الكويت توقف استقدام العمالة المصرية.. وصمت مطبق في القاهرة (خاص)
قبل أيام، أعلنت وسائل إعلام كويتية صدور قرار حكومي بإلغاء الربط مع وزارة القوى العاملة في مصر، ووقف أذونات العمل للمصريين لإشعار آخر.
وأرجعت صحيفة "القبس" الكويتية قرار وزير الداخلية طلال الخالد إلى جملة أسباب، منها وضع آلية لاستقدام العمالة من مصر، وما اعتبرته الصحيفة "مخالفات السفارة المصرية لقوانين تنظيم سوق العمل بالبلاد".
وحتى الآن، لم يصدر رد رسمي من الحكومة المصرية سواء من وزارة القوى العاملة أو الهجرة وشؤون المصريين بالخارج أو الخارجية، فيما قدم نائب بالبرلمان المصري طلب إحاطة لكشف ملابسات القرار.
"قرار ليس مفاجئًا"
واعتبر مصريون يعملون بدولة الكويت أن القرار لم يكن مفاجئًا، ويقول رمضان حسن إن السلطات الكويتية فرضت قيودًا "غير معلنة" على استقدام العمالة المصرية، وهي القيود التي لمسها الشاب منذ قرابة العام.
ويقول "حسن"، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، إنه حاول جاهدًا على مدار العام الماضي استقدام شقيقه للعمل معه في الكويت، ولكن عوائق كثيرة واجهته في الموافقة على إصدار التأشيرة، حتى صدور القرار الأخير.
وترى النائبة نشوى الشريف، عضو لجنة القوى العاملة بمجلس النواب المصري، أن القرار له مسببات بكل تأكيد، وهي أسباب تخص دولة الكويت، ومنها وضع محددات لضبط استقدام العمالة المصرية.
وقالت "الشريف"، في تصريحات لـ"العين الإخبارية": "نتفهم قرار السلطات الكويتية، ولها مطلق الحرية في ذلك، لكن هذا القرار بالتأكيد سيؤثر بالسلب على العمالة المصرية التي تحتل مركز الصدارة بين العمالة الأجنبية بدولة الكويت".
صمت مصري
وأيدت عضو لجنة القوى العاملة بالبرلمان المصري، صمت وزارة القوى العاملة في مصر، لكنها قالت: "أتوقع أن يصدر بيان من الوزارة يوضح أسباب القرار الكويتي، ومن المؤكد أن الوزارة حاليًا تتشاور مع السلطات الكويتية لاستيضاح الأمر".
واعتبرت النائبة المصرية أن "أي كلمة سيتم سردها على لسان وزارة القوى العاملة ستكون بمثابة رد رسمي، والبعض ينتقد عدم صدور بيان رسمي حتى الآن من الوزارة، لكني في الحقيقة من أنصار التأني في الرد، خاصة في القرارات التي تمس مسائل وقطاعات كبرى مثل العمالة المصرية بالكويت".
وترى "الشريف" أن القرار ليس مفاجئًا، معقبة: "السلطات الكويتية تصدر قرارات تنظيمية بشأن العمالة الأجنبية، وهو ما يأتي ضمن مساعي توطين الوظائف أو ما يطلق عليه (التكويت)، وأعتقد أنه منذ فترة قريبة تم الاستغناء عن عمالة مصرية وأجنبية".
وطالبت النائبة بتوقيع اتفاقيات جديدة بين البلدين لتنظيم استقدام العمالة المصرية إلى دولة الكويت، بما يحفظ حقوق العمال المصريين، مختتمة: "الكويت دولة شقيقة، وبالتأكيد لا نتمنى حدوث حزازات بين العمالة المصرية والسلطات الكويتية".
توقيت حرج
اقتصاديًا، أكدت الدكتور هدى الملاح، الخبيرة الاقتصادية، أن القرار سيترك آثارا سلبية على الاقتصاد المصري، الذي يعاني من أزمات محلية وخارجية، لكنها شككت في إمكانية تطبيق القرار الكويتي، قائلة: "دولة الكويت تعتمد بشكل كبير على العمالة المصرية، وإذا كانت تريد تنظيم سوق العمل فأعتقد أن أمامها الكثير من الوقت لكي يتم الاستغناء عن العمالة التي ظلت تعتمد عليها لسنوات طويلة، خاصة أن العمال المصريين بدول الخليج يمتازون بالمهارة والصبر مقارنة بالعمالة الأجنبية الأخرى، كما أن تحرير سعر صرف الجنيه المصري أسهم في جعل العمالة المصرية من العمالة الرخيصة في هذه الدول".
