أسرار عالم الطيران والكربون.. صناعة طموحة ومناخ يئن

تعد الرحلات الجوية من المصادر الضخمة للانبعاثات، ويمكن لشركات الطيران خفض بصماتها الكربونية من خلال وقود الطيران المستدام (SAF).

باختصار وقود الطيران المستدام هو نوع من الوقود الحيوي، ما يعني أنه مصنوع من مواد نباتية أو حيوانية بدلاً من الوقود الأحفوري. الذي خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة تصل إلى 80٪ مقارنة بالوقود التقليدي.

• مؤتمر العمل المناخي في بروكسل.. سلطان الجابر يعلن عن خطة طموحة لقمة COP28
• خطة أوروبية لخفض استهلاك الطاقة بنسبة 11.7% بحلول 2030
  

أهمية الوقود المستدام في الحد من الانبعاثات

يمكن لرحلة واحدة طويلة المدى أن تولد المزيد من انبعاثات الكربون في غضون ساعات قليلة مما سينتج عن الشخص العادي في 56 دولة مختلفة في عام كامل.

وتعد إحدى الطرق التي يمكن لشركات الطيران من خلالها خفض انبعاثاتها هي الانتقال من استخدام الوقود البترولي إلى استخدام بديل منخفض الكربون يُعرف باسم وقود الطيران المستدام (SAF).

وقالت حكومة المملكة المتحدة مؤخرًا إنها تريد زيادة إنتاج واستخدام SAF من خلال إدخال قاعدة تنص على أن تكون 10٪ على الأقل من وقود الطائرات مصنوع باستخدام مواد مستدامة بحلول عام 2030.

وسابقًا التزمت شركات الطيران الأعضاء في الاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA) بتحقيق انبعاثات كربونية صافية صفرية من عملياتها بحلول عام 2050. ويقولون إن SAF يمكن أن تساعدهم في خفض انبعاثاتهم بنسبة 65٪.

ومع ذلك ، لا يزال يتعين مزج الوقود المستدام بوقود الطائرات التقليدي، المصنوع من الوقود الأحفوري. وتنص القواعد الحالية على أن SAF يمكنها أن تشكل 50٪ كحد أقصى من الخليط ، ولكن هناك آمال في أن تتمكن شركات الطيران من استخدام 100٪ من SAF بحلول عام 2030.

وحاليًا ينصب التركيز الرئيسي للصناعة على ضمان إمكانية استخدام SAF كبديل "سريع" لوقود الطائرات التقليدي. هذا يعني أنه لا يلزم تعديل محركات الطائرات لاستخدامها.

كم يمكن أن تخفض SAF الانبعاثات؟

هناك معايير استدامة صارمة حول وقود الطيران المستدام. لكي يتم تصنيفها على أنها مستدامة ، يجب أن تخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنسبة 50٪ على الأقل مقارنة بوقود الطائرات النفاث القائم على النفط اليوم.

لكن تظهر الأبحاث أن بإمكانها تحقيق أكثر من ذلك بكثير، حيث تصل إلى تخفيضات تصل إلى 80٪ مقارنة بوقود الطائرات التقليدي.

ويمكن للجيل القادم من وقود الطيران المستدام إدارة تخفيضات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 85-95٪. والتي سيتم تصنيعها من الكتلة الحيوية - والتي تشمل الطحالب ومخلفات المحاصيل ونفايات الحيوانات ومخلفات الغابات - والقمامة اليومية، مثل تغليف المنتجات وبقايا الطعام.

في حالة SAF المصنوع من الكتلة الحيوية، فإن ثاني أكسيد الكربون الذي تمتصه هذه النباتات خلال مرحلة نموها يعادل تقريبًا الكمية المنتجة عند استخدام الوقود ، وفقًا لـ IATA. هذا من شأنه أن يجعل SAF محايدًا للكربون ، ولكن هناك بعض الانبعاثات المنبعثة أثناء عملية إنتاج SAF بسبب الطاقة اللازمة لنقل المواد الخام وتكرير الوقود.

لماذا لا يتم استخدام SAF أكثر؟

يشكل الوقود الحيوي حوالي 0.1٪ من إجمالي استهلاك وقود الطائرات. ويقول البرلمان الأوروبي إن العوائق تشمل التكاليف الباهظة المرتبطة بالتقنيات الجديدة وأساليب الإنتاج. وقال سكوت كيربي، الرئيس التنفيذي لشركة يونايتد إيرلاينز: "لا يوجد وقود طيران مستدام ذو تكلفة تنافسية حتى الآن مع وقود الطائرات التقليدي".

بشكل عام، يواجه الطيران الأوروبي فاتورة تزيد عن 440 مليار يورو (485 مليار دولار) للانتقال إلى استخدام الوقود النظيف، وفقًا لتقديرات الصناعة.

كما يقول البرلمان الأوروبي إن ندرة المواد الأولية القائمة على النفايات هي عقبة أخرى. هذا هو السبب في الحاجة إلى مجموعة واسعة من المواد الأولية لاستخدامها في إنتاج SAF، وفقًا لمعهد دراسة البيئة والطاقة (EESI).

هناك مشكلة أخرى يجب معالجتها مع SAF وهي انخفاض كثافة الطاقة فيها عن وقود الطائرات التقليدي. هذا يعني أن لترًا واحدًا من وقود الطائرات يحتوي على طاقة أكثر من لتر واحد من SAF، لذلك يمكنك أن تطير بالطائرة باستخدام وقود الطائرات أكثر بكثير من استخدام نفس الكمية من SAF.

لذلك ستحتاج الطائرات إلى حمل كميات كبيرة من SAF للقيام برحلات طويلة المدى ومثل هذه الأحجام الكبيرة قد تصبح غير عملية.

ويؤكد البرلمان الأوروبي إن الحكومات بحاجة إلى صياغة سياسة يمكن أن تساعد في تشجيع توسيع نطاق إنتاج SAF، مع المساعدة في خفض التكلفة. وتقول شركة بريتيش بتروليوم إن تزويد الشركات باليقين بشأن السياسات طويلة الأجل يمكن أن يقلل من مخاطر الاستثمار، والتي بدورها ستساعد في تعزيز البحث والتطوير والتسويق التجاري لتقنيات الإنتاج والمواد الأولية المبتكرة.

وأخيرًا يجمع تحالف الأجواء النظيفة للغد التابع للمنتدى الاقتصادي العالمي قادة صناعة الطيران ووزراء الحكومة للمساعدة في تطوير التدخلات والأطر التي يمكن أن تجعل SAF أكثر قابلية للتطبيق من الناحية الاقتصادية.