سباق في سماء أفريقيا.. شركات الطيران تعيد رسم خريطة النقل الجوي

منذ انتهاء جائحة كوفيد-19، يشهد قطاع النقل الجوي الأفريقي حراكا غير مسبوق. فشركات الطيران، التي تضررت بشدة خلال الأزمة واضطرت للتخلي عن جزء من طائراتها، دخلت اليوم في سباق محموم لزيادة أساطيلها وتحديثها.
هذا التوجه مدفوع بانتعاش السياحة العالمية، وتحرير الأجواء في إطار السوق الأفريقية الموحدة للنقل الجوي (MUTAA)، إلى جانب نمو الطبقة الوسطى الأفريقية، ما يخلق طلبًا متزايدًا على السفر.
دوافع سباق تعزيز الأساطيل
وتشير المؤشرات الاقتصادية والقطاعية إلى أن شركات الطيران الأفريقية تتنافس بقوة لتكبير أساطيلها لعدة أسباب: النمو السياحي العالمي الذي يرفع الطلب على الرحلات، وتحرير الأجواء الأفريقية بما يفتح المجال أمام التوسع في الوجهات، وتجدد الطلب الداخلي مع صعود الطبقة الوسطى وقدرتها على السفر.
وكذلك الرغبة في تحديث الطائرات عبر اقتناء نماذج جديدة أقل استهلاكًا للوقود، لتقليص التكاليف التي تمثل المحروقات نحو 30% منها، والاعتبارات الاستراتيجية للدول التي تسعى إلى تأسيس أو تقوية شركات طيران وطنية.
احتياجات مستقبلية ضخمة
وفقًا لشركة بوينغ، ستحتاج أفريقيا خلال العقدين المقبلين إلى ما يقارب 1100 طائرة جديدة، سواء لتعويض الأساطيل القديمة أو لمواكبة التوسع في النقل الجوي.
ويؤكد موقع Planespotters أن القارة تضم اليوم 804 شركات طيران مسجَّلة، و1650 طائرة فقط، أي بمعدل 2 طائرة لكل شركة تقريبًا، كما أن كثير من الشركات مسجلة لكنها لا تملك طائرات فعلية، كما في حالة بوروندي، جزر القمر، غينيا بيساو، وليبيريا.
نيجيريا
تتصدر نيجيريا، باعتبارها الدولة الأكثر سكانًا في أفريقيا، قائمة البلدان المالكة لأكبر أساطيل الطيران. فقد سُجّل في البلاد ما مجموعه 91 شركة طيران، لكن 27 فقط منها ما تزال نشطة فعليًا، بحسب موقع "360 " المغربي الناطق بالفرنسية.
ويبلغ مجموع الأسطول النيجيري 153 طائرة، تتوزع بين شركات خاصة بالكامل، أبرزها Air Peace التي تقود السوق بـ32 طائرة، تليها Arik Air بـ14 طائرة، ثم Ibom Air بـ9 طائرات.
وتخدم هذه الشركات مختلف المدن النيجيرية كما تربط البلاد بعدة وجهات في غرب إفريقيا والشرق الأوسط، ما يعكس دور نيجيريا المحوري في حركة النقل الجوي الإفريقي.
جنوب أفريقيا
تأتي جنوب أفريقيا في المرتبة الثانية على مستوى القارة بفضل سوق طيران راسخ وبنية تحتية متقدمة. إذ تحتضن البلاد 72 شركة طيران مسجلة، بينها 24 شركة نشطة تدير أسطولًا إجماليًا يصل إلى 225 طائرة.
وتتصدر المشهد شركة Air Link التي تمتلك 70 طائرة، متبوعة بـFlySafair بـ37 طائرة، ثم CemAir بـ25 طائرة، إضافة إلى الناقل الوطني South African Airways الذي يملك 18 طائرة فقط بعد أزماته المالية. ورغم التحديات، لا تزال جنوب إفريقيا وجهة جوية مركزية في القارة، بفضل موقعها وارتباطها بالأسواق العالمية.
كينيا
تحتل كينيا المركز الثالث، وتتميز بعدد كبير من الشركات النشطة مقارنة ببقية الدول. فهناك 70 شركة طيران مسجلة، منها 34 شركة ما تزال تملك طائرات، بإجمالي أسطول يبلغ 203 طائرات.
وتتصدر القائمة الناقل الوطني Kenya Airways بـ35 طائرة، بينما تنشط شركات أخرى مثل Aircraft Leasing Services بـ21 طائرة، وSkyward Express بـ16، و Renegade Air بـ15، و748 Air Service بـ13 طائرة.
ويعود هذا العدد الكبير من المشغلين إلى الطابع السياحي للبلاد، إذ تخدم الكثير من الطائرات الصغيرة رحلات السفاري إلى المحميات الطبيعية والمنتزهات الوطنية.
مصر
في المرتبة الرابعة، تبرز مصر كواحدة من أهم مراكز الطيران في شمال أفريقيا، بفضل موقعها الجغرافي الاستراتيجي الذي يربط القارة بالشرق الأوسط وأوروبا. وتضم البلاد 53 شركة طيران مسجلة، تملك مجتمعة 180 طائرة.
ويقود المشهد الناقل الوطني مصر للطيران EgyptAir بأسطول من 67 طائرة، إلى جانب شركته التابعة Air Cairo بـ35 طائرة، إضافة إلى EgyptAir Cargo المتخصصة في الشحن الجوي والتي تملك 4 طائرات. هذا التنوع يعكس مكانة مصر كمحور رئيسي لحركة الطيران الإقليمي والدولي.
جمهورية الكونغو الديمقراطية
تحتل جمهورية الكونغو الديمقراطية المرتبة الخامسة من حيث عدد شركات الطيران المسجلة، إذ يبلغ عددها 46 شركة، غير أن 12 فقط منها ما تزال نشطة بأسطول إجمالي يضم 41 طائرة.
وتتصدر شركات مثل Serve Air Cargo التي تمتلك 9 طائرات، وMont Gabon Airlines بـ7 طائرات، وFlyCAA بـ7 طائرات أيضًا.
ويكشف هذا الوضع عن التحديات الكبيرة التي يواجهها قطاع الطيران في البلاد، من ضعف البنية التحتية إلى محدودية الاستثمارات، رغم أن السوق الكونغولية تظل من الأكثر وعدًا في وسط إفريقيا.
ويكشف سباق شركات الطيران الإفريقية نحو تعزيز الأساطيل عن مرحلة تحول استراتيجي مهم. فبينما تسعى بعض الدول إلى بناء شركات وطنية قوية، تعمل شركات أخرى على تجديد أساطيلها لمجاراة المعايير العالمية.
وإذا تحقق التقدير القائل إن إفريقيا ستحتاج إلى أكثر من ألف طائرة جديدة في العقدين المقبلين، فإن السنوات القادمة ستكون حاسمة في تحديد ملامح خريطة الطيران الإفريقي، ودوره في ربط القارة بالعالم.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTUwIA== جزيرة ام اند امز