عاصفة غضب عربية بعد الإساءة لوفد إماراتي بالأقصى
وتقدم الإمارات للعالم أجمع نموذجا يجسد التسامح، بعد تجاوزها الإساءات المتواصلة من السلطة الفلسطينية لدعم الشعب الفلسطيني.
عاصفة غضب عربية شهدها موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" رفضا وتنديدا بقيام فلسطيني بتوجيه إساءات لوفد إماراتي خلال زيارته للمسجد الأقصى.
واستهجن مغردون، بينهم كتاب وإعلاميون من مختلف الدول العربية، توجيه إساءات فلسطينية للوفد الإماراتي، وأشادوا في الوقت نفسه بأخلاق الإماراتيين الذين رفضوا الرد على الإساءة بالإساءة.
وسارعت قناة "الجزيرة" القطرية والإعلاميون الموالون لتنظيم "الحمدين" إلى تداول الفيديو والاحتفاء به، وسط تأكيدات مغردين أن سلوكهم يؤكد أن الفلسطيني المسيء تم تحريضه من قطر.
وأكد المغردون أنه بالوقت الذي كان الإخونجية يرفعون الشعارات ويحرضون على الوفد الإماراتي الزائر للمسجد الأقصى، كان هناك وفد إماراتي آخر يجتمع مع منظمة الأونروا لدعم الشعب الفلسطيني.
اعتذار فلسطيني
وبادر مغردون فلسطينيون بالاعتذار للوفد الإماراتي، وأعلنوا تبرؤهم من تلك السلوكيات الشائنة.
وفي هذا الصدد، قال مغرد يحمل اسم "ابن فلسطين منير": "باسمي وباسم كل شريف في فلسطين نعتذر إلى أهلنا في الإمارات عن التصرف الفردي من شخص جاهل يشتم أخاه المسلم في بيت الله المسجد الأقصى أولى القبلتين لكل مسلم".
وتابع: "كل فلسطيني أمنيته أن يرى أخاه المسلم يصلي في المسجد الأقصى.. ضاق صدري من التصرف".
وأيده في اعتذاره معه العديد من المغردين الفلسطينيين، من بينهم مغردة تحمل اسم "بنت فلسطين"، والتي غردت قائلة: "نحن باسم كل فلسطيني وفلسطينية أشراف أحرار في فلسطين، نقدم أيضاً الاعتذار لأشقائنا في الإمارات ونحن ندرك أننا إخوة وأخوات مسلمين نتلهف جميعا لو بركعتين في الأقصى الشريف جعلها الله أن يكتبها لنا وللمسلمين".
وأردفت: "نكرر الاعتذار لشعب الإمارات.. فمن قام بمثل هذا ليس من أرض فلسطين الشريفة".
استياء إماراتي
من جهة أخرى، أعرب مغردون إماراتيون عن استيائهم من الإساءة التي وجهت للوفد الإماراتي.
وفي رد قوي وبليغ على تلك الإساءة غرد الدكتور علي راشد النعيمي، رئيس لجنة شؤون الدفاع والداخلية والخارجية بالمجلس الوطني الاتحادي الإماراتي بقوله تعالى (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه).
من جهته، قارن الكاتب الإماراتي يعقوب الريسي بين موقف بلاده الداعم لفلسطين، والإساءة لوفد بلاده بتحريض من قطر.
ونشر صورتين إحداهما لتغريدات تحريضية لإعلاميين قطريين على خلفية الفيديو، والأخرى لرابط خبر عن لقاء ريم بنت إبراهيم الهاشمي وزيرة الدولة الإماراتية لشؤون التعاون الدولي، مع فيليب لازاريني المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى "الأونروا"، وتأكيدها على التزام الإمارات بدعم فلسطين.
وغرد قائلا: "بالوقت الذي كان الإخونجية يرفعون الشعارات ويحرضون على الوفد الإماراتي الزائر للمسجد الأقصى! بالمقابل كان هناك وفد إماراتي آخر يجتمع مع منظمة الأونروا لدعم الشعب الفلسطيني".
وأردف: "للعلم 3,1 مليار درهم هي المساعدات التي قدمتها الإمارات للفلسطينيين من 2013 حتى 2020".
