في ذكرى وفاتها.. "سناء جميل" عشقت الفن وعانت فراق الأهل
الحظ ابتسم لسناء جميل عندما اعتذرت فاتن حمامة عن دور "نفيسة" في فيلم "بداية ونهاية"، إذ رشحها المخرج صلاح أبو سيف للدور عام 1960.
حفرت الفنانة سناء جميل اسمها بحروف من ذهب في تاريخ السينما والدراما المصرية، لما كانت تمتلكه من موهبة استثنائية، وقدرة على التنوع، فتارة تجدها امرأة أرستقراطية تتحدث الفرنسية، وأخرى تجسد شخصية سيدة في حارة شعبية.
وُلدت ثريا يوسف عطا لله -الاسم الحقيقي للفنانة الكبيرة الراحلة سناء جميل- في 27 أبريل/نيسان 1930، بمركز ملوي بمحافظة المنيا، وسط أسرة مسيحية.
وأحبت الفن منذ صغرها، لذا التحقت بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وعندما قررت احتراف التمثيل رفضت أسرتها وطردتها من المنزل.
التقت سناء جميل في بداية مشوارها الفني بالفنان المسرحي الكبير زكي طليمات، الذي تحمس لها واختار لها اسمها الفني، وكان من الممكن أن تتراجع عن حلمها وترفع راية الاستسلام سريعاً، لولا ظهور الكاتب لويس جريس في حياتها، فقد أحبها بجنون ودعمها كثيراً.
وساعد "جريس" سناء جميل على الانضمام لفرقة "فتوح نشاطي" المسرحية، والتي قدمت معها عروضا ناجحة، كما قدمت أدواراً متميزة في أفلام حققت ناجحاً كبيراً على شاشة السينما في فترة الخمسينيات، مثل "سلوا قلبي"، و"بشرة خير"، و"حرام عليك"، و"إسماعيل ياسين في متحف الشمع" و"كذبة أبريل".
تزوجت سناء من لويس جريس عام 1961، وعاشت معه في شقة تطل على نهر النيل، بين جدرانها بكت وضحكت كثيراً، ومن حسن حظها أن جمعتها صداقة قوية بالفنانات الكبيرات سميحة أيوب ونعيمة وصفي، وزهرة العلا، وشكّل هذا الثلاثي نقطة تحول قوية في حياتها، فقد تعلمت منهم اللغة العربية الفصحى، ودعمت بذلك موهبتها الفنية.
ولم تقدم جميل دور الفتاة الرومانسية على الشاشة، لكنها قدمت أروع قصة حب في الواقع، فكانت تعشق لويس، وتأخذ رأيه في كل قراراتها، ولم يحدث يوما أن وقع بينهما خلاف، أو شعر أحدهما بالغيرة من الآخر.
وابتسم لها الحظ عندما اعتذرت فاتن حمامة عن دور "نفيسة" في فيلم "بداية ونهاية"، إذ رشحها المخرج صلاح أبوسيف للدور عام 1960، ونال أداؤها إعجاب الجمهور والنقاد.
وانهالت العروض في السينما والتلفزيون بعد ذلك عليها، ولأنها فنانة ذكية، وتمتلك موهبة حقيقية، لم تقدم أعمالاً تخجل منها، وراحت تبحث عن أدوار صعبة.
قدمت جميل عبر مشوارها الفني 70 فيلماً، وشاركت في بطولة 4 أفلام من ضمن أفضل 100 فيلم في ذاكرة السينما المصرية، وهي: "زينب" 1952، و"بداية ونهاية" 1960، و"الزوجة الثانية" 1967 و"المستحيل" 1965.
وعلى شاشة التلفزيون، قدمت 57 مسلسلاً، أبرزها: "الراية البيضا"، و"خالتي صفية والدير"، و"ساكن قصادي" و"أسلاك شائكة".
أما رصيدها في المسرح فلا يتجاوز 10 مسرحيات، أبرزها: "الناس اللي فوق"، و"زهرة الصبار"، و"كباريه".
كما حصلت على وسام العلوم والفنون عام 1967، وتم تكريمها من قبل مهرجان القاهرة السينمائي أكثر من مرة، كما كرمها مهرجان الأفلام الروائية عام 1998.
وفي 22 ديسمبر/كانون الأول 2002، توفيت سناء جميل، بعدما أوصت زوجها الكاتب الكبير لويس جريس بعدم دفنها إلا في حضور أحد أفراد عائلتها التي انقطعت عنها طيلة حياتها.
وتنفيذاً للوصية، قام لويس جريس بنشر نعي في عدد كبير من الصحف باللغة العربية والإنجليزية داخل وخارج مصر، وظل الجثمان لمدة 3 أيام في غرفة نومها، ولم يظهر أحد من أسرتها، فقام بدفنها.