أفدييفكا.. لماذا تتقاتل روسيا وأوكرانيا للسيطرة على مدينة «ميتة»؟
على بعد حوالي ثلاثة أميال شمال دونيتسك في شرق أوكرانيا، تدور رحى معركة كبيرة للسيطرة على واحدة من أكثر النقاط الأوكرانية تحصيناً.
تلك المعركة «الشرسة» للسيطرة على مدينة أفدييفكا التي وصفت بأنها «ميتة»، تعيد أجواء مدينة باخموت، التي استمر القتال حولها أشهرا، وأدت إلى مقتل عشرات الآلاف من الجنود الروس والأوكرانيين أثناء السيطرة على المدينة التي تم تدمير معظمها، ولم يتبق فيها سوى أطلال مشتعلة.
وفي محاولة من أوكرانيا لعدم تكرار سيناريو باخموت، ورداً على الهجمات الروسية الشرسة، أعادت في الأيام الأخيرة نشر كتائب من لواء واحد على الأقل على الجبهة الجنوبية إلى أفدييفكا.
وضع جعل الخسائر على كلا الجانبين مرتفعة بالفعل، حسب صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، التي قالت إن كييف تدعي أن روسيا فقدت كمية كبيرة من المعدات العسكرية في مهاجمة أفدييفكا.
وأبلغ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك يوم الجمعة أن «موسكو فقدت لواء كاملاً من المقاتلين». ولم يتسن التحقق من هذه التأكيدات بشكل مستقل.
فيما قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي، الخميس، إن الهجوم الروسي على أفدييفكا كان «تذكيرًا واقعيًا» بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يريد «الاستيلاء على أوكرانيا بأكملها». وحذر كيربي من أن موسكو «قد تحقق بعض النجاحات التكتيكية» في الأشهر المقبلة.
لماذا أفدييفكا؟
كانت أفدييفكا هدفاً منذ أن بدأت روسيا عمليتها العسكرية في أوكرانيا، بل إن هذا الهدف يعود بالتحديد إلى عام 2014، بحسب «واشنطن بوست»، التي قالت إن تلك المدينة لها قيمة استراتيجية أكبر من منطقة باخموت التي استولت عليها روسيا في مايو/أيار الماضي.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن السيطرة على أفدييفكا يؤدي إلى فتح امتداد من 30 إلى 40 ميلاً من خط المواجهة ويمكن أن يخلق بوابة من دونيتسك إلى مدن أخرى، مثل كوستيانتينيفكا في الشمال، والتي تعتبر أساسية لهدف بوتين المتمثل في السيطرة على منطقة دونيتسك بأكملها.
وقال رئيس الإدارة العسكرية في أفدييفكا فيتالي باراباش إن الهجمات الروسية الأخيرة لا تشبه أي شيء رآه خلال ما يقرب من عقد من القتال، حيث نشرت موسكو أعدادا ضخمة من الأفراد والمعدات.
ويمر الطريق المؤدي إلى أفدييفكا من الأراضي التي تسيطر عليها أوكرانيا عبر خط من الأشجار العالية قبل أن ينحرف إلى الجنوب عند مدخل مصنع كوكاكولا والكيماويات العملاق في المدينة. كان المصنع يوما القلب الاقتصادي لمدينة أفدييفكا، التي كان عدد سكانها قبل الحرب يبلغ 32 ألف نسمة، وقد تحطم المصنع الآن وأصبح مهجورًا.
وبينما كان موظفو الإدارة العسكرية لأفدييفكا يسرعون نحو المدينة يوم الثلاثاء، كانت معركة شرسة جارية، مما أدى إلى ارتفاع أعمدة كثيفة من الدخان الداكن إلى السماء على بعد ميل واحد شمال شرق الطريق.
وفي الأيام الأخيرة، تقدمت القوات الروسية عبر كراسنوهوريفكا على بعد أربعة أميال شمال أفدييفكا، باتجاه السكك الحديدية في المدينة، ووجهت ضربة تكتيكية لأوكرانيا.
وأظهرت لقطات روسية للمعركة مشاهد مروعة لطائرات بدون طيار وهي تسقط قنابل يدوية على المواقع الأوكرانية بينما كان الجنود يحاولون يائسين الزحف بعيدًا. وقامت القوات الروسية في وقت لاحق بزرع علم روسي وعلم سوفياتي في المنطقة.
متى بدأ الهجوم؟
بدأ هجوم موسكو على أفدييفكا في 10 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، عندما أرسلت روسيا ثلاثة ألوية وما يصل إلى 100 وحدة من المعدات، وفقًا لمسؤولين أوكرانيين.
وقال مايكل كوفمان، زميل بارز في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي: «من الواضح أن الجيش الروسي يحاول الاستيلاء على زمام المبادرة»، مضيفا أن السيطرة على أفدييفكا في حد ذاته لن يؤدي إلى تحسين وضعهم بشكل كبير.
لكن على عكس باخموت فإن الجنود الأوكرانيين ليسوا منخرطين في القتال الحضري في أفدييفكا. يعيش معظم السكان الذين بقوا تحت الأرض ويعتمدون بشكل كامل على المساعدات الإنسانية.
aXA6IDMuMTM2LjIyLjIwNCA= جزيرة ام اند امز