الزعيم "العاشق".. زواج تحت الإقامة الجبرية
كان رئيسا وكانت من أشرس معارضيه، ومع ذلك وقع في غرامها لكنهما لم يتزوجا إلا بعد إزاحته من الحكم وكان قيد الإقامة الجبرية.
قصة غرام أول رئيس للجزائر المستقلة، الراحل أحمد بن بلة، تبدو شبيهة بأفلام السينما، فذاك الرجل الصارم عشق صحفية معارضة لنظامه، وتزوجها في ظروف استثنائية لا تخطر على بال.
ففي عام 1971، توقفت سيارة سوداء اللون أمام مبنى عمارة وسط شوارع العاصمة الجزائرية، وبعد دقيقة نزلت منها عناصر من المخابرات السرية، بعضهم أسرع ليحرس مدخل المبني فيما صعد الباقي الدرج متجهين إلى أحد الطوابق العليا.
مرت دقائق ثقيلة قبل أن ينزل رجال الأمن ومعهم فتاة ترتدي فستان زفاف أبيض اللون، توجهت مباشرة نحو السيارة وقبل أن تخفض رأسها للصعود، رفعت أنظارها إلى الأعلى تودع بابتسامة تغمرها الدموع أشخاصا كانوا يلوحون لها بحرارة.
كان ذلك موكب أغرب زفاف تشهده الجزائر تكفلت به المخابرات السرية في عهد حكم الرئيس هواري بومدين، حيث زفت زهرة سلامي لأحمد بن بلة الذي كان حينها قيد الإقامة الجبرية بعد الإطاحة به.
أول مرة
يقول بن بلة في مقابلة متلفزة متحدثا عن بداية قصة غرامه: "كنت ذات يوم أقوم بجولة في الجزائر العاصمة، فمررت على مقر الجريدة الرسمية، وشاهدت الجميع يصفق ويرقص ترحيبا بي ما عدا هي".
صفق له الجميع إلا امرأة واحدة التصقت صورتها بذهنه. كانت زهرة سلامي، فتاة من أب جزائري من أصول مدينة المسيلة ومناضل في فيدرالية فرنسا لجبهة التحرير الوطني، وأم فرنسية.
نشأت زهرة وترعرعت في فرنسا، لكن بعد الاستقلال، انتقلت عائلتها إلى الجزائر العاصمة، وفي السنوات الأولى للاستقلال، كانت من مناضلي اليسار وعرفت بتعاطفها مع الحركات الثورية العالمية وكل التنظيمات اليسارية والشيوعية المناهضة للإمبريالية والعنصرية.
لاحقا، انضمت زهرة إلى صحيفة أسبوعية تحمل اسم"الثورة الأفريقية" الناطقة باللغة الفرنسية، كما تخصصت في الحركات التحريرية في كل من أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.
أجرت حوارات ولقاءات مع قادة الثوار والحركات ضد الإمبريالية وضد العنصرية، وفي تلك الصحيفة التقت بن بلة لأول مرة وكان ضمن مقابلة صحفية، وكان هو رئيسا.
لكن صفته تلك لم تشفع له بنظر زهرة التي أمطرته بأسئلة مستفزة وحادة أرهقته، وكانت تعتقد أنه ارتد عن الثورة الثقافية.
في غضون ذلك، كانت والدة بن بلة تبحث عن عروس لابنها وأصرت عليه أن يتزوج قبل أن تفارق الحياة، وقدمت له صورة فتاة تدعى "زهرة"، كانت تعمل صحفية.
خفق قلبه للصورة لكن خاب أمله حين اكتشف لاحقا أنها معارضة، غير أن لهيب المشاعر أذاب كل الجليد، وإن لم يتم الزواج إلا حين كان تحت الإقامة الجبرية عقب إزاحته من السلطة.
aXA6IDE4LjIyNC41Ni4xMjcg
جزيرة ام اند امز