جناح طائرة المقداد يحرك أمواج التقارب.. طريق "بيت العرب" يمر بالقاهرة
طوت طائرة وزير الخارجية السوري فيصل المقداد 12 عاما من القطيعة، حين هبطت في القاهرة السبت الماضي، لتحرك بجناحيها أمواج التقارب.
وحط المقداد السبت في مطار القاهرة، بعد 12 عاماً على آخر زيارة رسمية قام بها وزير خارجية سوري إلى مصر، وبعد نحو شهر من زيارة مماثلة قام بها وزير الخارجية المصري سامح شكري إلى دمشق، والتي كانت بدورها الأولى منذ سنوات.
وجاءت زيارة الوزير السوري وسط تواتر التحركات العربية تجاه سوريا والتي بدأتها دولة الإمارات العربية المتحدة منذ عام 2018، وتبعتها دول عربية أخرى كان آخرها مصر، وحملت عدداً من الدلالات والعناوين.
ويشكل العنوان العربي العريض وعودة سوريا للجامعة العربية أحد أبرز هذه الدلالات والعناوين، والتي أخذت بالضرورة حيزها الكبير من المناقشات التي جمعت المقداد وشكري، سواء في مباحثاتهما المغلقة أو المناقشات المفتوحة التي حضرها أعضاء الوفدين.
خطوة على الطريق
ولا يمكن فصل الخطوات الرسمية السورية والمصرية عن مسارات الحوار في المنطقة، وفقاً لمصادر تحدثت لـ"العين الإخبارية"، حيث تٌحضر الأردن لإطلاق مبادرتها التي أعطتها صبغة عربية لحل الأزمة السورية وفق تعبير وزير خارجيتها أيمن الصفدي.
وكذلك تتحضر السعودية لإعادة افتتاح قنصليتها في سوريا وعودة الخدمات القنصلية بين البلدين، وما سيعنيه لاحقاً من تداعيات سياسية تعيد مسار العلاقات السورية السعودية إلى مساراتها التي كانت قبل اندلاع الأزمة السورية.
هذا ما عبر عنه وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان الذي ستستضيف بلاده القمة العربية في مايو/أيار المقبل، عندما اعتبر أن زيادة التواصل مع سوريا قد يمهد الطريق لعودتها إلى الجامعة العربية.
وبالتالي فإن حضور مصر في هذا التوقيت سيكون له تأثيره المباشر والكبير على مسار الانفتاح العربي على دمشق وفق تعبير الباحث السياسي حسام طالب، والذي اعتبر في حديث لـ"العين الإخبارية" أن لمصر دورا مهما جدا في هذا الأمر، لا سيما أن لمصر مكانة خاصة لدى السوريين.
وتابع قائلا "لذلك فإن زيارة المقداد للقاهرة هي استكمال لتحسين العلاقات الثنائية، وبدء مرحلة جديدة في هذا الإطار من جهة، وكذلك خطوة جديدة على طريق الانفتاح العربي المتواصل صوب دمشق".
ويعتقد طالب أن استعادة عافية العلاقات السورية المصرية سيستكمل الطوق العربي في محيط سوريا، ويضيف:" نحن نرى اليوم علاقات طيبة مع العراق ومع الأردن ومع دولة الإمارات وسلطنة عمان والجزائر واليوم مصر تستكمل هذا الطوق العربي المحيط بسوريا".
العلاقات الثنائية
طالب قال أيضا "يجب علينا ألا ننسى أن مقر الجامعة العربية في مصر وهي ستلعب دورا مهما في إطار عودة سوريا للجامعة العربية"، ويشير إلى تصريح وزير الخارجية المصري بعد لقائه الوزير المقداد عندما قال "إن مصر تريد أن ترى سوريا منتصرة".
وتابع طالب "وبالتالي يمكن التأكيد أن سوريا المنتصرة تعني مصر المنتصرة، فالتحديات التي عانت منها سوريا ومصر من جماعة الإخوان الإرهابية كانت واحدة، وساهم التنسيق الأمني بين الجانبين بإحداث نوع من الاستقرار لدى كلا البلدين، وهو ما سينعكس على باقي الدول".
ويربط طالب بين سيرورة العلاقات السورية المصرية، وسيرورة العلاقات السورية السعودية، وقال "كما يوجد اليوم تنسيق أمني بين سوريا والمملكة العربية السعودية على أعلى المستويات، سيكون هناك مراحل سياسية قد تبدأ بعد عيد الفطر" بحسب توقعاته.
وتابع أن تطورات العلاقات السعودية السورية ستشكل بالضرورة استكمالا لعودة سوريا لمحيطها العربي، ويضيف: "العلاقات الثنائية مهمة، وربما هي أهم من عودة سوريا للجامعة العربية حالياً".
واستطرد "بالنهاية ستعود سوريا للجامعة العربية؛ فالعودة ليس الهدف الحالي لدمشق، وإنما عودة العلاقات الثنائية مع الدول العربية هو الهدف".
توازنات عربية جديدة
ويبدو أن الحراك الحاصل بين العواصم العربية الأساسية في المنطقة، واستعادة عافية العلاقات بين هذه العواصم المركزية يمهد بحسب الباحث محمد نادر العمري في حديث لـ"العين الإخبارية" لتشكيل توازنات إقليمية جديدة.
ويعتبر العمري أن عودة التنسيق السياسي بين سوريا ومصر يحمل أهمية على مستوى التوازن في النطاق الإقليمي، ويمهد لعودة التوازنات القديمة لا سيما بعد تسارع وتيرة المصالحة السورية السعودية.
ويشير العمري إلى دور تلعبه مصر اليوم في تقريب وجهات النظر السورية السعودية، لا سيما أن هناك حاجة للتقارب السوري السعودي على طريق وضع حد للنفوذ التركي، كما يمكن لمصر أن تلعب دورا في تسرع الحل السياسي في سوريا، لما لديها من تأثير في ملف اللاجئين أو ما لديها من تأثير على جزء من المعارضة السورية الموجودة في الخارج.
45 يوما حاسمة
التحركات العربية تتكثف قبيل انعقاد القمة العربية في منتصف مايو/أيار المقبل، إذ قال العمري "نحن أمام شهر ونصف هامين وحاسمين، وستكشف التحركات والاتصالات مدى قدرة الدول العربية على تسريع خطاها تجه سوريا ومدى المرونة التي يمكن أن تبديها سوريا في استقطاب هذه التوجهات العربية اتجاهها".
وتابع "سنكون خلال المرحلة القادمة أمام تحديات مرتبطة بعدد من الملفات لا بد من التواصل بشأنها وصولا لحدوث توافقات حولها".
aXA6IDE4LjIyNS4xOTUuMTUzIA== جزيرة ام اند امز