المسجد الأقصى.. كل ما تريد معرفته عن أولى القبلتين وثالث الحرمين
يحظى المسجد الأقصى بأهمية خاصة لدى المسلمين نظرا لمكانته الدينية كونه أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وثاني مسجد بني في الإسلام بعد المسجد الحرام.
مم يتكون المسجد الأقصى؟
يقع المسجد الأقصى على مساحة 144 دونما (الدونم ألف متر مربع) وبه 5 مصليات مفتوحة وهي المصلى القبلي المسقوف والأقصى القديم والمرواني وقبة الصخرة إضافة الى مصلى باب الرحمة.
وللمسجد 15 بابا تاريخيا منها 10 أبواب مفتوحة أمام المصلين بينها باب المغاربة الذي يقتحم متطرفون المسجد من خلاله منذ العام 2003 في كل أيام الأسبوع ما عدا يومي الجمعة والسبت.
وتقع جميع البوابات المفتوحة في الجهتين الشمالية والغربية للمسجد وهي: الأسباط، حطة، الملك فيصل، الغوانمة، الناظر، الحديد، القطانين، المظهرة، السلسلة والمغاربة.
أما الأبواب المغلقة فتقع في الجهتين الجنوبية والشرقية للمسجد وهي: المنفرد، الثلاثي، المزدوج، الرحمة والجنائز.
وللمسجد 4 مآذن وهي: المغاربة، الغوانمة، السلسلة والأسباط ويمكن سماع نداءات الصلاة عبرها في البلدة القديمة والأحياء الفلسطينية المحيطة.
وتشكل مساحة المسجد الأقصى سدس مساحة البلدة القديمة في مدينة القدس الشرقية.
ويقع المسجد الأقصى تحت إدارة دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، التابعة لوزارة الأوقاف الأردنية.
ويشير الصندوق الهاشمي لإعمار المسجد الأقصى المبارك وقبة الصخرة المشرفة في كتيب تم إعداده بالتعاون مع دائرة الأوقاف والشؤون المقدسات الإسلامية بالقدس والجمعية الفلسطينية الأكاديمية للشؤون الدولية إلى وجود 126 معلما في المسجد الأقصى بما يشمل المساجد والقباب والمآذن والبوائك والمدارس والأروقة والأبواب والمنابر والمصاطب ومصادر المياه وحائط البراق والمتحف الإسلامي.
وبحسب الكتيب، الذي اطلعت عليه "العين الإخبارية فإن المسجد الأقصى/ الحرم القدسي الشريف يقع في الزاوية الجنوبية الشرقية من البلدة القديمة ويضم كافة الساحات والمساجد والمصليات الواقعة فوق الأرض وتحت الأرض والمآذن والمصاطب والقباب والمدارس والأبنية والأروقة والمرافق والأبواب والأسوار المحيطة بالساحة المفتوحة للمسجد الأقصى من الجهات الأربع مع ما يرافقها من مرافق.
ويقدر عدد المباني بمائتي أثر معماري من حقب إسلامية مختلفة، وتبلغ مساحة المسجد الأقصى ما يقارب 144 دونما، ويعتقد كثير من المسلمين أن الصخرة المشرفة هي أقدس مكان بالمسجد، وذلك لكثرة الروايات التي تبين أنها المكان الذي عرج بالنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) إلى السماوات ليلة الإسراء والمعراج التي جاءت في القرآن الكريم.
ونوه الكتيب إلى أن كافة الساحات والأبنية الواقعة في حدود المسجد الأقصى لها نفس القداسة والمكانة في العقيدة الإسلامية، وذلك لوجودها ضمن فضاء المسجد فتأخذ حكمه، وكل جزء من المسجد الأقصى له نفس الفضيلة.
ولا تنحصر القداسة فقط في أماكن العبادة المغلقة أو المسقوفة كالمسجد القبلي ومسجد قبة الصخرة على سبيل المثال لا الحصر، وسيان ما كان منها فوق سطح الأرض مثل قبة الصخرة أو تحت الأرض مثل المصلى المرواني، فالمعتكف في المسجد الأقصى يظل حكمه حكم المعتكف وإن كان في ساحات المسجد المفتوحة، فالعبرة هنا بالأرض ( المكان) سواء كانت مسقوفة أو مظللة أو مفتوحة، بحسب ما ورد في الكتيب.
