لو كان للأمريكيين خيار حقيقي ثالث ربما لأقلعوا عن انتخاب أي من المرشحَين الرئاسيين الديمقراطية هيلاري كلينتون والجمهوري دونالد ترامب. ولكن بما أنهما أصبحا المرشحين الرسميين لأكبر حزبين في البلاد لخوض السباق إلى البيت الأبيض، فقد بات على الأمريكيين الاختيا
لو كان للأمريكيين خيار حقيقي ثالث ربما لأقلعوا عن انتخاب أي من المرشحَين الرئاسيين الديمقراطية هيلاري كلينتون والجمهوري دونالد ترامب. ولكن بما أنهما أصبحا المرشحين الرسميين لأكبر حزبين في البلاد لخوض السباق إلى البيت الأبيض، فقد بات على الأمريكيين الاختيار بين «أهون الشرين»، كما يقولون، وكما يقول العديد من استطلاعات الرأي التي أظهرت تقارباً بين المرشحين في الآونة الأخيرة، لكنها مع ذلك تشير إلى أن الجدل حول أهلية كل منهما للقيادة لن يحسم إلا غداة صدور نتائج الاقتراع المقرر في الثامن من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
منطقياً تبدو حظوظ هيلاري هي الأقوى في الفوز بالرئاسة باعتبارها الأكثر خبرة بين المرشحين للانتخابات الرئاسية كافة، في مواجهة تناقضات ترامب وعنجهيته وأفكاره العنصرية وجنوحه نحو التطرف والعنف، لكن الحال لا يبدو كذلك في الكثير من الولايات الأمريكية مثل أوهايو وبنسلفانيا وغيرهما، وحتى في الولايات التي تعتبر معاقل للجمهوريين أو الديمقراطيين، حيث ينظر الناخبون بكثير من الشكوك إلى كلا المرشحين ويطعنون في أهليتهما للقيادة، فهناك من يعتقد أن ترامب فاشل تماماً، وأنه غير جدير بقيادة الولايات المتحدة، بينما يرى البعض الآخر أن هيلاري ليست نزيهة وينعتها بأقذع الأوصاف، مستحضراً مواقفها عندما كانت السيدة الأولى في عهد زوجها بيل كلينتون والتغطية على خياناته العاطفية، ثم عندما أصبحت وزيرة للخارجية في عهد أوباما والسخط الذي أثاره موقفها في قضية البعثة الدبلوماسية في بنغازي إلى بريدها الإلكتروني ووضعها الصحي المربك حتى لدى الديمقراطيين.
يستفيد ترامب من هذا الجدل، ليواصل حربه الضروس ضد هيلاري وإضفاء المزيد من الإثارة حول مواقفه إزاء كيفية إدارة البلاد في حال فوزه بالرئاسة. فمن جهة، استغل ترامب الوضع الصحي لهيلاري للطعن في أهليتها للقيادة، ووعد بأنه سينشر وضعه الصحي الدقيق حالما تظهر نتائج الفحوص التي أجراها، لكنه عاد للتحريض على العنف ضد منافسته بعد دعوتها إلى حظر اقتناء السلاح في الولايات المتحدة، وطالب أنصاره بنزع سلاح حراسها الشخصيين، متسائلاً عما سيحصل في حال تم ذلك، الأمر الذي اعتبره الديمقراطيون تحريضاً على العنف، وبالتالي فإنه غير مؤهل لأن يكون رئيساً وحان الوقت لإدانة هذا السلوك المقلق للمرشح الجمهوري.
ومع ذلك، فقد توالت مواقف الإثارة والجدل لترامب الذي تعهد بالقضاء على «داعش» خلال شهر، وقال إنه سيطلب من جنرالات «البنتاغون»، فور وصوله إلى البيت الأبيض، إعداد خطة عسكرية خلال 30 يوماً من أجل القضاء نهائياً على «داعش»، متراجعاً عما قاله في السابق بأنه يعلم عن تنظيم داعش ما لا يعلمه جنرالات الجيش الأمريكي، وأن لديه خطة سرية للقضاء على التنظيم الإرهابي بشكل حاسم وسريع، مفضلاً عدم الإفصاح عن تفاصيلها لاعتبارات أمنية وعسكرية. ولم يتردد في مواصلة عبارات «الغزل» بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، معتبراً أنه يحظى بشعبية 80% من الروس بينما شعبية أوباما تتراوح بين 30 إلى 40 %.
بين هذا وذاك يستمر السجال إلى حين يوم الحسم في نوفمبر المقبل، على الرغم مما يعتبره الكثير من الأمريكيين بأن مصير بلادهم أصبح قاتماً سواء نجح هذا المرشح أو ذاك.
نقلًا عن صحيفة الخليج
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة