«فن الخداع».. كيف انتصر الحلفاء بالحرب العالمية الثانية؟

لطالما شكل الجواسيس والمخربون جزءاً أساسياً في الحروب عبر التاريخ، خاصة في تحصيل المعلومات عبر التمويه والتخفي.
ومع حشد القوى العظمى مواردها في الحرب العالمية الثانية، تحولت ساحات القتال إلى مسرحٍ لصراع خفي، حيث تفوقت عبقرية الخداع أحيانا على قوة الدبابات والطائرات.
ويروي تقرير لموقع "ذا كولكتور" المعني بالتاريخ العسكري، كيف تمكنت عمليات التضليل والتجسس من تغيير مسار المعارك في الحرب العالمية الثانية عدة مرات.
1940: التعتيم والخدع البريطانية تُربك الألمان
بعد سقوط فرنسا في زمن قياسي خلال يونيو/حزيران 1940، بدأت ألمانيا في شن حملة قصف جوي مكثفة على بريطانيا عرفت باسم "ذا بلتز"، مما دفع الحكومة البريطانية إلى فرض تعتيم ليلي شامل وإزالة اللافتات من الشوارع لإرباك الطيارين الألمان وجواسيسهم.
بالإضافة إلى ذلك، أنشأت بريطانيا مواقع صناعية ومطارات وهمية لخداع الطائرات الألمانية وتحويل هجماتها بعيدا عن الأهداف الحقيقية.
وأسهم هذا الخداع في إحباط الغزو الألماني المتوقع، ودفع ألمانيا للزج بقواتها نحو الاتحاد السوفياتي بدلا من الاستمرار في محاولة احتلال بريطانيا.
1941: جاسوس سوفياتي ينقذ موسكو
في طوكيو، برز الجاسوس السوفياتي ريتشارد سورغه الذي تنكر كصحفي ألماني، ليحصل على معلومات من السفارة الألمانية، محذرا موسكو من الغزو الألماني المرتقب في الشرق.
كما أكد أن اليابان لن تهاجم الاتحاد السوفياتي من الشرق مما أتاح للسوفيات إعادة نشر قواتهم من سيبيريا نحو الدفاع عن موسكو.
وعلى الرغم من مساهمته الكبرى في إنقاذ العاصمة السوفياتية، أعدم سورغه في اليابان دون إشادة رسمية بجهوده إلا بعد عقود طويلة.
1942: محاولة تخريب ألمانية في أمريكا
في يونيو/حزيران 1942، حاولت ألمانيا زعزعة الداخل الأمريكي عبر إرسال جواسيس في غواصات إلى سواحل نيويورك وفلوريدا لتنفيذ عمليات تخريب.
لكن أحد هؤلاء الجواسيس، جورج داسش، سلّم نفسه لمكتب التحقيقات الفيدرالي، ما أدى إلى القبض على باقي المجموعات وإعدام ستة منهم، وسجن داسش لمدة 30 عاما.
وفشلت العملية بشكل كامل وأظهرت مدى صعوبة اختراق الدفاعات الأمريكية.
1942-1945: مكتب الخدمات الاستراتيجية الأمريكي (OSS)
استجابة لهذه التهديدات، أنشأت الولايات المتحدة مكتب الخدمات الاستراتيجية بقيادة ويليام دونوفان، الذي شارك بفعالية في عمليات التجسس ودعم حركات المقاومة في أوروبا وآسيا.
ونفذت فرق الـOSS عمليات خلف خطوط العدو، وزودت الحلفاء بمعلومات استخباراتية حيوية، ما ساهم في تقصير أمد الحرب.
1943: عملية جايويك تُصيب اليابانيين في سنغافورة
وتسللت قوات بريطانية وأسترالية متنكرة كصيادين إلى ميناء سنغافورة الخاضع لسيطرة اليابان، حيث زرعت ألغاما دمرت سبع سفن يابانية.
وعلى الرغم من قيود الجنرال دوغلاس ماك آرثر، ساهم مكتب OSS في عمليات تجسس ودعاية ضد اليابان في مسرح المحيط الهادئ.
1939 – 1945: فك الشيفرات والاستخبارات اللاسلكية
في بريطانيا، تمكن فريق من العلماء من فك رموز آلة "إنغما" الألمانية ضمن برنامج "ألترات"، محققين سرية تامة للحفاظ على التفوق الاستخباراتي.
وبالمثل، كسرت الولايات المتحدة الشيفرات اليابانية عبر برنامج "ماجيك"، مما سمح لها بمراقبة تحركات العدو بدقة أكبر.
1944: الجيش الشبح يخدع الألمان
مع اقتراب تحرير فرنسا، أنشأ الحلفاء "الجيش الشبح" - وحدة مؤلفة من نحو ألف جندي مزودين بدبابات وهمية، وأجهزة بث صوتية ولاسلكية مزيفة، بهدف تضليل الألمان وإيهامهم بتواجد قوات ضخمة في مواقع خاطئة.
واستخدمت تقنيات مماثلة في إيطاليا، مما أربك العدو وشوه تقديراته الاستراتيجية.
1940-1944: المقاومة الفرنسية
خلال الاحتلال الألماني، نُفذت المقاومة الفرنسية عمليات تجسس وتخريب أضعفت سيطرة النازيين، ووفرت معلومات حاسمة للحلفاء قبيل إنزال نورماندي، إضافة إلى إخفاء الطيارين داخل الأراضي المحتلة ومهاجمة خطوط الإمداد، ثم تحولت لتحرير باريس بعد نجاح العملية.
ديسمبر 1944: عملية "غريف"
في محاولة يائسة خلال معركة الثغرة، أطلق الضابط النازي أوتو سكورزيني "عملية غريف"، عبر تسلل جنود ألمان يتقنون اللغة الإنجليزية بزي أمريكي، لنشر شائعات عن مخطط لاغتيال أيزنهاور، في محاولة لتعطيل تحركات القوات الأمريكية.
لكن نقص الموارد والخبرة حدّ من تأثير آخر خدعة للنظام النازي.
ولم تنتهِ حروب الظل بانتهاء المعارك عام 1945، بل تحولت الدروس المستفادة في فك الشفرات والتضليل الاستراتيجي إلى أسس وكالات الاستخبارات الحديثة خلال الحرب الباردة.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuOTAg جزيرة ام اند امز