الذكاء الاصطناعي.. ورقة «رابحة» للبنوك الفرنسية في سباق التحوّل الرقمي

بينما يعيش القطاع المصرفي في قلب التحولات التكنولوجية الكبرى، البنوك الفرنسية تُظهر قدرة واضحة على تبني الابتكارات الاستراتيجية.
وأكدت دراسة حديثة، أن البنوك الفرنسية تقف اليوم على عتبة مفصلية: إمّا أن تتبنى بجرأة أدوات الذكاء الاصطناعي وتُحسن تجربتها الرقمية، أو أن تتخلف عن الركب الأوروبي في هذا السباق نحو الابتكار. فهل تنجح هذه المؤسسات في كسب ثقة العملاء وتجاوز تحفظاتهم؟
الذكاء الاصطناعي يمهّد الطريق لريادة البنوك الفرنسية
كشفت دراسة "تجربة المصرفية الرقمية 2025" الصادرة عن شركة"سوبرا استريا" أن البنوك الفرنسية تُظهر قدرة واضحة على تبني الابتكارات الاستراتيجية، رغم تعقيدات البيئة التنظيمية التي تعمل ضمنها. ويبدو أن الذكاء الاصطناعي، لا سيّما "الذكاء الاصطناعي التوليدي"، يشكّل أداة محورية في هذه التحولات.
ففرنسا تحتل الصدارة الأوروبية من حيث استخدام الذكاء الاصطناعي في الخدمات البنكية، إذ أن 15% من العملاء يستخدمون هذا النوع من الذكاء يوميًا—وهو أعلى معدل في أوروبا. ومع ذلك، لا يزال هناك هامش واسع للتحسين، حيث أن 29% من الفرنسيين لا يلجأون إلى الذكاء الاصطناعي سوى مرة واحدة شهريًا أو أقل، مما يشير إلى الحاجة لزيادة وعي المستخدمين وتعزيز الشفافية، بحسب موقع "آي.تي.سوشيال" الفرنسي التقني المتخصص.
المدفوعات الرقمية: تأخر فرنسي في سباق أوروبي
ورغم التقدّم في مجالات الذكاء الاصطناعي، لا تزال فرنسا متأخرة في اعتماد وسائل الدفع الرقمية مقارنة بجيرانها الأوروبيين. فبينما تبلغ نسبة مستخدمي المدفوعات الرقمية 68% فقط، تصل هذه النسبة إلى 84% في إسبانيا و87% في ألمانيا.
كما أن الوسائل التقليدية مثل الشيكات (26%) والنقد (58%) لا تزال مستخدمة على نطاق واسع، ما يعكس بطء الانتقال إلى البدائل الرقمية. ومع ذلك، تتصدر فرنسا من حيث استخدام بطاقات الائتمان بنسبة 53%، مقارنة بـ 31% فقط في ألمانيا، ما يعكس استعدادًا جزئيًا لتبني الابتكار المالي.
أما فيما يخص العملات المشفرة، فتُظهر فرنسا حذرًا كبيرًا؛ إذ إن 76% من الفرنسيين لم يشتروا يومًا عملات مشفرة ولا ينوون القيام بذلك، ويُعزى ذلك إلى القلق من تقلبات السوق ونقص المعرفة بهذا المجال. وهنا تبرز أهمية دور البنوك في تقديم خدمات تعليمية وحلول آمنة يمكن أن تسهم في تسريع اعتماد هذه الأصول الرقمية.
وتبقى الثقة والأمن السيبراني من الرهانات الأساسية. إذ تحظى البنوك الفرنسية بمستوى ثقة عالٍ نسبيًا، حيث يثق 56% من العملاء في قدرتها على حماية بياناتهم الشخصية. غير أن 38% من العملاء يرون أن مصارفهم يمكن أن تبذل مزيدًا من الجهود في مجال الأمن السيبراني. ومن هذا المنطلق، تبقى الشفافية وتوعية العملاء أمرين أساسيين للحفاظ على هذه الثقة وتعزيزها.
أخيرًا، فإن رقمنة الخدمات البنكية في فرنسا لا تزال غير متكافئة. إذ يسجّل العملاء الفرنسيون أدنى مستوى من الرضا عن التجربة الرقمية على مستوى أوروبا، بنسبة 69% فقط، مقابل متوسط أوروبي يبلغ 75.5%. وعلى الرغم من أن تجربة تصفح المنصات الرقمية تُعتبر جيدة (80%)، إلا أن البنوك الفرنسية تتلقى تقييمات منخفضة فيما يتعلق بتنوع المنتجات الرقمية المعروضة (67%). وبالتالي، يتعين على هذه المؤسسات تطوير عروضها الرقمية وتحسين تطبيقاتها لتلبية الاحتياجات اليومية للعملاء، مثل إدارة الميزانيات الشخصية.