من كلينتون لترامب.. «الكراسي الدوارة» تحكم الانتخابات الأمريكية
على مدى العقود الثلاثة الأخيرة، عاش كل رئيس أمريكي - من بيل كلينتون وصولاً إلى دونالد ترامب - اللحظة نفسها تقريبًا: سيطرة كاملة لحزبه على الكونغرس في بداية ولايته، ثم انهيار تلك الهيمنة خلال عامين فقط.
هذا المشهد يتكرر بانتظام لافت، حتى بات أشبه بناموس سياسي جديد يحكم واشنطن، فما يمنحه الناخب المتقلّب اليوم، يسترده على الفور غدًا، بحسب موقع "أكسيوس" الأمريكي.
هذا النمط المتسارع من الفوز الكبير ثم الخسارة السريعة يختصر حالة التقلّب العميق التي تخترق السياسة الأمريكية. وإذا أراد ترامب أن يتجنب المصير ذاته في ولايته الحالية - وهو المصير الذي لحق به في 2018، وببايدن في 2022، وبأوباما في 2010، وبجورج بوش الابن وكلينتون - فسيتعين عليه تجاوز قواعد “الجاذبية السياسية” التي كسرت الجميع قبله.
أمريكا في حالة دوار مستمر
منذ 10 سنوات، يحذّر المحللون من مرحلة طويلة من “الدوار السياسي”، تزداد خلالها سرعة تبدّل المناخ التنظيمي والاقتصادي والسياسي، ما يجعل من الصعب على المؤسسات والشركات التخطيط.
ورغم تعاقب الإدارات، يظل كلا الحزبين أسير 3 حقائق راسخة:
1 - أمريكا منقسمة 33-33-33
ثلث الناخبين ديمقراطيون مُوالون بشدة، وثلث جمهوريون بالقدر ذاته، بينما يبقى الثلث الأخير كتلة متأرجحة متقلبة المزاج، سرعان ما تسخط على الحزب الذي يصل إلى السلطة.
هذا الانقسام ظل ثابتًا طوال ثلاثة عقود، ونتيجته واضحة: تقريبًا كل انتخابات منذ كلينتون شهدت انقلابًا في السيطرة على البيت الأبيض أو الكونغرس.
2 - الدوائر التنافسية… في حدود 10% فقط
بفضل عمليات إعادة رسم الدوائر الانتخابية، تحولت معظم مناطق البلاد إلى ملاذات آمنة لديمقراطيين أو جمهوريين شديدي الانحياز، ولم يبقَ سوى عدد ضئيل من الدوائر القابلة للتغيير.
والنتيجة: المعارك الحقيقية تحدث في الانتخابات التمهيدية حيث الإقبال منخفض ويهيمن الناشطون الأكثر تطرفًا، ما يؤدي إلى صعود مرشحين أكثر تشددًا ويزيد الاستقطاب السياسي.
3 - ثمار السياسات تحتاج وقتًا أطول من عمر دورة انتخابية
من قوانين ترامب الضريبية إلى مشاريع بايدن للبنية التحتية والطاقة الخضراء، مرورًا بـ"أوباما كير" — جميعها إنجازات تشريعية كبيرة، لكن أثرها الإيجابي يحتاج سنوات كي ينعكس على حياة الناس.
أما الناخب المتأرجح، فلا يمنح هذا الوقت الطويل، بل يحكم على الإدارة خلال عامين فقط، غالبًا قبل ظهور النتائج.
البندول السياسي يهتز بعنف
النمط يتكرر بحذافيره: يفوز حزب ما بالسلطة، يشعر بالثقة الزائدة، ينشغل بإرضاء جناحه المتشدد، يغضب الناخب الوسطي وأنصار الحزب الآخر… ثم يخسر سيطرته سريعًا. هذه الدورة المستمرة تجعل النظام السياسي هشًا ومتقلّبًا على نحو غير مسبوق.
وفي اللحظة الراهنة، تبدو هذه الهشاشة واضحة داخل الحزب الجمهوري نفسه. فبحسب تقارير حديثة، يتزايد قلق نواب جمهوريين بسبب تهديدات أمنية وصراعات داخل جناح ماغا، ما يدفع بعضهم فعلاً إلى التفكير في الاستقالة قبل الانتخابات المقبلة.
وتذهب صحيفة بانش بأول إلى أبعد من ذلك، مؤكدة أن خسارة الجمهوريين لمقعد واحد إضافي - بسبب استقالة أو وفاة أو مرض - قد تهدد أغلبيتهم في هذا الكونغرس نفسه.
هذا التراجع ينعكس في استطلاع جديد لـ“غالوب”، أظهر أن نسبة رضا الجمهوريين عن الكونغرس - رغم سيطرتهم عليه - انخفضت إلى 23 % فقط، مقارنة بـ54 % في سبتمبر/ أيلول و63 % في مارس/آذار الماضي.
وخلص التقرير إلى أن ترامب يفخر بأنه مختلف عن أسلافه. وربما يعتقد أنه قادر على كسر الجاذبية السياسية. لكن الحقيقة أن كل رئيس قبله - بمن فيهم ترامب نفسه في ولايته الأولى - اعتقد الأمر ذاته، وظن بايدن وأوباما وبوش الابن وكلينتون جميعهم أنهم الاستثناء، لكن أيا منهم لم يكن كذلك.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTUzIA== جزيرة ام اند امز