المسجد القبلي المسقوف
المؤرخ د.محمد غوشه قال في كتابه "تاريخ المسجد الأقصى": "يقع المسجد الأقصى المسقوف في جنوب المسجد الأقصى، أنشأه الخليفة الأموي الوليد غبن عبد الملك بن مروان في الفترة ما بين 90 -96 هجرية (709-714 ميلادية)".
وأضاف: "يتألف المسجد الأقصى من بناء مستطيل الشكل، يتوسطه رواق كبير يصل مباشرة الى القبة، ويحيطه من الشرق ثلاثة أروقة ومن الغرب ثلاثة أروقة، ويبلغ طوله من الشمال الى الجنوب 80 مترا وعرضه من الشرق الى الغرب 55 مترا".
وتابع: "جدد العباسيون المسجد الأقصى المسقوف في خلافة الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور (136 هجرية/ 754 ميلادية- 158 هجرية/775 ميلادية)، ثم تعرض بعد ذلك مباشرة الى هزة أرضية عنيفة تدمر بسببها بناء المسجد مما حث الخليفة المهدي على القيام بإعادة بناء ما تهدم سنة 163 هجرية/780 ميلادية".
وأشار د.غوشه إلى أنه: "دمرت هزة أرضية عنيفة أخرى وقعت في سنة 425 هجرية/1033 ميلادية أجزاء عديدة من المسجد الأقصى المسقوف بحيث تضرر بناء الرواق الذي أنشأه عبد الله بن طاهر والذي كساه الملك المعظم عيسى في العصر الأيوبي بواجهة المسجد الشمالية، فأمر الخليفة الفاطمي الظاهر لإعزاز دين الله بترميمه في سنة 436 هجرية/1034 ميلادية".
وقام الخليفة الفاطمي المستنصر بالله بتجديد الواجهة الشمالية للمسجد الأقصى المسقوف سنة 458 هجرية/1066 ميلادية، بحسب غوشه.
وأعاد الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب معالم المسجد الأقصى المسقوف إلى طابعه الإسلامي القديم بعد أن فتح الله على يديه بيت المقدس، ومن جملة أعماله الشروع في ترميم المسجد وتجديد وزخرفة المحراب.
واهتم المماليك- بحسب غوشه- بتجديد وعمارة المسجد الأقصى المسقوف، فقد جدد السلطان المنصور سيف الدين قلاوون سقف المسجد بالقرب من جامع الأنبياء في سنة 686 هجرية/1287 ميلادية، ثم جدد الناصر محمد بن قلاوون قبة المسجد الأقصى وزخرفها من الداخل بالفسيفساء.
سبب التسمية
تنزلت تسمية المسجد الأقصى بهذا الاسم حرفياً في القرآن الكريم بالآية الأولى من سورة الإسراء.
ويقول الصندوق الهاشمي لإعمار المسجد الأقصى في كتيبه: "الأقصى تعني حرفيا الأبعد، وتسمية المسجد الأقصى تعني المسجد الأبعد عن مكة المكرمة زمن تنزل الوحي على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وكلمة الأقصى في اللغة قد تأخذ بعد مكانة إضافة إلى بعد المكان وبهذا يكون المسجد الأقصى هو المسجد صاحب المكانة المقدسة وهذا أقرب عقديا من التفسير الذي يقصره على بعد المكان".
ولفت إلى أنه "تتمتع ثلاثة مساجد في الإسلام بقدسية ومكانة خاصة كما ورد في الحديث الشريف، فعن النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، ومسجد الحرام، ومسجد الأقصى".
وقال: "والمسجد الأقصى هو أولى القبلتين وثاني المسجدين، فقد كان ثاني مسجد وضع في الأرض بعد الكعبة المشرفة في مكة المكرمة".
