بعد مقطع «المسافة صفر» بغزة.. ماذا نعرف عن «ميركافا» الإسرائيلية؟
مع تداول مقطع «افتراسها» من المسافة صفر، الذي نشرته كتائب القسام، باتت دبابات ميركافا الإسرائيلية في دائرة الضوء، وسط تساؤلات عن مدى قدرتها على مواجهة تحديات التوغل البري في قطاع غزة.
وكانت كتائب القسام، الذراع العسكرية لحركة حماس، نشرت مقطع فيديو، يظهر أحد عناصرها، يقترب من إحدى الدبابات الإسرائيلية، شرقي حي الزيتون، ويدمر إحداها من «المسافة صفر» بقذيفة «الياسين 105».
المقطع جرى تداوله بكثرة على مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرًا، فيما تحاول إسرائيل التوغل البري في غزة، متكئة على استراتيجية جديدة تعتزم شنها خلال الأيام القليلة المقبلة.
وقال شلومو بروم، مدير التخطيط الاستراتيجي في جيش الدفاع الإسرائيلي، لصحيفة الغارديان إن الاستيلاء على شمال غزة - حيث يعتقد الجيش الإسرائيلي أن معظم حماس تتمركز - «سيكون بطيئًا وصعبًا للغاية».
فماذا نعرف عن ميركافا الإسرائيلية؟
انضمت ميركافا لأول مرة إلى الجيش الإسرائيلي عام 1979، وهو نفس العام الذي دخلت فيه ليوبارد2 الألمانية الخدمة، وقبل عام واحد من دخول أبرامز إم1 الأمريكية الخدمة.
ونجحت ميركافا في سد عدد من فجوات الأداء الرئيسية باستخدام أحدث الأجيال من الدروع السوفياتية في ذلك الوقت، إلا أنها فشلت في اكتساب قوة جذب في أسواق التصدير على مدار الـ44 عاماً الماضية.
وعلى الرغم من أن تركيا كانت تعتبر في السابق عميلاً محتملاً وأظهرت اهتماماً قوياً بالتصميم، لكنها اختارت في النهاية دبابة K2 الكورية الجنوبية الأكثر حداثة لتشكيل جيلها الجديد من الدبابات.
وتقول صحيفة «ذا ناشيونال إنترست» الأمريكية، إنه منذ تأسيس دولة إسرائيل عام 1948، قام الجيش الإسرائيلي، بتجميع قوة دبابات متواضعة ومتداعية لصد الهجمات التي كان يتعرض لها، إلا أنه بحلول عام 1956، تحسن الوضع إلى حد كبير، وبحلول عام 1967، انتصر سلاح المدرعات الإسرائيلي في حرب الأيام الستة.
وفي عام 1970 بدأ الجيش الإسرائيلي في تطوير دبابة خاصة به، فوقعت مهمة تطوير دبابة إسرائيلية على عاتق اللواء إسرائيل تال، القائد السابق لسلاح المدرعات في الجيش الإسرائيلي والذي قاد الفرقة المدرعة الرابعة والثمانين في سيناء.
كان مشروع تال تحديًا كبيرًا، حيث كان المجمع الصناعي العسكري الإسرائيلي في مراحله الأولى ولم تقم الدولة ببناء مركبة مدرعة كبيرة من قبل. ومن خلال العمل من الصفر، تمكن تال من بناء دبابة من الألف إلى الياء باستخدام تجارب حرب الدبابات الإسرائيلية.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن السمة الرئيسية التي ركز عليها تال في تصميم ميركافا، كانت حماية الجنود، لخفض الخسائر البشرية.
وتمكنت إسرائيل، من تحسين حماية عناصر جيشها؛ فتميزت ميركافا بدرع سميكة متباعدة بتصميم محلي، فيما صممت الهيكل والبرج بزوايا حادة تهدف إلى زيادة سمك الدرع من خلال المنحدرات.
سمات أعطت للدبابة مظهرًا أنيقًا ومستقبليًا، خلافًا لتقاليد تصنيع الدبابة. ووضعت المحرك وناقل الحركة في مقدمة الدبابة، مما يمنح الطاقم حماية إضافية إذا اخترقت قذيفة مضادة للدبابات الدرع الأمامية.
واستبدلت إسرائيل نظام التحكم في البرج الهيدروليكي، الذي استخدم سائلًا قابلاً للاشتعال أدى إلى حرق العديد من الناقلات الإسرائيلية في حرب عام 1973، بنظام تحكم كهربائي، فأصبحت الذخيرة تخزن في عبوات مقاومة للحريق لحين استخدامها لتقليل احتمالية انفجار الذخيرة.
كان المدفع الرئيسي للدبابة هو M68 عيار 105 ملم، وهو نفس المدفع الذي ظهر في دبابات سنتورين وباتون وإم 60، التابعة للجيش الإسرائيلي. كانت الدبابة تحتوي على ثلاثة مدافع رشاشة، بما في ذلك مدفع رشاش متحد المحور عيار 7.62 ملم مقترن بالمدفع الرئيسي ورشاشات إضافية عيار 12.7 و 7.62 ملم في الأعلى للقائد والمحمل.