بدوره قارن المغرد بن ثاني بين أخلاق الإماراتيين والسلوك المسيء لهم، بنشره تسجيلا صوتيا لأحد أعضاء الوفد الإماراتي يروي فيه ما حدث، ويؤكد أنه رفض الحديث عن تلك الإساءة لرجل الأمن الذي كان يرافقهم، حتى لا يتعرض الفلسطيني لأي أذى".
وقال في هذا الصدد: "يوم سألهم السكيوريتي حد ضايقكم في المسجد؟ قالوا لا رحمة به، بالرغم من أنه سبهم ونشر الفيديو إلا أنهم ما بغوا يضرونه".
على الصعيد نفسه، استنكرت المغردة ليلى العوضي، ما حدث للوفد الإماراتي، وغردت قائلة: "هل هذه أخلاق الضيافة عن الفلسطينيين ؟! هل من أصول الدين أن تسب داخل المسجد؟! هل هذه أخلاق العرب؟! "، وتابعت: "سنزور الأقصى لأنه ليس ملكاً لكم بل ملك المسلمين جميعا".
صدمة عربية.. وإشادة بأخلاق الإماراتيين
وأعرب مغردون عرب عن صدمتهم من الإساءة الفلسطينية للوفد الإماراتي، وذكروا بدعم الإمارات المتواصل للشعب الفلسطيني.
في هذا الصدد، قال الإعلامي السعودي عبدالله البندر: "شتم بألفاظ نابية وكلمات بذيئة ضد مسلمين داخل مسجد وفي المقابل تعامل الإماراتيين بأخلاقهم وعدم الرد عليهم احتراماً لقدسية المكان".
وأردف: "للمعلومية: دولة الإمارات تعتبر من أكبر الدول الداعمة للشعب الفلسطيني بعد السعودية في المساعدات حسب منظمة (الأونروا) ومع ذلك يكون الجزاء نكرانا وجحودا".
في السياق نفسه، قال الكاتب الموريتاني الشيخ ولد السالك: "هذا الفعل المشين مظهر من مظاهر بيع المسجد الأقصى في سوق النخاسة السياسية.. لا شك في أن هذا الشخص وغيره يتم تحريكهم من تنظيم الإخوان ومثيري الفتنة في قطر وتركيا وإيران".
وناشد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني "بوصفه الوصي عربيا ودوليا على المسجد الأقصى" التدخل لوقف وإدانة هذا الفعل.
بدوره استنكر المغرد السعودي سطام الحارثي تلك الإساءة، وغرد قائلا: "تصدقون توقعت الفلسطينيين يقابلون إخوانهم العرب بالورود ويفتحون لهم بيوتهم ضيافة الله يعطينا على قد نيتنا وصفاء قلوبنا.. المقطع محزن وتوقعت أن يقوم بهذا الفعل اليهود المتشددون وليس الفلسطينيين"، وتابع: "شكرا لأبناء زايد على هذه الأخلاق وهذا الصبر".
3 زيارات للأقصى تكشف التناقضات
وكان وفد إماراتي زار القدس مؤخرا، وأدى الصلاة في ثالث الحرمين الشريفين، وتجوّل داخل باحات المسجد الأقصى.
وجاءت الزيارة كإحدى ثمار معاهدة السلام التي وقعتها دولة الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل، يوم 15 سبتمبر/أيلول الماضي، ورسالة إماراتية للفلسطينيين والعالم بأن المعاهدة تدعم قضيتهم وما تم الاتفاق عليه يجري تنفيذه على أرض الواقع.
وفتحت الإمارات الطريق أمام تسوية وضع الأقصى، وألزمت معاهدة السلام إسرائيل بفتح المسجد أمام المسلمين من بقاع الأرض كافة.
وعلى الفور، حاول الذباب الإلكتروني لقطر وتركيا التشويش على الزيارة وتشويه أهدافها ومهاجمتها في إطار مخططه البائس لإفشال جهود السلام الإماراتية وتشويهها.
