إبادة الأرمن.. كل ما تحتاج معرفته عن الموقف الأمريكي
مع بزوغ فجر يوم 24 أبريل/نيسان من كل عام، يستعيد العالم ذكرى مذبحة الأرمن التي طالت مليوناً ونصف المليون على يد الإمبراطورية العثمانية.
ويشير الأرمن إلى عمليات القتل الجماعي بـ"الإبادة الجماعية" خلال الحرب العالمية الأولى، وهو وصف ترفضه تركيا وامتنعت الولايات المتحدة عن استخدامه حتى الآن، بحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.
لكن هذا قد يتغير اليوم؛ حيث من المتوقع أن يعترف الرئيس الأمريكي جو بايدن بأن ما حدث "إبادة جماعية" خلال إعلان يوم الذكرى السنوي.
لماذا تعارض تركيا المصطلح؟
تعرف اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1948 بشأن الإبادة الجماعية بأنها جريمة "تدمير بشكل كلي أو جزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية".
ويقدر المؤرخون أن نحو 1.5 مليون مسيحي أرمني قتلوا خلال حملات القتل والترحيل التي نفذتها الإمبراطورية العثمانية بداية من عام 1915. ويستخدم الكثيرون كلمة "إبادة جماعية" لوصف ما حدث.
لكن تركيا - الإمبراطورية العثمانية وقتها - ترفض تلك الروايات. واعترف القادة الأتراك المتعاقبون أنه رغم وقوع "أعمال وحشية بالفعل"، يؤكدون أنها لم ترتق لحالات اضطهاد بالدرجة التي تزعمها أرمينيا وأنصارها.
وبدلًا من ذلك، تقول تركيا إن نحو 300 ألف أرميني قتلوا خلال الحرب العالمية الأولى نتيجة الحرب الأهلية والاضطرابات الداخلية التي استنزفت الإمبراطورية العثمانية أثناء انقسامها.
وبالإضافة إلى المسيحيين الأرمن، تقول تركيا إن الكثير من الأتراك المسلمين ماتوا خلال هذه الفترة.
غير أنه بالنسبة لأنقرة، يهدد مصطلح الإبادة الجماعية، القصة التي تحكيها عن تأسيس دولتها القومية الحديثة.
وتمت محاكمة الكُتاب الذين استخدموا هذه الكلمة بموجب المادة 301 من قانون العقوبات التركي، الذي يجرم "إهانة الهوية التركية".
سر الامتناع الأمريكي
لم يستخدم الرئيسان الأمريكيان السابقان باراك أوباما ودونالد ترامب، من بين آخرين، الكلمة لتجنب إغضاب تركيا.
وتعتبر أنقرة حليفا منذ عهد بعيد للولايات المتحدة كما أنها عضو بحلف شمال الأطلسي (الناتو).
ولطالما حذرت أنقرة حليفتها واشنطن من أن تغيير نهجها سيهدد العلاقات بين البلدين والمصالح المشتركة، مثل الاتفاقية التي تتيح للولايات المتحدة الوصول إلى قاعدة عسكرية موجودة بجنوبي البلاد.
وكثيرًا ما تشكو تركيا عندما تستخدم الدول الأخرى هذا الاصطلاح "إبادة جماعية". لكن بعض الدول تتجاهل أنقرة وتستخدم المصطلح بالفعل، ومن بينها روسيا وفرنسا وكندا.
في حين لا تفعل ذلك دول أخرى حليفة للولايات المتحدة، مثل: بريطانيا وإسرائيل.
وشهد عام 2019، تمرير الكونجرس قرارا يصف عمليات القتل بالإبادة الجماعية. وأثارت تلك الخطوة غضب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورفضها ترامب رسميًا.
لكن على النقيض، تعهد أوباما بالاعتراف رسميًا بالإبادة الجماعية للأرمن عند ترشحه لأول مرة عام 2008. وبحلول نهاية الثمانية أعوام التي أمضاها بالمنصب، لم يفعل ذلك.
ماذا سيكون أثر التغيير؟
بايدن، الذي بصفته نائبًا لأوباما يفترض أنه كان مطلعا على تلك المناقشات، لم يؤكد ما إن كان سيفعل. لكن المتحدثة باسم البيت الأبيض جين بساكي، قالت الأربعاء، إن الرئيس "سيكون لديه المزيد ليقوله بشأن يوم الذكرى السبت".
وعلى نحو مشابه، وعد بايدن بفعل ذلك خلال حملته الانتخابية.
وقال خلال يوم ذكرى مذبحة الأرمن العام الماضي: "حال انتخابي، أتعهد بدعم قرار يعترف بالإبادة الجماعية للأرمن، وسأجعل من حقوق الإنسان العالمية أولوية أولى لإدارتي".
وطبقًا لـ"واشنطن بوست"، ربما يكون بايدن قد أعاد حسبته بأن اتخاذ موقف مع حدث تاريخي - مثل مذبحة الأرمن- قد يكون طريقة سهلة نسبيًا لإعادة تنظيم سياسته الخارجية فيما يتعلق بحقوق الإنسان.
وكان كثير من النشطاء الأرمن الأمريكيين دفعوا بايدن للوفاء بالوعد الذي قطعه خلال حملته الانتخابية.
والأربعاء، أرسل أكثر من 100 عضو بالكونجرس خطابًا إلى بايدن يحثونه فيه على فعل ذلك.