أنتوني ميلر: COP28 طرح أدوات جديدة للتمويل المناخي.. وتعهداته تعكس نجاحه
قال أنتوني ميلر، إن مؤتمر COP28 قمة ناجحة شهدت عدة إنجازات، مضيفاً أن تعهدات التمويل خطوة في الطريق الصحيح.
وذكر ميلر، المنسق لمبادرة الأمم المتحدة لأسواق الأوراق المالية المستدامة، أن العالم بحاجة إلى تريليونات الدولارات لتحقيق الأهداف المناخية وما زال بعيداً عن هذا المستوى.
وأوضح ميلر في حوار خاص لـ"العين الإخبارية" على هامش مشاركته بمؤتمر الأطراف COP28، أن التمويل مجال واسع وله أنواع مختلفة، مثل التمويل المصرفي وأسواق رأس المال والسندات وغيرها من المشتقات المالية. وأضاف أن التمويل المستدام هو دمج عمليات الاستدامة في أي من هذه الأنواع من أدوات التمويل واتخاذ القرارات الاستثمارية، والتمويل المستدام يتضمن التفكير في المخاطر المناخية، خاصة بالنسبة لأسهم رأس المال. وأشار إلى أنه خلال مؤتمر "COP28" تمت مناقشة أسواق الكربون وأسواق الكربون الطوعية، وهي أدوات جديدة، بالإضافة إلى السندات الخضراء والصكوك الخضراء التي تحظى بشعبية كبيرة حول العالم.
- عضو الوفد التفاوضي للسودان: صندوق المناخ العالمي أهم إنجازات COP28
- COP28.. مبادرات تعزز الوعي البيئي وترسخ مجتمعات مستدامة
وذكر أن ما يميز سوق الأموال المستدامة عن السوق المالية التقليدية هو دمج عوامل الاستدامة مثل المناخ.
إلى نص الحوار:
في البداية، اسمح لي أن أطلب منك أن تشرح لنا بمصطلحات بسيطة، إن أمكن، ما هو التمويل المستدام؟ وكيف يختلف عن التمويل التقليدي؟
التمويل هو مجال واسع بكل تأكيد. فهناك الكثير من أنواع التمويل المختلفة، مثل التمويل المصرفي وأسواق رأس المال والسندات والأسهم وغيرها من المشتقات المالية. وبطريقة مختصرة وبسيطة، فإن التمويل المستدام هو دمج عوامل الاستدامة في أيٍ من هذه الأنواع من أدوات التمويل للبنوك واتخاذ القرارات الاستثمارية. وعندما أقول عوامل الاستدامة، فلا بد أن نفكر في العوامل المؤثرة على المناخ، خاصة ونحن نشارك في مؤتمر الأطراف COP28.
لذلك يمكننا التفكير في مخاطر المناخ وخاصة بالنسبة لأسهم رأس المال. فإذا تطرقنا إلى صناعات معينة، فعلينا أن نفكر في حجم الانبعاثات الناتجة عنها وكيف سيكون الوضع بعد عشر سنوات أو 20 عاماً من الآن، أعتقد هذه قضية مهمة. ولكن هناك أيضا أشياء جديدة. لقد أجرينا مناقشات اليوم حول أسواق الكربون. وأسواق الكربون الطوعية، والامتثال للسياسات.
وهذه أدوات جديدة مثل أسواق السندات، والسندات الخضراء، وهناك أيضـًا الصكوك الخضراء التي تحظى بشعبية كبيرة في هذا الجزء من العالم. لذلك هناك عدد من الأدوات المختلفة. الشيء الرئيسي الذي يميز هذا عن السوق المالية التقليدية، هو دمج عوامل الاستدامة مثل المناخ.
ما هي أهمية تحقيق الأهداف المتعلقة بالمناخ والتنمية المستدامة؟
حسناً، أعتقد أن الأمر المهم هنا هو قدرة البشر على البقاء. لذلك عندما يتعلق الأمر بالمناخ، فإن هذا هو التحدي الأكبر للبشرية في القرن الـ21. ويجب علينا جميعاً أن نتكاتف معًا في جميع أنحاء العالم لمكافحة تغير المناخ، لتغيير مجتمعاتنا حتى نصل إلى نقطة يكون لدينا فيها صافي انبعاثات صفرية عبر الاقتصادات.
بالإضافة إلى ذلك هناك أهداف التنمية المستدامة التي تتضمن عددًا من العوامل الأخرى. المناخ أمر بالغ الأهمية لبقائنا، ولكن هناك الكثير من الأشياء الأخرى التي يجب أن نعالجها أيضا ضمن أهداف التنمية المستدامة هذه، مثل الحد من الفقر، والمساواة بين الجنسين، والصحة والرعاية الاجتماعية، وما إلى ذلك.
قلت ذات مرة إن إذا لم تستثمر في أفريقيا، فأنت لا تستثمر في التنمية المستدامة.. هل يمكنك توضيح ماذا يعني ذلك من فضلك؟
حسناً، ما قصدته بذلك هو أن أقل البلدان نمواً في العالم، يقع غالبيتها في قارة أفريقيا. ويشكل التخفيف من حدة الفقر عنصرًا هامـًا ضمن أهداف التنمية المستدامة.
أحد التحديات التي تواجه التمويل المستدام هو أن الكثير من هذه الأموال محاصرة ومجمعة داخل صناديق ذات رؤوس الأموال الضخمة، وعلى سبيل المثال في أمريكا الشمالية أو في أوروبا. ونحن بحاجة إلى تسهيل تدفق الأموال من هذه الصناديق، ومن أسواق الدول ذات الدخل المرتفع، إلى أسواق الدول ذات الدخل المنخفض لتمويل تنميتها المستدامة. وفي سياق مؤتمر الأطراف COP28، فهذا يعني أيضاً تمويل المناخ لإنشاء البنية التحتية اللازمة لكي يكون لدى هذه الدول طاقة نظيفة بالإضافة إلى القدرة على التكيف مع التغيرات البيئية.
هل لديك أي فكرة عن مقدار الأموال التي يحتاجها العالم سنوياً لتحقيق أهداف التنمية المستدامة؟
يمكنني أن أقترح رقمـًا، وسيكون ضخمـًا للغاية لدرجة لا يمكن تخيلها. نحن نتحدث عن تريليونات الدولارات، وهذا أمر تتتبعه الأونكتاد وتراقب استثماره في أهداف التنمية المستدامة. إنه أمر يحتاج إلى تريليونات الدولارات. ونحن لسنا قريبين من تحقيق الهدف اللازم، لذلك نحن بحاجة إلى إحداث تغيير كبير حقـًا لمضاعفة حجم ما نقوم به الآن على الأقل.
هل يمكنكم معالجة نقص التمويل لدعم مشروعات التكيف مع المناخ في البلدان النامية؟ هل لديكم دور في ذلك؟
إذا كنتِ تتحدثين عن التكيف مقابل التخفيف من تداعيات تغير المناخ، فإن التخفيف هو بالطبع خفض الانبعاثات وهو أول شيء يخطر ببال الكثير من الناس عندما يفكرون بشأن المناخ.
عندما تكون في مأزق، فإن أول شيء عليك القيام به هو التوقف عن جعل الوضع يزداد سوءًا. لذا فإن أول شيء يتعين علينا القيام به لمكافحة تغير المناخ هو القضاء على الانبعاثات الضارة التي تنتجها جميع اقتصاداتنا للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية. هذا هو المجال الذي يجب أن نخصص له الكثير من التمويل في المقام الأول.
التكيف أمر بالغ الأهمية لأنه حتى لو قمنا بتحقيق صافي انبعاثات صفري اليوم، فإننا بالفعل نشهد في الوقت الحالي احترارًا عالميـًا يتجاوز درجة مئوية وهو تغير له تداعيات على كوكبنا. ونحن نرى ذلك يحدث في عالمنا الآن، من ذوبان القمم الجليدية واضطراب في أنماط الطقس ويؤثر هذا على الثروة الحيوانية والزراعة، والإنتاج الزراعي، وسبل عيش الناس، وغيرها من الظواهر الجوية المتطرفة.
لذلك هناك حاجة لمزيد من تمويل عملية التكيف لمساعدة الناس على الصمود وتحمل التغييرات أحدثناها بالفعل في المناخ.
وماذا عن خططك وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) في الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف؟
تشارك الأونكتاد في COP28، وأعمل مع مبادرة البورصات المستدامة، التي تنظمها بالطبع الأونكتاد، والميثاق العالمي للأمم المتحدة، ومبادرة الاستثمار المسؤول، ومبادرة التمويل لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة.
لدينا حدثان في يوم التمويل. لذلك نحن نعمل على وجه التحديد مع البورصات، ونركز على الأسواق العامة، رغم أن هذا لا يمثل عالم التمويل ككل، ولكن هذا هو الجزء الذي نركز عليه.
في الحدثين يجتمع قادة أسواق رأس المال من جميع أنحاء العالم، ومنظمو أسواق الأوراق المالية، والرؤساء التنفيذيون للبورصات الموجودون هنا لتقديم مقترحاتهم حول كيفية تعزيز التمويل المستدام في أسواقهم، وخاصة تمويل المناخ.
