اليمين المتشدد بإسرائيل.. نعمة نتنياهو ونقمته فهل يضحي "الملك"؟
بات رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق بنيامين نتنياهو على مرمى حجر من العودة إلى مقعد رئاسة الحكومة، ولكن ثمة مطبات في طريق السلطة.
وللمفارقة فإن هذه المطبات هي ذاتها التي ستسمح له بالعودة إلى المقعد الذي غادره منتصف العام الماضي.
فما كان لنتنياهو الذي يلقبه أنصاره بـ"الملك بيبي" أن يعود إلى الحكم لولا النمو غير المسبوق في تاريخ إسرائيل للتيار اليميني المتشدد المتمثل بتحالف "الصهيونية الدينية".
و"الصهيونية الدينية" هي تحالف حزب يحمل ذات الاسم بقيادة بتسلئيل سموتريتش و"القوة اليهودية" برئاسة إيتمار بن غفير، الذي أصبح للمرة الأولى في تاريخ إسرائيل الحزب الثالث بالكنيست بحصوله على 14 مقعدا.
ولأن نتنياهو بحاجة إلى دعم 61 نائبا بالكنيست المؤلف من 120 مقعدا، فإنه يحتاج لـ"الصهيونية الدينية" من أجل تشكيل الحكومة.
ولكن لم يكد يبدأ نتنياهو المشاورات الأولية لتشكيل الحكومة حتى بدأت التحذيرات ترده من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي ودول عربية وغربية.
تحذيرات برزت بعد أن أعلن سموتريتش أنه يريد حقيبة الدفاع، المسؤولة عن الجيش، في الوقت الذي قال فيه "بن غفير" إنه يريد حقيبة الأمن الداخلي، المسؤولة عن الشرطة.
لكن ما هو سبب هذه التحذيرات؟
السبب يكمن في السجل الحافل لكل من سموتريتش وبن غفير في معاداة الأقلية العربية في إسرائيل، والسلام مع الفلسطينيين والاعتداءات عليهم.
فسموتريتش، الذي ترعرع في مستوطنة "بيت إيل" قرب رام الله وسط الضفة الغربية، ويقيم حاليا في مستوطنة "كدوميم" (شمال)، كان قد سُجن لمدة 3 أسابيع عام 2005 أثناء احتجاجات على انسحاب الجيش الإسرائيلي والمستوطنين من غزة.
واشتهر من خلال عبارته الشهيرة للنواب العرب في أكتوبر/تشرين الأول 2021: " أنتم هنا عن طريق الخطأ، ومن الخطأ أن بن غوريون لم ينه وظيفته ولم يطردكم في عام 1948".
ومع ذلك فقد تولى لفترة وجيزة عام 2019 حقيبة المواصلات، ما يجعله أقل وطأة من بن غفير.
فـ"بن غفير"، المقيم في مستوطنة "كريات أربع" المقامة على أراضي الخليل، معروف بنشاطاته الاستفزازية ضد الفلسطينيين والمواطنين العرب في إسرائيل.
فقد نجح في تعزيز شعبيته من خلال موجة من الاستفزازات في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية، وأم الفحم والناصرة في شمالي إسرائيل، والخليل بالضفة الغربية.
ولا يخفي أنه أحد تلاميذ الحاخام مئير كهانا، مؤسس حركة "كاخ" العنصرية والذي اعتبرت آراؤه ضد العرب بغيضة للغاية لدرجة أنه تم منعه من عضوية الكنيست في الثمانينيات.
ووُصف حزب كاخ التابع له بأنه جماعة إرهابية من قبل الولايات المتحدة.
وفي شبابه، وُجّهت إلى "بن غفير" أكثر من 50 لائحة اتهام بالتحريض على العنف أو خطاب الكراهية.
"بن غفير" ، المحامي الذي أمضى حياته المهنية في الدفاع عن المتطرفين اليهود المتهمين بالعنف ضد الفلسطينيين، حول نفسه إلى واحد من أكثر السياسيين شعبية في إسرائيل، وذلك بفضل ظهوره الإعلامي المتكرر، وسلوكه المبهج، والأعمال المثيرة المنظمة.
وقد وصف النواب العرب في الكنيست بأنهم "إرهابيون"، ودعا إلى ترحيلهم، ولوح بمسدس مؤخرا في حي فلسطيني متوتر في القدس، حيث حث الشرطة على إطلاق النار على راشقي الحجارة الفلسطينيين.
وفي محاولة للاستفادة من التوتر الأخير الحاصل في الضفة الغربية، يأمل "بن غفير" هو وحلفاؤه في منح الحصانة للجنود الإسرائيليين الذين يطلقون النار على الفلسطينيين ويريدون فرض عقوبة الإعدام على الفلسطينيين المدانين بمهاجمة الإسرائيليين.