وقالت "الملاح"، لـ"العين الإخبارية"، إن "العلاقات بين البلدين تاريخية، وحتى هذه اللحظة لم توضح السلطات الكويتية أسباب القرار، فهل -على سبيل المثال- اكتشفت خلال هذه الظروف الصعبة وموجة التضخم العالمية أن سوق العمالة الكويتية بحاجة إلى التنظيم؟، أم هناك عمالة مصرية تعمل في الاقتصاد غير الرسمي وتريد السلطات تنظيم هذه الإشكالية؟".
وتوقعت الخبيرة الاقتصادية أن الأيام القادمة ستزيل الغموض عن أسباب القرار، خاصة أن العمالة المصرية تأتي في المرتبة الأولى من بين العمالة الأجنبية بدولة الكويت، مشددة على أن القرار سيكون له تأثير سلبي على الناتج المحلي الإجمالي بالنسبة لمصر؛ لأن تحويلات المصريين بالخارج من أهم مصادر الدخل المصري، خاصة أن مصر تشهد موجة تضخم عالية وارتفاعًا كبيرًا في أسعار الدولار.
أزمة جديدة للاقتصاد المصري
وتوقعت أن يحدث القرار أزمة للاقتصاد المصري، لكنها أضافت: "ستكون أزمة عابرة، والدولة المصرية قادرة على مواجهتها مثلما واجهت غيرها من الأزمات الاقتصادية منذ عام 2020 مثل جائحة كورونا وتداعيات الحرب الروسية- الأوكرانية وتداعيات قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي برفع أسعار الفائدة".
وأكدت "الملاح" أن مصر أمامها بدائل يمكن الاعتماد عليها حال تطبيق القرار الكويتي، مثل تعظيم الإنتاج المحلي وجذب الاستثمارات الأجنبية، خاصة أن مصر بات لديها بنية تحتية قوية جاذبة للاستثمار، وفي ضور توجيه الرئيس عبدالفتاح السيسي بإصدار الرخصة الذهبية لجذب المستثمرين وإزالة جميع المعوقات أمامهم، بالإضافة إلى تعظيم الصادرات وتنشيط السياحة وتقليل فاتورة الاستيراد لعبور أزمة تحويلات المصريين بالخارج، بالإضافة إلى التوسع في الاعتماد على الطاقة المتجددة، وتصديرها لدول المنطقة والدول الأوروبية.
العمالة المصرية في الكويت
وأظهرت إحصائية كويتية صادرة في فبراير/ شباط الماضي، أن العمالة المصرية احتلت المرتبة الأولى في سوق العمل بالكويت بنهاية سبتمبر/ أيلول 2021، متفوقة على العمالتين الهندية والكويتية، وحينها وصل عدد العمال المصريين بالكويت إلى 456.6 ألف عامل وعاملة، بنسبة 24% من سوق العمل بالبلاد.
وسجلت تحويلات المصريين بالخارج تراجعًا طفيفًا خلال الفترة من يناير/ كانون الثاني إلى أغسطس/ آب من العام الجاري، وبلغت نحو 20.9 مليار دولار، مقابل 21.4 مليار دولار خلال الفترة المماثلة من العام الماضي، بحسب بيان للبنك المركزي المصري، فيما تراجعت التحويلات إلى نحو 2.2 مليار دولار خلال أغسطس/ آب منفردًا، مقارنة بـ2.4 مليار دولار خلال يوليو/ حزيران 2022.
وبلغت تحويلات المصريين بالخارج خلال العام المالي 2021-2022 مستوى تاريخيًا، مسجلة 31.9 مليار دولار مقابل 31.4 مليار دولار في العام المالي السابق عليه، وتعد تحويلات المصريين العاملين بالخارج من أهم مصادر العملة الصعبة في البلاد التي تواجه شحًا كبيرًا في الدولار منذ اندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية.