موسكو على البحر المتوسط.. حرب بعيدة تغير معالم مدينة تركية
استقر عشرات الآلاف من الروس والأوكرانيين في أنطاليا، مدينة ساحلية جنوبي تركيا، على أمل تجنب تداعيات الحرب وبدء حياة جديدة.
صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية رصدت انتشار اللغة الروسية واللافتات التي تكتب بالروسية في شوارع المدينة التركية، خاصة أن مساحات العمل وصالونات الشعر وغيرها أصبحت تستخدم تلك اللغة.
أحد بائعي الآيس كريم تحدث عن المدى الذي غيرت به الحرب الأوكرانية الحي الذي يعيش فيه، قائلا: "في المتنزه فاق عدد الروس بوضوح الأتراك، وحتى إنهم دفعوا بأطفالهم على الأراجيح بالملعب، ويجرون اجتماعاتهم عبر الفيديو من على مقاعد الحديقة، ولحسن الحظ يشترون الكثير من الآيس كريم".
وتابع البائع "كان ديفران أوزتورك": "كأننا استيقظنا ذات صباح ولم نعد نسمع أي كلمة تركية، يشعر الأتراك وكأنهم غرباء في بلدهم".
وتسببت الحرب الروسية في أوكرانيا في دفع أعداد كبيرة إلى الهرب، وانتهى المطاف بعشرات الآلاف منهم في هذه المدينة التركية، حيث يستقرون بحياتهم.
وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن من بين هؤلاء أشخاصا فارين من التجنيد، والروس المعارضين، أو من يخشون المشاكل الاقتصادية واستفادوا من الحدود التركية المفتوحة ومتطلبات الإقامة السهلة نسبيا لبدء حياة جديدة في مناخ أكثر دفئا وإشراقا.
ولطالما توافد الروس على شواطئ أنطاليا لقضاء العطلات الصيفية، وعاش بعض الروس هنا على مدار العام، وزاد تدفقهم هذا العام، وكذلك وجودهم في أحياء لم يشاهدوا فيها كثيرا من قبل.
تدفق أعداد كبيرة
ورغم أنهم جاؤوا بالكثير من العملات الأجنبية التي تشتد إليها الحاجة في تركيا، يتذمر جيرانهم الجدد حيال ارتفاع أسعار السكن، ويتساءلون عن المدة التي سيبقون فيها، الأمر الذي قد يغير النسيج الاجتماعي.
ونقلت الصحيفة الأمريكية عن "إسماعيل تشاغلار" رئيس إحدى جمعيات العقارات في أنطاليا قوله: "بما أنهم استقروا وأصبحوا ظاهرين. يجلسون على المقاهي مع أطفالهم. إنهم موجودون بكل مكان".
وأشار إلى أن حجم التدفق لهذا العام تسبب في ارتفاع أسعار المساكن ثلاثة أضعاف، ومكن وسطاء العقارات الروس من فرض رسوم باهظة على ملاك العقارات، لا سيما الروس، والاستغناء عن منافسيهم الأتراك.
وتابع: "يعتقد الناس أنهم سياح وسيعودون بعد الحرب، لا أعتقد ذلك لأن أنطاليا تشبه الجنة حقا، انظر إلى الطقس! أين تجد طقسا مثل ذلك في روسيا؟".
في سبتمبر/أيلول الماضي، قال حاكم محافظة أنطاليا، إن عدد المقيمين الأجانب في دائرته تضاعف في غضون عامين ليصل إلى أكثر من 177 ألفا، وتضمن ذلك أكثر من 50 ألف روسي و18 ألف أوكراني.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني، اشترى الأجانب أكثر من 19 ألف عقار في المنطقة، أعلى رقم في تركيا بعد إسطنبول، التي يزيد عدد سكانها على خمسة أضعاف.
وللحد من تمركزهم، أغلقت السلطات التركية عشرة أحياء في أنطاليا أمام المقيمين الأجانب الجدد، مما دفعهم إلى أجزاء أخرى من المدينة.
وتعكس المعالم الأثرية في أنطاليا والعمارة أكثر من ألفي عام من التاريخ، يوناني، وروماني، وبيزنطي، وعثماني، وغيرها، لكن يغير وجود العديد من الروس المنظر ويجعل بعض المناطق تبدو مثل موسكو على البحر المتوسط.
aXA6IDE4LjIyNC42NS4xOTgg
جزيرة ام اند امز