هل تشهد السياسة الخارجية لإيران تغييرا مع بزشكيان؟.. خبراء عرب يتحدثون لـ«العين الإخبارية»
نجح الجراح الإصلاحي مسعود بزشكيان في استمالة قلوب الإيرانيين، واجتاز 4 من صقور المحافظين في طريقه للقصر الرئاسي، لكن ماذا بعد؟
تحت مجهر الخبراء العرب وضعت "العين الإخبارية" بزشكيان، الذي تنتظره ملفات ساخنة أو عاجلة على الصعيدين الداخلي والخارجي، فهل يمكنه ببرودة أعصاب الجراح أن يعالج لحظة دقيقة تفرض نفسها على المشهد في الشرق الأوسط؟
وأعلنت وزارة الداخلية الإيرانية، السبت، فوز بزشكيان في الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة الإيرانية.
ووفقا لما أعلنه المتحدث باسم لجنة الانتخابات في إيران محسن إسلامي، حصل مسعود بزشكيان على 16 مليونا و384 ألفا و403 أصوات، فيما حصل منافسه سعيد جليلي على 13 مليونا و538 ألفا و179 صوتا، بعد فرز 30 مليونا و530 ألفا و157 صوتا من مراكز الاقتراع في البلاد وخارجها.
هل يقدر؟
الدكتور وجدان عبدالرحمن، الخبير في الشأن الإيراني المقيم في بريطانيا، يرى في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، محدودية أدوات بزشكيان لإحداث تغيير حقيقي.
وقال عبدالرحمن "وفقا للمادة 110 من الدستور سينفذ (بزشكيان) سياسات المرشد الإيراني (علي خامنئي)، ولن يكون بمقدوره رسم سياسات البلاد الداخلية أو الخارجية.. يمكن اعتباره مكبل اليدين".
ومن العوامل الأخرى التي ستسهم في "تكبيل يد الرئيس"، وفقا للخبير الإيراني، وجود برلمان تسيطر عليه أغلبية متشددة من الأصوليين، دون أن يظفر بدعم مؤسسات قوية، سواء من الحرس الثوري أو الحوزات الدينية".
ورسم عبدالرحمن أبرز تحديات الرئيس الجديد، قائلا إنه "على الصعيد الداخلي يواجه الرئيس الكثير من التحديات، من بينها مسألة الحريات، بعد أن وعد بتطوير شبكة الإنترنت وتخفيف القيود المفروضة عليه، وهو أمر صعب في ظل النظام المتشدد الحالي.
وتابع: هناك وعود قطعها الرئيس على نفسه، أبرزها وعده بإعطاء بعض الامتيازات للأقليات في إيران التي تعاني من التهميش، هل هو قادر على فعل ذلك؟
وعلى الصعيد الخارجي، أشار الخبير الإيراني إلى أن هناك ملفات أساسية، في مقدمتها الملف النووي، الملف الذي يضغط على طهران بشكل كبير، ولكي يحلحل الملف عليه أن يقدم تنازلات لصالح الغرب والولايات المتحدة، وهو أمر لا يبدو أن الأصوليين على استعداد لابتلاعه.
كما سيكون على بزشكيان مواجهة خطوات بدأت دول أوروبية تتخذها حيال الحرس الثوري، بإدراجه على قائمة الإرهاب، وهو ما يحجم بشكل كبير قدرته على تحسين العلاقات بين النظام والغرب، ويفاقم من العزلة الدولية لطهران.
ولم تخرج قراءة الدكتور بشير عبدالفتاح، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، مقره القاهرة، عما قاله عبدالرحمن بشأن استقلالية قرار الرئيس الجديد.
ويقول عبدالفتاح، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، إن رئيس إيران الجديد سيكون أمامه تحديات عديدة، وفي مقدمتها طبيعة النظام السياسي الإيراني، والدستور الذي يحجم سلطات رئيس الدولة، مقارنة بالمرشد.
حيز محدود للمناورة
لذا -يضيف عبدالفتاح- فإن "حيز الحركة سيكون محدودا على الصعيدين الداخلي والخارجي، وستصطدم الوعود التي قدمها للناخبين، فيما يخص توسيع الحريات والتصالح مع الغرب، وإنهاء العقوبات، بإرادة المرشد الذي لا يريد انفتاحا داخليا واسعا، ولا يريد أيضا تقديم تنازلات للغرب".
كما أكد المحلل السياسي السعودي الدكتور مبارك آل عاتي، في حديث خاص لـ"العين الإخبارية"، أن كل القرارات المصيرية تترسخ في يد المرشد خامنئي، وعلى صعيد الوضع الخارجي لا يبدو لأن لدى بزشكيان الكثير من الانتقادات للممارسات الإيرانية بالمنطقة، فرغم انتمائه للاعتدال فإنه يعتبر من المؤيدين لأنشطة الحرس الثوري المثيرة للقلق.
ويعتبر آل عاتي أن فوز بزشكيان جاء وإيران تواجه عزلة دولية متزايدة، وسخطاً داخلياً، واقتصاداً متدهوراً، واحتمال نشوب صراع مباشر مع إسرائيل، إذ يتسلم منصبه في لحظة حساسة يشهدها الشرق الأوسط بسبب تداعيات ونتائج الحرب بين إسرائيل وحماس، إضافة إلى ترقب العالم لإرهاصات الانتخابات الأمريكية وتأثيراتها على مستقبل البرنامج النووي الذي يرفضه المرشح الجمهوري دونالد ترامب تماما.
كما يتفق مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق حسين هريدي، مع الاعتقاد بمحدودية قدرة بزشكيان على التأثير في العلاقات الإيرانية الخارجية.
وقال لـ"العين الإخبارية" إن المسؤول الأول عن التوجهات الأساسية في السياسة الخارجية هو المرشد الأعلى، لهذا فإن قدرته على تغيير التوجهات الأساسية للسياسة الخارجية الإيرانية محدودة".
وفي اعتقاد هريدي، يتمثل التحدي الأكبر في ترجمة الرئيس الإيراني الجديد العملية لتصريحاته الخاصة بالانفتاح على الغرب، وإقناع تلك القوى بوجود تغير أساسي في السياسة الخارجية الإيرانية.
خطة خامنئي؟
ورغم الاتفاق بشأن محدودية تأثيره يعتقد المحلل السياسي السعودي آل عاتي أن بزشكيان ربما يمنح زخما يمهد الطريق لتخفيف الاحتقان في العلاقات الإيرانية الغربية، لكن تأثيره ربما أهم في تعبيد طريق عودة العلاقات لطبيعتها مع المحيط الإقليمي.
وأشار آل عاتي لتصريحات بزشكيان التي قال فيها عقب إعلان فوزه إنه سيمد "يد الصداقة للجميع ودعا إلى علاقات بنّاءة مع الولايات المتّحدة والدول الأوروبية من أجل إخراج إيران من عزلتها".
كما أشار الخبير المصري بشير عبدالفتاح إلى فرصة للتغيير إذا كان المرشد لديه رغبة في استغلال وصول مسعود بزشكيان، لتقديم تنازلات وإحداث بعض التغيير في السياسة الإيرانية، وتوسيع مساحة الحريات بشكل محدود لامتصاص غضب الجماهير.
ولم يستبعد الدبلوماسي المصري السابق حسين هريدي وجود تأثير إيجابي لوصول بزشكيان قد يسهم في تخفيف حدة التوتر السائد الآن في الشرق الأوسط.
aXA6IDE4LjIyNi4yMDAuMTgwIA== جزيرة ام اند امز