لكن التناقض الغريب والعجيب هنا، أن من هاجموا زيارة الوفد الإماراتي وحاولوا تشويه أهدافه، هم أنفسهم من احتفوا بزيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للمسجد الأقصى وسط حراسة إسرائيلية مشددة قبل عدة سنوات، ثم الاحتفاء بزيارة صلاح بن غانم العلي، وزير الثقافة والرياضة القطري قبل عامين.
كما تظهر تلك المواقف المتناقضة أن المعترضين، هم أنفسهم من أشادوا بزيارة الأتراك والقطريين للأقصى بوصفها دعما لصمود لدعم المقدسيين، بل ودعوا العرب لزيارة المسجد الأقصى.
تلك المواقف المتناقضة تكشف بجلاء متاجرة القطريين والأتراك والموالين لهم من السلطة الفلسطينية وفصائلها، بالقضية الفلسطينية.
تلك المتاجرة ظهرت عبر استراتيجية الظواهر الصوتية واستخدام عبارات تستميل القلوب من قبيل "دعم القدس ونصرة الأقصى" للترويج لداعميهم، في وقت تطول الوفد الإماراتي دعوات من قبيل التحريض والتخوين رغم تشابه المواقف.
دعم متواصل
وتقدم الإمارات للعالم أجمع نموذجا يجسد التسامح في أجمل صوره ومعانيه، بعد أن تعالت على الإساءات المتواصلة من السلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس والفصائل التي تدور في فلكها، ومضت قدما في دعم الشعب الفلسطيني.
هذا الدعم تؤكده لغة الأرقام، وتوثقه المنظمات الدولية المعنية بالقضية الفلسطينية، وتشهد به كل الدول حول العالم، حيث لا يمكن أن يزايد منصف على مواقف دولة الإمارات الداعمة للقضية الفلسطينية، التي تعد أحد ثوابت سياستها الخارجية.
فقد قدمت دولة الإمارات للفلسطينيين خلال الفترة من عام 2013 وحتى عام 2020 دعما تجاوز 840 مليون دولار أمريكي.
وحصلت وكالة الأونروا منها، على أكثر من 218 مليون دولار أمريكي، بما فيها 166 مليون دولار لقطاع التعليم، و19 مليون دولار كمساعدات سلعية وبرامج موجهة للخدمات الاجتماعية في غزة والضفة الغربية والأردن وسوريا ولبنان.
وتترأس دولة الإمارات الدورة الحالية للجنة الاستشارية للأونروا، والتي تستهدف خلال فترة رئاستها 2020-2021 التركيز على مجالات رئيسية كرقمنة التعليم، وتمكين النساء والفتيات، وتمكين الشباب، واستدامة البيئة.
أيضا تحتل دولة الإمارات المرتبة الرابعة بين أكبر 10 دول داعمة مالياً لدولة فلسطين منذ قيام السلطة الفلسطينية عام 1994، وفق ما تورده بيانات رسمية فلسطينية.
واستناداً إلى معطيات المجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والإعمار "بكدار" (شبه حكومي)، فإن الإمارات قدمت مساعدات بقيمة 2 مليار و104 ملايين دولار أمريكي للشعب الفلسطيني منذ قيام السلطة الفلسطينية عام 1993.
وتتفاوت هذه المساعدات ما بين دعم لميزانية السلطة الفلسطينية ومشاريع بنية تحتية، دون أن تشمل هذه المعطيات مئات ملايين الدولارات التي قدمتها الإمارات للفلسطينيين من خلال وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
وبحسب بيانات المجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والإعمار "بكدار"، فإن الدول العشر الأكثر تقديماً للمساعدات إلى الفلسطينيين هي: الاتحاد الأوروبي ومؤسساته، والولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وألمانيا، والنرويج، والبنك الدولي، والمملكة المتحدة، واليابان، وفرنسا.
وللمفارقة فإن قطر لم تقدم سوى 756 مليون دولار أمريكي منذ عام 1994 ما يجعل ما قدمته لا يتجاوز ثلث ما قدمته الإمارات العربية المتحدة.
ومضت الإمارات في طريقها إلى أبعد من الدعم المادي، للبحث عن حلول مستدامة تساعد على إقامة الدولة الفلسطينية عن طريق السلام.