شعراء عرب يحتفون بتجربة أدونيس مع دخوله عامه الـ90
البعض يعتبر أدونيس من أكثر الشعراء العرب إثارة للجدل ويرى آخرون أنه استطاع بلورة منهج جديد في الشعر العربي يقوم على توظيف اللغة للتجريب
يدخل الشاعر العربي أدونيس إلى عامه التسعين وخلفه تجربة فنية وفكرية غنية بالاستنارة الفكرية والقدرة على إثارة الجدل.
وكانت أبوظبي هي أول مدينة عربية تحتفل بهذه المناسبة، إذ قام الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح بدولة الإمارات، بتكريمه بمنارة السعديات خلال الاحتفال بختام مهرجان "هاي أبوظبي" الذي نظمته وزارة التسامح بالتعاون مع هاي للفنون والآداب بالمملكة المتحدة.
وجاء هذا التكريم احتفاء بالكلمة الشاعرة وبتاريخ طويل من الإبداع والعمل المتواصل للشاعر العربي الكبير، كما أنه اعتراف بقيمة وقامة الشاعر على المستويين العربي والعالمي.
وعبّر وزير التسامح الإماراتي عن فخره بأدونيس كشاعر صاحب مشروع أدبي متميز تتلمذ على يديه العديد من الأسماء البارزة في سماء الشعر والأدب.
أدونيس 90 عاما من الجدل
وأدونيس هو الشاعر علي أحمد سعيد إسبر المعروف باسمه المستعار أدونيس ولد في 1 يناير/كانون الثاني 1930، وهو شاعر سوري - لبناني، ولد في قرية قصابين التابعة لمدينة جبلة في سوريا.
وتبنى اسم أدونيس (تيمناً بأسطورة أدونيس الفينيقية) الذي خرج به على تقاليد التسمية العربية منذ 1948، ونال الجنسية اللبنانية مع أسرته في 1963 وهو يحمل أيضاً الجنسية الفرنسية.
ويعتبره البعض من أكثر الشعراء العرب إثارة للجدل، ويرى آخرون أنه استطاع بلورة منهج جديد في الشعر العربي يقوم على توظيف اللغة على نحو فيه قدر كبير من الإبداع والتجريب تسمو على الاستخدامات التقليدية دون أن يخرج أبداً عن اللغة العربية الفصحى ومقاييسها النحوية. وبالاضافة إلى منجزه الشعري، كانت له أعمال فكرية مهمة أبرزها كتاباه "الثابت والمتحول" و"زمن الشعر" وعبر تجربته الممتدة استطاع أن ينقل الشعر العربي إلى العالمية، فهو من أبرز المرشحين لنيل جائزة نوبل للآداب.
أدونيس بين الشاعرة بروين حبيب والشاعر قاسم حداد خلال احتفالية تكريمه
"العين الإخبارية" استطلعت آراء بعض المفكرين والشعراء والنقاد حول هذا التكريم وتجربة أدونيس في الشعر العربي الحديث.
الشاعر المصري عبدالمنعم رمضان قال: "يمثل أدونيس حالة فريدة من الإبداع وأظن أن تسعين عاماً من عمر أدونيس ليست عمراً طويلاً لسبب واحد وهو أن أدونيس يولد من جديد مع كل تجربة، فهو مجموعة أعمار لشخص دأب دائماً وحرص على أن يتجدد كل فترة، ومن هنا فأنا أتصور أن أدونيس ما زال طفلاً والشعر يجب أن يكون شاعره طفلاً، وأدونيس في كل مرة يعود طفلاً بوجه جديد فهو الآن طفل في التسعين".
وأضاف رمضان: "عندي علاقة خاصة بأدونيس بدأت منذ 1988 ولم تتوقف لأي سبب خاصة أنني أصر على رؤية ذلك الفينيق الذي يحترق كل فترة ليعود ثانية من رماد حريقه، وهي أسطورة وأعتقد أن أدونيس لم يعرفها فقط ولكنه عاشها دائماً"، ويؤكد: "من يحب أن يدرس أدونيس فعليه أن يتتبع وجوهه المتتالية لأنه ليس صاحب وجه واحد".
الشاعر عبدالمنعم رمضان: تجمعني صداقة عمر مع أدونيس
أما الناقد الأدبي الدكتور جابر عصفور، وزير الثقافة المصري الأسبق، اعتبر تجربة أدونيس "أهم تجربة في الشعر العربي" وقال: "أدونيس حداثي من البداية وظل مستمراً طوال هذه الفترة مع أن غيره من الشعراء قد تخلوا عن الحداثة"، وأشار عصفور إلى أن استمرار عطاء أدونيس يشبه المعجزة.
صلاح فضل: تكريم أدونيس في الإمارات له دلالة مهمة
ورأى الناقد الدكتور صلاح فضل أن تجربة أدونيس امتدت طيلة عقود طويلة وبالتالي فقد وصل تأثيره إلي جيلين على الأقل من الأجيال الشابة، وهو أحد القلائل الذين جمعوا بين الوعي العميق النقدي بطبيعة الشعرية وبين الإبداع الفائق لقصيدة التفعيلة وقصيدة النثر معاً ونادراً ما يجمع شاعر بين الأمرين.
وأكد فضل أنه وعلى الرغم من التحفظات التي قد يبديها على بعض الآراء الحادة التي يقولها من حين إلى آخر فتحدث صدمة لدى جمهوره، فإن هذه الآراء تمثل وجهات نظر لا بد من احترامها وإن كانت تتميز بقدر من التطرف.
ورأى فضل أن الشاعر ابتكر أسلوباً جديداً في كتابة الشعر أطلق عليه "الشعر التجريبي" وهو يوازي الرسم التجريبي الذي يتلاعب بتشكيل كتلاً من الألوان ومن الأنماط التي تترك للمشاهد أو القارئ حرية تفسيرها على هواه.
وأوضح فضل أن تكريم أدونيس في أبوظبي عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة يعني أن هذا التكريم انحياز لهذه التجربة بحداثتها، واعتبر أن الحدث له دلالة مهمة من هذه الوجهة، كما يمثل تحولاً أيضا في موقفه من العروبة، لأنه في مطلع حياته كان قومياً سورياً يعادي فكرة العروبة.
وأضاف مقلد أن "شعر أدونيس يعكس الفكر الأعتى والأكثر تفجيراً وخلقاً جديداً، وأكثر حداثة بالمعنى الحميد، بفضل فهمه الدقيق لجوهر الشعرية العربية"، ونفى مقلد عن الشاعر اتهامه بالتغريب، وأكد أنه على عكس ذلك تماماً فهو شاعر عربي، لغته تطلع من منابعها الأصيلة، وليست فيه هذه الغنائيات شبه المترجمة الشائعة في نصوص الكثيرين، ووصف مقلد شعر أدونيس بـ"الزلزال ذاته، أو الكارثة والانفجار والجسد والروح، لأنه هو شعر الجوهر".
عبدالرحمن مقلد: شعر أدونيس شعر الجوهر
وتابع: "الإضافة الكبرى لذلك فإن تجربته تعد فتحاً مهماً في شروخ ثقافتنا المنهزمة والمجروحة بفعل الكسل والجمود المعرفي أن أدونيس لا يمكن أن نتصور العربية بفروعها المختلفة دون هذه التجربة الفريدة والملهمة".