ما هي الاستراتيجية التي يتم مناقشتها لتعزيز الشفافية والمساءلة في استخدام التمويل المناخي ومواقعه؟
أحد التطورات الرئيسية التي شهدناها منذ مؤتمر الأطراف الماضي (في شرم الشيخ) هو تطوير معيار عالمي جديد بشأن إفصاح الشركات عن ممارساتها المتعلقة بالمناخ، وهذا يأتي من خلال مؤسسة المعايير الدولية لإعداد التقارير المالية، التي تصدر معايير التقارير المالية التي تستخدمها جميع الشركات في جميع أنحاء العالم.
وهم يعدون الآن معيارًا للإفصاح عن الممارسات المتعلقة بالمناخ. لذلك شاركوا معنا في حدثنا. نحن بصدد إطلاق برامج تدريبية، والعمل مع الأسواق المالية في جميع أنحاء العالم لتثقيفها حول كيفية تنفيذ هذه المعايير.
هذا أمر بالغ الأهمية حتى يتمكن المستثمرون والمشاركون الآخرون في السوق، وكذلك الشركات نفسها، من اتخاذ قرارات أفضل بشأن استثماراتهم.
وأعني استثمارات المستثمرين في الشركة، وأيضًا الشركة نفسها، وكيفية توزيع رأسمالها. وينبغي أن نكون واضحين جدا بشأن التحدي الذي يواجهنا.
نحن أمام لحظة تاريخية يمكن اعتبارها بمثابة مرحلة تصفية كبرى، ولا يستطيع الجميع تخطيها. هل تتذكرون الوقت الذي ظهر فيه التصوير الرقمي، وما حدث مع أكبر شركات صناعة الأفلام التي اعتدنا شراء أفلامها في شرائط للفيديو.
تخيلوا أننا في عام 1995 حيث نعتقد أن هذه شركة رائعة، ولن تتوقف أبدًا عن العمل، وستظل موجودة في السوق إلى الأبد. ولكن بحلول عام 2005، أصبح الجميع خارج سوق العمل. لذلك من الآن وحتى عام 2035، هل ستتمكن شركاتنا من التكيف مع بيئة ذات صافي انبعاثات صفرية، والتكيف مع أزمة المناخ والتحدي المناخي للقرن الـ21. أم أنهم لن يتمكنوا من ذلك؟ لذا فإن هذا النوع من المعلومات والتقارير أمر بالغ الأهمية للمستثمرين، ولكن أيضًا لإدارتهم الداخلية لتقرر إذا كانت تتبع نهجـًا صحيحـًا أم لا.
ما هي التحديات الرئيسية التي تواجهونها في هذا؟
أعتقد أن ذلك يعتمد على الصناعة. تواجه بعض الصناعات تحديات أكثر من غيرها، بعض الصناعات تجد صعوبات أكثر في الحد من الانبعاثات، وأعني صناعة الأسمنت والصلب، لأن هذه صناعات سيئة السمعة في هذا الاتجاه، لكن هذه طبيعة المنتجات. وأعتقد أنه بالنسبة لكثير من الصناعات الأخرى، فإن الأمر بسيط ويتمثل في مدى إمكانية جعل كل شيء يعمل بالكهرباء، إذا تمكنا من القيام بذلك فإنه يمكننا إنتاج تلك الكهرباء من موارد نظيفة ومتجددة، ونستطيع حينها التكيف والنجاح وتفادي عملية التصفية.
أطلق الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، صندوق بقيمة 30 مليار دولار للحلول المناخية.. كيف يساهم الصندوق في تحقيق أهداف التنمية المستدامة؟
في عالم التمويل، هناك أبعاد متعددة للتمويل، وهناك دائمًا المزيد من الموارد اللازمة. لذا فإن أي أموال جديدة يتم المساهمة بها هي خطوة في الاتجاه الصحيح.
الأمر الثاني هو أننا يجب علينا أن نولي اهتمامـًا بالتحول العادل في مجال الطاقة، وهذا مفهوم رئيسي يناقشه المشاركون في مؤتمر الأطراف ويتعلق بأن العديد من البلدان النامية، لم تساهم في التلوث الكبير لغلافنا الجوي، ومع ذلك ستتحمل الكثير من عبء الانتقال إلى هدف صافي الانبعاثات الصفرية.
لذلك يحتاجون إلى مساعدة خاصة لدعمهم في الانتقال إلى مصادر جديدة للطاقة النظيفة. لذا فإن أي أموال يمكن أن تساعد في المساهمة في هذا الانتقال العادل للطاقة النظيفة، وهذا أيضـًا أمر مهم.
aXA6IDE4LjE4OC45Ni4xNyA= جزيرة ام اند امز