إضافات كانت مفيدة للاشتباك مع مشاة العدو، والمركبات الخفيفة وفرق الصواريخ المضادة للدبابات، مثل تلك التي تسببت في خسائر فادحة للجيش الإسرائيلي في حرب أكتوبر/تشرين الأول عام 1973.
لكن ماذا عن النسخة الجديدة من ميركافا؟
أدخل الجيش الإسرائيلي تحسينات جديدة على الدبابة ميركافا، فالنسخة الرابعة تتضمن برجًا جديدًا مُعادا تصميمه ودرعًا تفاعليًا متفجرًا ودرعًا سلبيًا معياريًا لإصلاح أضرار المعركة بشكل أسرع.
و«ميركافا 4» مزودة بمدفع رئيسي أكبر عيار 120 ملم مع 58 قذيفة، بما في ذلك صاروخ لاهات الموجه المضاد للدبابات، ولديها محرك أكبر بقوة 1500 حصان، مما يرفع نسبة القوة الحصانية إلى الوزن إلى 23.8 إلى واحد، مما جعل الدبابة أسرع.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن ميركافا محمية، بواسطة نظام الحماية النشطة Trophy، الذي يستخدم مجموعة من أجهزة الاستشعار المثبتة على البرج والمقذوفات المتفجرة لإسقاط قذائف دبابات العدو والصواريخ والصواريخ الموجهة المضادة للدبابات.
وتقول «ذا ناشيونال إنترست»، إن ذلك النظام أثبت فعاليته؛ فأنقذ العديد من دبابات ميركافا 4 (وأطقمها) من الأسلحة المضادة للدبابات التي أرسلتها حركة حماس في عملية الجرف الصامد عام 2014 في قطاع غزة.
مظلات مدرعة
ظهرت دبابات ميركافا مؤخرًا، بمظلات معدنية مدرعة فوق أبراجها، كطبقة حماية إضافية من احتمال إصابة الدبابات من أعلى، في حال استخدمت حركة حماس طائرات الدرونز لتنفيذ هجمات مضادة، وفقا لتقرير موقع درايف الأمريكي المختص بالتكنولوجيا.
وشوهدت أولى دبابات ميركافا المُثبت فوقها درع المظلة المعدنية في صور تجمع القوات الإسرائيلية على التخوم الجنوبية لغزة، وهذه الدرع التي تظهر على شكل مظلة في أعلى الدبابة، لا تنتشر بشكل واسع، بل شوهدت على بعض الدبابات فقط، وقد تشير إلى أنها إحدى الأدوات التي يمكن استخدامها لتعزيز حماية الجنود أثناء الهجوم البري في غزة.
وكان الجيش الروسي أول من استخدم هذا النوع من الدروع الإضافية للدبابات والمركبات المدرعة الأخرى، التي يشار إليها غالبا باسم «أقفاص المواجهة»، وساعدت في حماية الدبابات في أوكرانيا من الهجمات القادمة من الجو عبر الطائرات المسيرة.
ووفقا للموقع، فإن الدرع الإضافية الموجودة أعلى الدبابة يمكن أن توفر طبقة إضافية من الحماية لميركافا ضد التهديدات الأخرى من الأعلى، بما في ذلك القنابل اليدوية والعبوات الناسفة الأخرى التي يتم إسقاطها فوق الدبابة من الطوابق العليا للمباني القريبة.
وقد تكون الدروع المثبتة في الأعلى قادرة على مواجهة بعض أسلحة المشاة المضادة للدبابات، مثل القنابل الصاروخية، التي يتم إطلاقها من أعلى أيضا.
هل هناك عيوب؟
رغم تلك المميزات، إلا أن حزب الله اللبناني سبق ودمر بعض دبابات ميركافا من الجيل الرابع، بقذائف آر بي جي سوفيتية الصنع وصواريخ مضادة للدبابات.
فخلال حرب لبنان الثانية عام 2007، واجهت ميركافا 4، انتكاسات، بعد تعرض بعضها لأضرار لا يمكن إصلاحها، مما دفع الجيش الإسرائيلي، إلى نقل ميركافا إلى المستوى الثاني من الوحدات الهجومية.
لا يمكن تدمير ميركافا إلا من الداخل. لكن التكنولوجيا الإسرائيلية لم تكن كافية لإنقاذ حياة الطاقم، بحسب موقع «فرونتير إنديا» الذي قال إنه من المحتمل جدًا أن يكون نظام الحماية النشطة مبالغًا فيه، مما أدى إلى شعور خاطئ بالأمان لدى أفراد الدبابات الإسرائيلية.
aXA6IDMuMTQ5LjIzLjEyNCA= جزيرة ام اند امز