قرية النطاة.. اكتشاف أثري يكشف عن حضارة العصر البرونزي في السعودية
أعلنت الهيئة الملكية لمحافظة العلا عن اكتشاف قرية أثرية تعود للعصر البرونزي في واحة خيبر، الواقعة شمال غرب المملكة العربية السعودية.
وقد نُشر هذا الاكتشاف في مجلة "بلوس ون" العلمية، مما يقدم رؤى جديدة حول الحياة الحضرية المستقرة في المنطقة منذ آلاف السنين.
وأكد الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود، محافظ الهيئة الملكية لمحافظة العلا، أن هذا الاكتشاف يعزز الأهمية العالمية للتراث الأثري في المملكة ويدعم جهودها للحفاظ على التراث الثقافي، في إطار رؤية السعودية 2030.
يأتي هذا الكشف ضمن مشروع "خيبر عبر العصور" الذي يقوده كل من الدكتور غيوم شارلو والدكتورة منيرة المشوح.
يركز المشروع على انتقال سكان المنطقة من نمط الحياة الرعوية إلى نمط حضري مستقر خلال النصف الثاني من الألفية الثالثة قبل الميلاد، مما يكشف عن أهمية الزراعة والتجارة في ازدهار تلك المجتمعات.
هذا الاكتشاف يتحدى النظريات السابقة التي كانت تعتبر أن المجتمعات الرعوية هي السائدة في شمال غرب الجزيرة العربية خلال العصر البرونزي.
إذ تظهر الأدلة الأثرية أن منطقة خيبر كانت تحتوي على واحات مسورة متصلة تعزز الاستقرار، مثل قرية "النطاة" المكتشفة، التي تعود إلى فترة بين 2400 و1300 قبل الميلاد، حيث بلغ عدد سكانها حوالي 500 شخص على مساحة 2.6 هكتار، محاطة بسور حجري يمتد لنحو 15 كيلومترًا.
ملامح الحياة في قرية "النطاة"
تقدم الدراسة لمحة عن الحياة اليومية لسكان "النطاة"، حيث كانوا يعيشون في منازل متعددة الطوابق، حيث يُخصص الطابق الأرضي للتخزين والطوابق العليا للسكن.
كانت طرق القرية ضيقة وتؤدي إلى المركز، مع وجود مدافن ذات تصاميم متدرجة ومزينة بأبراج، حيث تم دفن مقتنيات قيمة مثل الأسلحة المعدنية والفخار مع الموتى، ما يعكس تقدير السكان لمكانة المدفون.
اعتمد النظام الغذائي للسكان بشكل رئيسي على تربية الأغنام والماعز وزراعة الحبوب. كما وُجدت أدلة على استخدام الخرز في الملابس، بالإضافة إلى صناعة الفخار والتجارة، والعمل في المعادن.
تم هذا الاكتشاف بالتعاون بين الهيئة الملكية لمحافظة العلا والوكالة الفرنسية لتطوير المحافظة والمركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية، مما يعزز من فهمنا للتراث الثقافي السعودي ويعزز من مكانة العلا كوجهة دولية ذات قيمة تاريخية عالية.
تقدم قرية "النطاة" المكتشفة لمحة فريدة عن التراث الحضاري، وتسلط الضوء على إمكانيات البحث الأثري العميق في المملكة.
تقع القرية على أطراف حقل حرة خيبر البركاني، وقد ظلت مدفونة تحت صخور البازلت لمئات السنين، مما يفتح آفاقًا جديدة لاستكشاف تأثير هذا التاريخ العريق على شمال غرب الجزيرة العربية.