نعمة ونقمة لنتنياهو
ويقول مراقبون إنه إذا نجح نتنياهو في تشكيل ائتلاف حاكم خلال الأسابيع المقبلة، فإن أعضاء حزب الصهيونية الدينية إلى جانب أعضاء الليكود، لن يخفوا أنهم سوف يسعون إلى إصلاحات جذرية في النظام القانوني للبلاد لصالح رئيس الحكومة الجديد.
زعيم "الصهيونية الدينية" قال إنه سيضغط حتى من أجل تشريع يمنح الحصانة ويرفض التهم الموجهة إلى نتنياهو، المتهم بـ"الاحتيال وخيانة الأمانة وقبول الرشاوى" في سلسلة من الفضائح.
وكتب ماتي توشفيلد، المعلق في صحيفة "إسرائيل هيوم" اليمينية: "إذا حافظت الكتلة اليمينية على تفوقها في الحصيلة النهائية، فسيكون نتنياهو قادرا على تشكيل حكومة أحلامه".
مستدركا "ربما الأهم من ذلك: لن يعارض أي من المشرعين أية خطوات لتغيير نظام العدالة، بما في ذلك الخطوات المتعلقة بمحاكمة نتنياهو".
وفي حين أن هذا قد يفيد نتنياهو في الداخل، إلا أنه قد يتسبب أيضا ببعض المشاكل الخطيرة له على الساحة الدولية.
ففي الوقت الذي جعلت فيه آراء سموتريتش وبن غفير محبوبين لدى مؤيديهما الدينيين والقوميين، فإنها قد تخاطر بإحداث صداع لنتنياهو الذي يروج لنفسه كرجل دولة عالمي.
الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي تربطه علاقة متوترة وباردة مع نتنياهو، هو من مؤيدي حل الدولتين، من غير المرجح أن يتعامل بلطف مع "بن غفير" وزملائه.
وبالمثل، قد يواجه اليهود الأمريكيون الذين يميلون إلى أن يكونوا ليبراليين سياسيا، صعوبة أيضا في دعم حكومة يلعب فيها "بن غفير" دورا بارزا.
وفي اجتماع الأسبوع الماضي مع القادة اليهود الأمريكيين طلب الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ من الحضور "احترام ديمقراطيات الطرف الآخر".
بدائل نتنياهو
مصادر سياسية إسرائيلية قالت، اليوم الجمعة، إن رئيس الليكود بنيامين نتنياهو لا يرغب في المخاطرة بمنح مَن وصفتهم بممثلي اليمين المتطرف، مثل إيتمار بن غفير، حقائب سيادية.
وأضافت للهيئة العامة العامة للبث الإسرائيلي "ولذلك يسعى نتنياهو إلى إقناع خصميه يائير لابيد وبيني جانتس بالانضمام إلى حكومة برئاسته ليتجنب عزلة دولية، علما بأن تقارير صحفية ذكرت أن الإدارة الأمريكية ودولا أوروبية أبلغته بأنها لن تتعامل مع بن غفير كوزير، كما أن دولا عربية حذرت رئيس الليكود من تنصيب بن غفير وزيرا".
ووفق ذات المصادر، فإن "نتنياهو لا يستبعد إمكانية التوجه إلى رئيس القائمة العربية الموحدة منصور عباس، ليكون عنصر موازنة أمام المتطرفِين اليمينيين".
ولفتت في هذا السياق إلى أنه "لوحِظ أن الائتلاف الحكومي المتبلور سيشمل النواب اليهود فقط، في حال عدم انضمام القائمة الموحدة إليه".
ومن المقرر أن يشرع الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، الأسبوع المقبل، بالتشاور مع زعماء الأحزاب الفائزة بالانتخابات قبل تكليف نتنياهو بتشكيل الحكومة.
وحال تكليف نتنياهو فسيكون أمامه 28 يوما يمكن تمديدها بفترة أسبوعين إضافيين، بموافقة الرئيس، لتشكيل الحكومة.
واستنادا إلى القانون فإن الحكومة المشكلة يجب أن تحصل على ثقة 61 على الأقل من أعضاء الكنيست.
من جهته، شرع نتنياهو بخطوات تشكيل الحكومة.
وبحسب ما طالعته "العين الإخبارية" في الهيئة العامة للبث الإسرائيلي، فقد أوعز نتنياهو إلى النائب في حزبه ياريف لفين والطاقم الليكودي المفاوض بالتوصل إلى تفاهمات مع مركبات معسكر اليمين فور إعلان النتائج النهائية للانتخابات وحتى الخامس عشر من الشهر الحالي.
aXA6IDMuMTQ1LjQwLjEyMSA= جزيرة ام اند امز