3 مستويات بناء للمسجد
وبحسب الصندوق الهاشمي فإن للمسجد الأقصى 3 مستويات بناء، وقال: "المستوى الأرضي تحت سطح الحرم الشريف، ويضم آبارا وقنوات للمياه وبعض المباني المغلقة بالأتربة. ويضم هذا المستوى المسجد المرواني (إلى الشرق من الجامع الأقصى) ومصلى البراق ومصلى الاقصى القديم (الواقع تحت أساسات المسجد القبلي) ومصلى باب الرحمة خلف باب التوبة وباب الرحمة (ويسمى بالباب الذهبي)".وأضاف: "المستوى الأول ويضم المسجد القبلي (الجامع الاقصى) والساحة الرئيسية والبوابات المفتوحة والأروقة، ومجموعة كبيرة من المصاطب والآبار والأسبلة والأبنية".
الفرق بين المسجد الأقصى وقبة الصخرة
قبة الصخرة هي قبة مذهبة نصف كروية الشكل وتغطيها صفائح النحاس المطلي بالذهب ويعلوها هلال ذهبي، وهي تحفة فنية من داخلها وخارجها.
وتعتبر هذه القبة من أقدم معالم العمارة الإسلامية وتقع على أعلى بقعة من ساحة المسجد الأقصى المبارك وقد بناها الخليفة عبد الملك بن مروان خلال الفترة (69هـ/688م) – (72هـ/691م) فوق ما يعتقد أنها صخرة المعراج المشرفة.
وبنيت القبة في وسط ساحة مكشوفة ترتفع عن مستوى أرضية الجامع الأقصى أربعة أمتار تقريباً ويمكن العبور إليها من خلال ثمانية بوائك وظيفتها تجميل وتعظيم الصعود لمسجد الصخرة المشرفة.
أما عن هيكل القبة ومساحتها فهي تقع في أعلى مركز بناء ثماني الشكل يبلغ طول ضلعه (20،59م) وارتفاعه (9.5م) وترتكز على رقبة دائرية يزينها من الخارج القاشاني الذي يحمل زخارف كتابية لآيات سورة الإسراء، ولها أربعة أبواب.
ولقبة الصخرة "ست عشرة نافذة زينت بالزخارف الجصية والزجاج الملون، وهذه الزخارف كتابية وهندسية ونباتية". ومصلى قبة الصخرة هو أحد أجزاء المسجد الأقصى.
وبشأن صخرة المعراج المشرفة، قال الصندوق الهاشمي لإعمار المسجد الأقصى: "هي صخرة طبيعية غير منتظمة الشكل يوجد أسفلها کهف صغير فيه محرابان أحدهما مسطح وآخر مجوف يطلق عليه مصلی الأنبياء، ويقوم العديد من المسلمين بالصلاة داخل الكهف لاعتقادهم أن له زيادة في الفضل، ويعتقد كثير من المسلمين أن هذه الصخرة التي عرج منها النبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء".
وأشار الى اهتمام المسلمين في الحقب المختلفة بترميم قبة الصخرة بما فيها عهد الأمويين وعهد العباسيين وعهد الفاطميين والمماليك والعثمانيين والهاشميين.
إحراق المسجد الأقصى
في 21 آب/أغسطس 1969، أقدم اليهودي المتطرف مايكل دينس روهان على إشعال النار عمدا في المصلى القبلي، فأتت النيران على أجزاء واسعة من واجهته بما فيها منبر نور الدين زنكي المعروف باسم منبر "صلاح الدين" ومحراب المسجد وسقفه وسجاده.
وتظهر صور نادرة لتلك الحادثة فلسطينيين وهم يستخدمون السلالم للوصول إلى سطح المسجد، مشكلين سلسلة بشرية لنقل المياه من آبار المسجد.
ودمر الحريق أكثر من ربع المسجد الأقصى وما فيه من فسيفساء أثرية ورسوم نادرة على أسقفه الخشبية وسجاده الفارسي، بحسب دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس.
ونجحت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، على مدى سنوات طويلة، في ترميم ما تسبب به الحريق رغم المعوقات الإسرائيلية.
وما زالت بعض الأجزاء المحروقة المتبقية من منبر "صلاح الدين" موجودة في متحف المسجد، وقد تم في العام 2007 إعادة تركيب منبر مطابق للمنبر الأصلي بكافة مواصفاته وتفاصيله.