مشهد إيماني مهيب.. عرفات يكتسي بالأبيض لأول مرة منذ 3 أعوام (صور)
في مشهد إيماني مهيب هو الأول منذ 3 أعوام، اكتسى مشعر عرفات بأكمله باللون الأبيض، بعد أن امتلأ بضيوف الرحمن.
وتعد هذه المرة الأولى منذ 3 أعوام التي يؤدي فيها نحو مليوني حاج الفريضة بعد قصر الحج الأعوام الماضية على أعداد محددة بسبب جائحة كورونا.
ويشهد موسم الحج هذا العام عودة أعداد الحجاج لمستويات ما قبل جائحة كورونا، حيث سمحت السعودية بأداء فريضة الحج في العام الجاري، دون أي قيود على عدد الحجاج وأعمارهم، بعد 3 سنوات شهدت تقليص عدد الحجاج على خلفية انتشار الفيروس.
وبلغ عدد الحجاج عام 2019 (آخر موسم حج ما قبل كورونا) نحو 2.5 مليون حاج، لكن بعد تفشي فيروس كورونا في 2020 سمحت السعودية لـ10 آلاف شخص فقط من داخل المملكة بأداء الفريضة في ذلك العام، قبل رفع العدد في العام التالي 2021 إلى 60 ألفا بشروط صحية صارمة؛ ليتجاوز في العام 2022 نحو 926 ألفًا، وسط توقعات بأن يجتاز حاجز المليونين هذا العام.
صورة مبهجة
ومع توافد ضيوف الرحمن للوقوف بعرفة، اكتسى المشعر المقدس باللون الأبيض، لون ملابس إحرام الحجاج، الذين وحدتهم جميعا على اختلاف ألسنتهم وألوانهم ومناصبهم، في زمان واحد ومكان واحد، لا فرق بين عربي ولا أعجمي إلا بالتقوى.
ارتفعت أكف جميع الحجاج على اختلاف ثقافاتهم ولغاتهم، يتضرعون إلى الله أن يقبل حجهم وأن يغفر ذنبهم، في هذا اليوم المشهود الذي وصفه النبي - صلى الله عليه وسلم - بأفضل الأيام.
ينشغل الجميع بالتلبية والذكر ويكثرون من الاستغفار والتكبير والتهليل وهم يتجهون إلى الله خاشعين متضرعين ويجتهدون في الدعاء لأنفسهم وذويهم ولإخوانهم المسلمين جميعاً.
ويلتجئ الحجيج في دعائهم وتلبيتهم إلى خالقهم بقلوب يملؤها الإيمان والخشوع والرجاء والخوف والطمأنينة، طلبًا للرحمة والمغفرة، في هذا اليوم، أفضل يوم طلعت عليه الشمس، والذي بصيامه يكفر الله لغير الحاج السنة الماضية والسنة الباقية، اليوم، الذي أكمل الله به الدين، وأتم علينا نعمته، ورضي لنا الإسلام دينًا.
نسك الحاج
ويؤدي حجاج بيت الله الحرام اليوم صلاتي الظهر والعصر جمعًا وقصرًا بأذان واحد وإقامتين؛ اقتداءً بسنة المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام القائل: (خذوا عني مناسككم).
ومن السنة أن ينزل الحاج بمسجد نمرة إن تيسر له ذلك، وعليه أن يتأكد من نزوله داخل حدود عرفة وهناك الكثير من العلامات واللوحات الإرشادية التي توضح ذلك للحاج وعرفة كلها موقف كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم.
ويعد الوقوف بعرفة الركن الأعظم من أركان الحج؛ ومن فاته عرفة فاته الحج، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "الْحَجُّ عَرَفَةُ".
فضل عظيم
وليوم عرفة فضل عظيم إذ ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أن يوم عرفة هو أفضل يوم عند الله، وذلك في الحديث الذي رواه جابر رضي الله عنه عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم: (ما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا فيباهي بأهل الأرض أهل السماء فيقول انظروا إلى عبادي جاءوني شعثا غبرا ضاحين جاءوا من كل فج عميق يرجون رحمتي ولم يروا عذابي فلم ير يوما أكثر عتقا من النار من يوم عرفة)، وبعرفة نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا).
ويوم عرفة يوم يجتمع فيه شرف المكان والزمان، في لحظات إيمانية تعم فيها رحمة الله، وهو اليوم التاسع من ذي الحجة، ومن أفضاله كثرة عتق الله لعباده من النار.
ومن أفضل الأعمال لاغتنام فضل ذلك اليوم الدعاء والذكر، وللدعاء يوم عرفة شأن عظيم، يقول صلى الله عليه وسلم: "خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير".
النفرة إلى مزدلفة
ومع غروب شمس هذا اليوم تبدأ جموع الحجيج نفرتها إلى مزدلفة ويصلون فيها المغرب والعشاء ويقفون فيها حتى فجر العاشر من شهر ذي الحجة لأن المبيت بمزدلفة واجب حيث بات رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها، وصلى بها الفجر.
ومزدلفة ثالث المشاعر المقدسة التي يمر بها الحجاج خلال أدائهم مناسك الحج، وتقع بين مشعري منى وعرفات، ويقيمون فيها صلاتي المغرب والعشاء جمعاً وقصراً، ويبيتون فيها حتى صباح اليوم التالي يوم عيد الأضحى، يصلون الفجر، ويجمعون الحصى، ثم ينتقلون منها إلى منى.
أما عرفة أو عرفات فلهما مسمى واحد عند أكثر أهل العلم لمشعر يعد الوحيد من مشاعر الحج الذي يقع خارج الحرم، وهو عبارة عن سهل منبسط به جبل عرفات المسمى بجبل الرحمة الذي يبلغ ارتفاعه (30) متراً، ويمكن الوصول إلى قمته عبر (91) درجة، ويتوسط الجبل شاخص إسمنتي طوله 7 أمتار يميزه عن باقي الجبال، فيما يحيط بعرفات قوس من الجبال ووتره وادي عرنة.
ويقع الجبل على الطريق بين مكة المكرمة والطائف شرقي مكة بنحو (15) كيلو مترًا وعلى بعد (10) كيلومترات من مشعر منى و(6) كيلو مترات من المزدلفة بمساحة تقدر بـ(10.4) كيلومتر مربعة.
وسمي عرفة بهذا الاسم نسبة إلى الجبل الذي يقال إن الناس كانوا يتعارفون فيه، وقيل أيضاً سمي بذلك لأن آدم وحواء عندما هبطا من الجنة التقيا فيه فعرفها وعرفته، وهناك روايات أخرى تدل على نفس المعنى المخصوص بالاسم.