لقد تبيّن لعقلاء المنطقة والعالم أن مشروع قطر كان أكبر من حجمها بكثير، يعتمد على المال الوفير، لاختراق البلدان وضرب استقرار الأوطان.
ماذا لو لم تتخذ الدول الداعية لمكافحة الإرهاب قرارها بمقاطعة قطر في يونيو الماضي؟ وماذا لو لم تفضح تلك الدول دور نظام الدوحة في دعم الإرهاب وتمويل استعراضات القتل المجاني تحت رايات التكفير، وفي بث الفوضى في المنطقة وتدمير الدول وتخريب العمران وتمزيق المجتمعات؟
لقد تبيّن لعقلاء المنطقة والعالم أن مشروع قطر كان أكبر من حجمها بكثير، يعتمد على المال الوفير، لاختراق البلدان وضرب استقرار الأوطان، فـ«تنظيم الحمدين» استطاع خلال سنوات أن يتغلغل في عواصم وحكومات وبرلمانات وأحزاب ومنظمات وهياكل وجمعيات، حيث اشترى وسائل إعلام وروّض الكثير من الأبواق والأقلام، وشكّل جماعات ولوبيات خفيّة، وأخرى علنية تتحرك في الساحات السياسية والحقوقية، وكوّن مؤسسات تعمل لحسابه في الدول الغربية، واستقطب بالهدايا والرشاوى والعمولات، مراكز بحوث ودراسات، وعناصر فاعلة داخل قنوات تلفزيونية وإذاعات، وفي صحف ومجلات، كنّا نعتقد أنها رمز الحرفية والمصداقية والنزاهة والشفافية قبل أن نكتشف أنها تباع وتشترى في الأسواق، وتمارس الخديعة والنفاق، فتنشر الأكاذيب والأباطيل، وتكيّف الموقف والتحليل، وفق ما يطلبه العميل، وأن من يصعب الحوار معه مباشرة، يمكن الوصول إليه عن طريق إسرائيل.
لو لم تتخذ الدول الداعية لمكافحة الإرهاب قرارها قبل تسعة أشهر، لكان نظام الدوحة قد أوغل في تغلغله في مفاصل الكيانات والمؤسسات والمنظمات الإقليمية والدولية أكثر، وربما مارس ما هو أبشع وأخطر، ضد جيرانه الأقربين وأبناء الأمة العربية من مشرقها إلى مغربها، وربما ضد الإنسانية جمعاء
وتبيّن كذلك أن بعض الدوائر في الدول الغربية هي الأكثر خصوبة لشراء الضمائر وتجييش المرتزقة والتلاعب بالقيم الأخلاقية، وهو ما شجّع قطر على اختراق مختلف المجالات من الإعلام إلى الرياضة، ومن الاقتصاد إلى السياسة، وصولاً إلى المنظمات الحقوقية، لتلميع إرهابييها المنتشرين في الدول العربية، وتشويه كل من يحارب التشدد ويؤمن بالتسامح والسلام والمبادئ الإنسانية الحقيقية، كما أعطاها مجالاً لتشكيل جيوش من المتآمرين تحت جنح الظلام، وسرايا من المتلاعبين بالرأي العام، وكتائب من الدعاة المتطرفين، والجماعات المتشددة التي تبرّر الإرهاب والخراب باسم الإسلام، حتى الأعمال الخيرية والإنسانية حولتها الدوحة إلى غطاء للمخططات الإرهابية والمشاريع الانقلابية، فحيثما هناك فقراء ومهمشون، هناك قطريون يعبثون، وأتباع لهم يستغلون ظروف الفئات المحرومة لنشر الأفكار الملغومة، ولتجنيد الإرهابيين، وإرسالهم إلى ساحات القتل والدمار والجرائم الشنيعة، باسم القاعدة أو داعش أو جبهة النصرة أو أنصار الشريعة، أو باسم جماعة الإخوان الإرهابية، وحتى المنظمات الحقوقية بما فيها تلك الحاملة لصفة الأممية، سعت قطر لاختراقها عبر ألاعيب صبيانية وادعاءات وهمية وخطابات كتبتها أقلام مأجورة في غرف مظلمة، وألقتها حناجر لا تستحي من تحاملها على الحقيقة ومجاهرتها بما ينافي الحياء السياسي والأخلاقي والإنساني.
لو لم تتخذ الدول الداعية لمكافحة الإرهاب قرارها قبل تسعة أشهر، لكان نظام الدوحة قد أوغل في تغلغله في مفاصل الكيانات والمؤسسات والمنظمات الإقليمية والدولية أكثر، وربما مارس ما هو أبشع وأخطر، ضد جيرانه الأقربين وأبناء الأمة العربية من مشرقها إلى مغربها، وربما ضد الإنسانية جمعاء، فالإرهاب ليس لنزعاته وأهدافه وطموحاته سقف أو سماء.
نقلا عن "البيان"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة