محاولة اغتيال ترامب.. أمريكا أمام مرآة ويفزعها ما ترى
هزت محاولة اغتيال المرشح الجمهوري الأمريكي دونالد ترامب أمة تعاني بالفعل من انقسام عميق مما يفتح فصلا جديدا مظلما في قصة العنف السياسي.
هزت محاولة اغتيال الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أمة تعاني بالفعل من الانقسام العميق مما يفتح فصلا جديدا مظلما في قصة العنف السياسي في الولايات المتحدة التي تعيش أكثر الفترات توتراً في تاريخها الحديث.
وقال تقرير لشبكة "سي إن إن" طالعته "العين الإخبارية" إنه على الرغم من أن ترامب لا يشغل حاليا منصب الرئيس إلا أن إصابته تسلط الضوء على التهديد الدائم الذي يخيم على المنصب وأولئك الذين يترشحون له.
وفي تاريخ الولايات المتحدة قتل 4 رؤساء أثناء وجودهم في المنصب كان آخرهم جون إف كينيدي الذي تعرض للاغتيال عام 1963.
وتنهي محاولة اغتيال ترامب أربعين عاما افترض فيها الكثيرون أن جهاز الخدمة السرية لعب دورا في التقليل من احتمال وقوع مثل هذه الاعتداءات.
كما أثار استهداف ترامب خلال حملته الرئاسية مقارنات باغتيال المرشح الديمقراطي روبرت كينيدي في عام 1968، المليء بالدماء والذي شهد أيضًا اغتيال زعيم الحقوق المدنية مارتن لوثر كينغ جونيور كما شهد أعمال عنف في المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي بولاية شيكاغو التي ستستضيف نفس الحدث هذا العام.
ومنذ ذلك الوقت، لم يتوقف العنف السياسي في الولايات المتحدة ففي عام 2011، أصيبت النائبة الديمقراطية آنذاك غابرييل جيفوردز، بتلف في الدماغ بعد إصابتها برصاصة في الرأس خلال حفل قتل فيه ستة أشخاص.
وفي عام 2017، فتح مسلح النار على تدريب للبيسبول تابع للحزب الجمهوري في الكونغرس، وأطلق النار على ستيف سكاليز، الذي كان يشغل منصب زعيم الأغلبية في مجلس النواب آنذاك، وثلاثة آخرين.
ولا تزال الولايات المتحدة تتعامل مع الهجوم على مبنى الكابيتول الأمريكي من قبل أنصار ترامب في 6 يناير/كانون الثاني 2021.
وفي تصريحات لشبكة "سي إن إن"، اعتبر جوزيف مين أحد شهود العيان على محاولة اغتيال ترامب أن "الهجوم كان أحد أعراض دولة استهلكها الغضب السياسي".
وقال "يبدو الجميع غاضبين للغاية.. لست مصدوما مما حدث إنما صدمت لأنني كنت جالسا هناك وحدث ذلك بجانبي" وأضاف "إنه أمر فظيع".
وتابع "إنه أمر مثير للسخرية.. لا ينبغي للسياسة أن تكون لعبة محصلتها صفر، حيث يفوز شخص بكل شيء ويخسر كل شيء".
وجاءت هذه التطورات المروعة لتضيف عنصرا سياسيا متقلبا آخر إلى عام انتخابي جامح وغير متوقع شهد مؤخرا نضال الرئيس الديمقراطي جو بايدن للاستمرار في السابق بعد أدائه الكارثي في المناظرة كما شهد إدانة ترامب من قبل هيئة محلفين في نيويورك في قضية أموال الصمت.
وفي مواجهة الواقعة المرعبة، كان رد الفعل الأولي هو الشعور بالارتياح لأن المرشح الرئاسي لا يزال على قيد الحياة والحداد على الرجل الذي قتل في الحادث.
وسرعان ما أرسل معظم القادة والجهات السياسية الفاعلة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي صلواتهم إلى ترامب ودعوا إلى الهدوء.
وبعد أيام من محاولاته لدعم حملته الانتخابية، عاد بايدن إلى مقعده كرئيس للولايات المتحدة بعد الحادث فأصدر بيانا ثم تحدث للأمة.
وقال بايدن "لا يوجد مكان في أمريكا لهذا النوع من العنف.. لا يمكننا التغاضي عن هذا" وأوضح أنه حاول الاتصال هاتفيا بدونالد وأضاف أن "الرئيس السابق كان في تجمع حاشد كان ينبغي أن يتم بشكل سلمي دون أي مشكلة".
وتمكن بايدن لاحقا من الاتصال بسلفه قبل أن يقطع عطلة نهاية الأسبوع ويعود مبكرا إلى واشنطن العاصمة.
ووسط حالة الاستقطاب التي تعيشها الولايات المتحدة فإن الصدمة الأولية الناجمة عن محاولة الاغتيال سوف تؤدي حتماً إلى تداعيات سياسية خطيرة.
وفي حين كان ينظر أنصار ترامب إليه باعتباره بطلا خارقا ومقاتلا يتعرض باستمرار لهجوم أعدائه فإن الحادث سيؤدي إلى ترسيخ هذه الصورة بشكل أعمق خاصة بعدما خلق الرئيس السابق لحظة تحدٍّ خاصة عندما رفع قبضته وصاح "قاتلوا قاتلوا".
وستظل هذه اللقطة خالدة في التاريخ وستثري أساطير ترامب، تمامًا مثل صورته في سجن أتلانتا ولقطات عودته إلى البيت الأبيض في عام 2020 بعد التغلب على إصابته بفيروس كورونا.
ووسط الدعوات للتحقيق في الحادث، بدأ عدد من السياسيين من الحزبين التعبير عن حسرتهم من الخطاب السياسي المحتقن وما يمكن أن يؤدي إليه في دولة يسهل فيها الوصول إلى الأسلحة.