن يختلفان بشأن الوصول إلى هذا الاتفاق.
وقالت "سيسيليا مالمستروم" مفوضة التجارة الأوروبية بعد لقاء الأمريكيين في يوليو/تموز الماضي إنها كانت حاضرة في اللقاء، والنتيجة كانت "بدون شك" هي أن "المنتجات الزراعية لن تكون جزءاً من المفاوضات".
ولكن السفير الأمريكي لدى الاتحاد الأوروبي "جوردون سوندلاند" قال إن الاتحاد الأوروبي "أساء ترجمة" المناقشات، مضيفاً أن "يونيكر" قال بصراحة إن الملف الزراعي سيكون ضمن المفاوضات لكن تم رفع هذه الإشارة من البيان الإعلامي الصادر بعد المحادثات، لتوفير غطاء سياسي لقادة الاتحاد الأوروبي.
aXA6IDMuMTQ3LjY4LjIwMSA= جزيرة ام اند امز