معسكر نتنياهو في ميزان يهود أمريكا.. فوزٌ بين السندان والمطرقة
بمشاعر محشورة بين السندان والمطرقة استقبلت المؤسسات اليهودية الكبرى بالولايات المتحدة فوز معسكر بنيامين نتنياهو المتشدد في الانتخابات.
وتخشى هذه المؤسسات مطبات في العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، أولا بسبب العلاقة الفاترة وأحيانا المتوترة بين نتنياهو والرئيس جو بايدن.
وثانيا لاحتمال ضم الحكومة عناصر من اليمين المتشدد، لا سيما تحالف "الصهيونية الدينية" مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير.
فللمرة الأولى، قد تجد الولايات المتحدة الأمريكية نفسها مضطرة لعدم التعامل مع وزراء في الحكومة الإسرائيلية أخذا بعين الاعتبار، مطالبة سموتريتش بحقيبة الدفاع وبن غفير بحقيبة الأمن الداخلي.
اختبار العلاقة مع واشنطن
وقال نيد برايس، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، في مؤتمر صحفي "من السابق لأوانه التكهن بالتشكيل الدقيق للائتلاف الحاكم المقبل في إسرائيل".
وأضاف: "ما أود قوله هو أن ما يجعل هذه العلاقة قوية جدًا وما جعلها قوية جدًا منذ استقلال إسرائيل حتى يومنا، هو أن هذه علاقة كانت دائما قائمة على مصالحنا المشتركة".
واستدرك: "نأمل أن يواصل جميع مسؤولي الحكومة الإسرائيلية مشاركة قيم المجتمع الديمقراطي المنفتح، بما في ذلك التسامح والاحترام للجميع في المجتمع المدني، ولا سيما الأقليات، لدينا بعض المصالح والقيم الخاصة بنا، لقد سمعتم أننا نتحدث عن التزامنا بحل الدولتين في المستقبل وبتدابير متساوية للأمن والحرية والعدالة والازدهار لإسرائيل، للإسرائيليين وللفلسطينيين".
ويؤخذ على سموتريتش وبن غفير مواقفهما المتشددة ضد المواطنين العرب في إسرائيل والفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية.
السندان والمطرقة
وتخشى المؤسسات اليهودية في الولايات المتحدة من أن تجد صعوبة في الدفاع عن الحكومة الإسرائيلية في حال تبنيها سياسة متشددة ضد المواطنين العرب أو الفلسطينيين.
واكتفى اللوبي اليهود في الولايات المتحدة المعروف باسم "إيباك" ببيان مقتضب رحب فيه بفوز نتنياهو بالانتخابات بقوله: "إيباك تهنئ بنيامين ونتطلع إلى تعزيز وتطوير العلاقة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وإسرائيل".
غير أن مؤسسة "أمريكيون من أجل السلام الآن" كانت أكثر وضوحا وقالت في تغريدات طالعتها "العين الإخبارية" على تويتر: "اليوم ليس يوم الحديث عن القيم المشتركة والعملية الديمقراطية، نعم أجرت إسرائيل انتخابات ديمقراطية، لكن هذا لا يعني أن هذه الحكومة مثل أية حكومة سابقة.. ليست كذلك".
وأضافت: "تشمل الأحزاب والقادة، الذين يكاد يكون من المؤكد أنهم سيحصلون على أدوار وزارية رئيسية، الذين هم عنصريون بلا خجل ولديهم كراهية للأجانب".
وتابعت: "لن نلتقي بن غفير. لن نلتقي مع سموتريتش. لن نلتقي ممثلي الحكومة التي يخدمون فيها. نحن نقولها بصوت عال وواضح، لأن الوقت الحالي ليس الوقت المناسب للتظاهر بأن كل شيء على ما يرام وهذه الحكومة ستكون على ما يرام".
موقف مشابه عبرت عنه منظمة "جي ستريت" التي قالت في بيان اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه: "نتائج انتخابات في إسرائيل مقلقة للغاية لجميع المهتمين بهذا البلد وبالديمقراطية الليبرالية عالميا، لأولئك الذين قيمهم الأساسية للعدالة والمساواة والحرية تتعارض بشكل أساسي مع قيم الأحزاب والقادة الذين يقفون على أعتاب فوز".
وأردفت "نحن نحترم النتيجة حتى ونحن نعلن معارضتنا الشديدة للسياسات والأيديولوجية الخطرة لمن فازوا. يجب أن يفرض التشكيل المحتمل لحكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة لحظة من الحساب الجاد لجميع الأمريكيين الذين يهتمون بطبيعة العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل ومستقبل عادل ومتساو وديمقراطي لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين".
