من أسوان إلى بهو المتحف الكبير .. رحلة أسطورية لتمثال رمسيس الثاني

قبل أكثر من 3200 عام، بدأ تمثال رمسيس الثاني رحلته من محاجر الجرانيت بأسوان، حيث تم نحته بعناية ليحمل بين طياته قوة أحد أعظم الملوك.
حُمل التمثال على متن القوارب عبر نهر النيل لمسافات طويلة باتجاه مدينة منف، عاصمة مصر الموحدة آنذاك، ليستقر أمام معبد الإله بتاح، شاهداً على عظمة الملك وتاريخه العسكري والثقافي.
على مدار آلاف السنين، تعرض التمثال لظروف قاسية، بما في ذلك تعرضه للكسر إلى ستة أجزاء في مرحلة ما، حتى جاء العالم الإيطالي جيوفاني كافليا ليكتشفه عام 1820، وحاول نقله إلى إيطاليا، لكن ثقل التمثال الضخم حال دون ذلك، ليظل في مصر رمزا للفخر الوطني.
في عام 1955، وبعد عقود من وجوده في موقعه التاريخي، نُقل التمثال إلى ميدان باب الحديد في القاهرة، الذي صار يُعرف لاحقا بميدان رمسيس، ليكون رمزا حضاريا وسط صخب العاصمة الحديثة.
لكن مع مرور الوقت، وتزايد حركة السيارات والتلوث البيئي، بدأت تظهر علامات تآكل وتلف على التمثال نتيجة الانبعاثات واهتزازات المرور، مما شكل تهديدا حقيقيا على سلامته.
وفي عام 2006، انطلقت الاستعدادات لنقل التمثال إلى مقر جديد آمن، حيث تم تشكيل فريق متخصص من المهندسين والخبراء الأثريين لوضع خطة محكمة لنقله. تضمنت التحضيرات تصنيع شاحنة ضخمة مزودة بأنظمة متطورة لامتصاص الصدمات، بالإضافة إلى رصف وتجهيز طريق خاص لتحمل الوزن الهائل للتمثال الذي يبلغ طوله حوالي 12 مترا ووزنه 83 طنا.
وفي فجر يوم نقل التمثال الأخير، وبعد جهود دقيقة استمرت لساعات، بدأ التمثال رحلته عبر شوارع القاهرة مروراً بميدان رمسيس حتى الوصول إلى بهو المتحف المصري الكبير بمنطقة الجيزة، الرحلة التي استغرقت حوالي 10 ساعات، تخللتها مراقبة دقيقة وحماية أمنية مشددة، حضرها المصريون بشغف وحماس، متابعين لحظة بلحظة تحرك هذا الأثر العظيم.
ويعتبر تمثال رمسيس الثاني، ليس مجرد قطعة أثرية ضخمة، فهو رمز لعصر الذهب في التاريخ المصري، حيث يحكي قصة ملك حكم مصر 68 عاماً، قاد حملات عسكرية، وشيد معابد عظيمة مثل أبوسمبل والرمسيوم، وأبرم أقدم معاهدة سلام في التاريخ.
وباحتلاله موقع الصداره في بهو المتحف الكبير، أصبح هذا التمثال بمثابة البوابة التي تستقبل ملايين الزوار من جميع أنحاء العالم لاستكشاف روائع الحضارة المصرية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMjUyIA== جزيرة ام اند امز