"حفروا قبورهم بأيديهم".. "العين الإخبارية" ترصد كواليس "فاجعة جهينة"

شهدت مدينة جهينة بمحافظة سوهاج المصرية فاجعة مؤلمة، الأسبوع الماضي، حين حفر 4 أشخاص قبورهم بأيديهم بينما كانوا ينقبون عن آثار.
وأنهى الأربعة حياتهم بعدما نقبوا حفرة عميقة للتنقيب عن الآثار في منطقة مشروع غرب طهطا بحافظة سوهاج في صعيد مصر، قبل أن تنهار التربة فوق رؤوسهم.
وأسفر الحادث عن مصرع 4 أشخاص بعد سقوطهم في حفرة عمقها 15 مترًا وقطرها متران، فضلًا عن إصابة 5 آخرين بإصابات متفرقة وحالات اختناق، قبل نقلهم بسيارات الإسعاف إلى المستشفى.
وجاء من بين الضحايا رجل الأعمال كمال المرسي، مرشح سابق لانتخابات مجلس النواب (البرلمان) المصري، بعدما تدخل بمعداته لمعاونة عناصر الحماية المدنية والأمن في انتشال الضحايا من الحفرة.
وذكر بيان أمني أن قيادات مديرية أمن سوهاج انتقلت إلى موقع الحادث، وتبين قيام 5 أشخاص، بينهم دجال، بالحفر والتنقيب عن الآثار في منطقة رملية، وقيامهم بعمل حفرة عميقة قبل أن تنهار عليهم نواتج الحفر.
وأشار البيان إلى أن رجل الأعمال كمال المرسي تدخل مع آخرين لإنقاذ الضحايا، قبل أن يسقط هو الآخر في الحفرة وينهار عليه سور "بلوك"، ليلفظ أنفاسه الأخيرة في المستشفى، بعدما فشلت جهود الأطباء في إنقاذه.
كمال المرسي.. "شهيد الشهامة"
وفي جنازة مهيبة حضرها الآلاف، ودّع أهالي مركز جهينة بمحافظة سوهاج رجل الأعمال كمال المرسي، وعدد المشيعون مناقب الفقيد، مؤكدين أنه كان محبًا للخير، ومسارعًا في نجدة المستغيث.
وقال أحمد غانم، ابن عم الفقيد، إن "المرسي" لم يكن يتأخر في قضاء حوائج أهالي المركز والمراكز المجاورة، وعرف عنه التدخل لفض المنازعات وحل المشكلات بين الأهالي بطريقة عرفية.
وسرد "غانم"، لـ"العين الإخبارية"، كواليس الحادث، مؤكدًا أن الفقيد كمال المرسي تلقى استغاثة من الأهالي الأسبوع الماضي لنجدة أشخاص سقطوا داخل حفرة في مركز جهينة، وفي لحظات كان في موقع الحادث.
وأضاف "غانم" أن ابن عمه يملك معدات حفر؛ كونه يعمل بمجال المقاولات، فأحضر الحفّار خاصته إلى موقع الحادث لمعاونة عناصر الحماية المدنية ورجال الأمن في إنقاذ الضحايا، حتى ظهرت بعض الجثامين.
وقال غانم"هنا قرر الحاج كمال النزول بنفسه إلى الحفرة لانتشال الضحايا، حتى لا تتحول جثامينهم إلى أشلاء بفعل سكينة الحفّار"، مؤكدًا أن تصرف ابن عمه البالغ 48 عامًا كان محط استغراب الكثيرين.
وأشار "غانم" إلى أن ابن عمه كمال المرسي خاض غمار الانتخابات النيابية في مصر قبل عامين، حين قرر الترشح لانتخابات مجلس النواب عام 2020 "استجابة لضغط الأهالي"، على حد قوله، لكنه لم يوفق.
حوادث التنقيب عن الآثار في مصر
الدكتورة سوسن الفايد، أستاذ علم النفس الاجتماعي بالمركز القومي للبحوث الجنائية، فنّدت تزايد حوادث التنقيب عن الآثار في مصر، مؤكدة أنها ظاهرة تحتاج إلى مواجهتها بالتثقيف وزيادة وعي المواطنين.
وقالت "الفايد"، في حديثها لـ"العين الإخبارية"، إن "هناك شخصيات وقعت في يدها قطع أثرية وتمكنت من بيعها بطرق غير مشروعة فحققت الثراء السريع، وهذه النماذج أغرت الكثيرين بالتنقيب عن الآثار".
وأضافت: "هنا ثمة مفارقة، ففي الحالة الأولى لم يحدث تنقيب، أما من ينقبون عن الآثار فيعانون من الجهل وقلة الوعي، لأن هذه العملية تحتاج إلى متخصصين وخبراء وتقوم بها بعثات أثرية معظها تأتي من الخارج".
وأردفت: "العملية ليست بسيطة ليقوم بها أشخاص غير مؤهلين، وتبدو محاولات التنقيب عن الآثار في النهاية مجرد تنقيب عن سراب ووهم في الثراء السريع، وهي عملية واهية محفوفة بالمخاطر ومخالفة للقانون".
وأكدت أن مواجهة الظاهرة تحتاج إلى التثقيف ورفع الوعي المجتمعي بخطورتها، داعية إلى إشراك المؤسسات الدينية لتذكير المواطنين بأهمية الرضا وإعلاء القيم المعنوية على القيم المادية التي توغلت على كل القيم، وتذكيرهم بأن لكل إنسان رزقه، وإذا كان السعي مطلوبًا في الحياة فليكن في الاتجاه المشروع.
عقوبة التنقيب عن الآثار في مصر
ويحدد قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983، المُعدل بقانون رقم 91 لسنة 2018، عقوبة التنقيب عن الآثار وتهريبها إلى الخارج، بالسجن المؤبد وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تزيد على 10 ملايين جنيه.
وحددت المادة 42 من القانون عقوبة سرقة الآثار بقصد التهريب، وهي السجن المؤبد وغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تزيد على 5 ملايين جنيه، وتكون العقوبة السجن المشدد من 3 إلى 7 سنوات وغرامة لا تقل عن 500 ألف جنيه ولا تزيد على مليون جنيه لكل من هدم أو أتلف عمدا الآثار أو أجرى أعمال التنقيب.
aXA6IDMuMTYuNTYuMzAg جزيرة ام اند امز