ولفتت إلى أنه "في ظل الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة التي تلوح في الأفق والتي قد تتشكل، فإن نهج العمل كالمعتاد سيتحرك إلى حدود لا يمكن الدفاع عنها، يجب على الأمريكيين المؤيدين لإسرائيل والحكومة الأمريكية مواءمة سياساتنا مع قيمنا".
ودعت "الجماعات اليهودية الأمريكية في الولايات المتحدة أن تدافع عن العدالة والديمقراطية والدبلوماسية، وأن ترفض تطبيع العنصرية والتحريض والتمييز".
أما "الاتحاد من أجل الإصلاح اليهودي" فقال في بيان اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه: "بينما يجمع نتنياهو ائتلافه نشعر بقلق عميق بشأن الوعود بمناصب وزارية قطعها إلى بتسلئيل سموتريتش وإيتامار بن غفير، قادة حزب الصهيونية الدينية القومي المتطرف".
ونبه إلى أن "برامجهم وأفعالهم السابقة تشير إلى أنهم سيحدون من سلطة المحكمة العليا في إسرائيل ويمنعون حقوق العرب الإسرائيليين والفلسطينيين، وقطاعات كبيرة من اليهود غير الأرثوذكس، من المرجح أن يؤدي ضم بن غفير وسموتريتش في الحكومة إلى تعريض ديمقراطية إسرائيل للخطر".
وحذرت المؤسسة من أن هذا "من شبه المؤكد أنه سيؤدي إلى لحظات صعبة في العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل وسيكون مؤلما لليهود في جميع أنحاء العالم".
فوز بـ"ثمن كارثي"
وفي هذا الصدد، اعتبر الحاخام أريك يوفي، الرئيس السابق للاتحاد من أجل الإصلاح اليهودي في مقال نشره في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، الجمعة: "في أمريكا، ستدفع إسرائيل ثمناً كارثياً لانتصار اليميني المتطرف بن غفير".
وقال في مقال تحليلي طالعته "العين الإخبارية": "هذا وقت ضعيف بالنسبة لإسرائيل. إن ظهور بن غفير كلاعب سياسي مهم في البلاد سيقوض مكانتها العامة في أمريكا، ويقوي أعداء إسرائيل ويهين أصدقاءها".
ومضى بقوله "في اللحظة التي تتولى فيها حكومة يمينية ضيقة السلطة في إسرائيل، مع جلوس بن غفير وسموتريتش كوزراء كبار، فإن كارهي إسرائيل سيرقصون في الشوارع. سينظمون مظاهرات ويجددون حملة المقاطعة BDS، وسيتم توزيع منشورات تحمل صورة بن غفير وتصريحاته السابقة في كل حرم جامعي في أمريكا".
أما الأسوأ بنظر يوفي فهو "ما قد يتطور في الكونغرس. ووفق استطلاعات الرأي الأخيرة، فإن ما يقرب من ثلث الأمريكيين الذين يعتبرون أنفسهم ديمقراطيين يؤيدون مقاطعة إسرائيل".
"لكن في الكونغرس الحالي دعم إسرائيل ساحق. حيث أعرب عدد قليل من أعضاء مجلسي النواب والشيوخ عن تشجيعهم لمقاطعة أو قطع المساعدات عنها، بعبارة أخرى وقف الديمقراطيون في الكونغرس في وجه المواقف الحاسمة لناخبيهم للحفاظ على المساعدة لإسرائيل". يضيف يوفي.
وتساءل "ولكن ماذا سيحدث عندما يجلس العنصريون والمتطرفون في حكومة إسرائيل؟ ضع في اعتبارك أنه على مدار عقد من الزمان قام بنيامين نتنياهو بالثأر السخيف ضد الحزب الديمقراطي، وآخر فصل منها هو سيرته الذاتية التي صدرت حديثا، إنها مليئة بالهجمات الشرسة التي لا مبرر لها على الإطلاق ضد بيل كلينتون وباراك أوباما، الذي يعد الأخير أكثر زعماء الحزب شعبية على قيد الحياة".
وخلص إلى أنه "قد لا يكون التحول فوريا، لكن لا يمكن لإسرائيل الاعتماد على دعم ديمقراطي طويل الأمد إذا كان يقود حكومتها رئيس وزراء معاد للحزب، ووزراء لديهم مواقف يجدها جميع الديمقراطيين تقريبًا بغيضة".
aXA6IDE4LjE4OC43Ni4yMDkg جزيرة ام اند امز