وزير الأوقاف المصري لـ"العين الإخبارية": الإخوان الحاضنة الكبرى للإرهاب
"العين الإخبارية" تحاور وزير الأوقاف المصري دكتور محمد مختار جمعة، ويفند في المقابلة أكاذيب جماعة الإخوان الإرهابية
قال وزير الأوقاف المصري الدكتور مختار جمعة إن جماعة الإخوان الإرهابية هي المنظر والحاضنة الكبرى للجماعات المتطرفة، وإن فتاوى الجماعة الإرهابية لا تختلف عن فتاوى داعش والقاعدة وبوكو حرام بل تعد أصلا لهذه الجماعات المتطرفة.
وفي حوار مطول مع "العين الإخبارية"، فنّد وزير الأوقاف المصري أكاذيب الجماعة الإرهابية، سواء في محاولاتها الوقيعة بين الحكام والشعوب، أو في ادعائها نيل أعضائها وقياداتها الشهادة، مشددًا على أن الجماعات الأيديولوجية المتطرفة وفي مقدمتها جماعة الإخوان الإرهابية خطر على الدين والدولة معا.
وكشف "جمعة" عن جهود الأوقاف المصرية في مواجهة الفكر المتطرف، خاصة فيما يتعلق بتطهير مفاصلها القيادية والإدارية والتعليمية من أي عناصر تنتمي لجماعة الإخوان الإرهابية، لافتًا إلى أن الأوقاف نجحت في استعادة المنابر التي اختطفتها الجماعات الإرهابية.
وأوضح أن دور الأوقاف لا يقف عند المسجد في مواجهة الجماعات الإرهابية، حيث أنشأت الأوقاف ألف مدرسة قرآنية في أقل من عامين، 265 مدرسة علمية و2000 مكتب تحفيظ قرآن لتحصين النشء والشباب من أن تخطفه الجماعات المتطرفة تحت ادعاء تحفيظ القرآن الكريم.
ودعا الدول الإسلامية والعربية إلى تطهير جهازها الإداري والمؤسسي من أي عناصر مؤدلجة لجماعة متطرفة، خاصة أن العناصر القيادية والتنظيمية لهذه الجماعات وعلى رأسها الإخوان الإرهابية لا تصلح معها إلا سياسة البتر، وفق وصفه.
وتحدث عن أوجه التعاون المشترك مع المؤسسات الدينية الإماراتية وفي مقدمتها هيئة الشؤون الإسلامية، والأوقاف، ومنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، كاشفًا عن الأوقاف بصدد عقد دورة لشباب العلماء الأفارقة، بالتنسيق مع المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة؛ لتحصينهم من الفكر المتطرف.
وأشاد وزير الأوقاف المصري بوثيقة الأخوة الإنسانية باعتبارها "حلقة من حلقات التسامح الإنساني"، مثمنًا في الوقت نفسه التعاون المشترك بين بلاده ودولة الإمارات العربية المتحدة في مواجهة الإرهاب.
وفيما يلي نص الحوار:
*بداية، ما الخطوات التي اتخذتموها لمواجهة الفكر المتطرف؟
مواجهة الفكر المتطرف ونشر صحيح الإسلام قضية أساسية ومحورية؛ لأن الجماعات المتطرفة عملت بوسعها على اختطاف الخطاب الديني وعلى توظيفه لصالح أيديولوجيتها، ومنذ البداية عملنا على عدة محاور، الأول والأهم تطهير المنابر من العناصر المنتمية لأي جماعة، وتغيير أسماء جميع المساجد التي كانت تحمل دلالات بأسماء جماعات أو قيادات أو جمعيات؛ لأنني أؤكد أن كل هذه الجماعات الأيديولوجية المتطرفة وعلى رأسها جماعة الإخوان خطر على الدين والدولة.
*كيف تكون الجماعات الإرهابية خطرا على الدين؟
تلك الجماعات أينما حلوا وحيثما كانوا أثاروا المشكلات؛ لأنهم لا يؤمنون بوطن ولا بدولة وطنية وحاولوا أن يضعوا الناس في مقابلات خاطئة، وكأننا لا يمكن أن نعمر الدنيا بالدين، أو أن نقيم الدنيا والدين معا، مهمة المسلم الواعي إعمار الدنيا بالدين، فالدين فن صناعة الحياة لا فن صناعة الموت.
والعلماء أجمعوا حيث تكون مصالح البلاد والعباد فثمة شرع الله، كل ما يؤدي إلى قوة الدولة الوطنية وإلى صناعة الحضارة وإلى صالح الإنسانية وسعادتها يتفق مع المقاصد السامية للأديان، وكل ما يؤدي إلى الهدم والتخريب والفساد والإفساد وسفك الدماء لا علاقة له لا بالأديان ولا بالوطنية ولا بالإنسانية ولا بالضمير الإنساني، وإذا كانت الأديان هي فن صناعة الحياة وعمارة الكون، فإن منهج هذه الجماعات هو تدمير الحياة والجرائم وسفك الدماء.
*للأسف، وجدنا من يقول إن الأوطان لا تساوي أكثر من حفنة تراب، كيف تردون على هذا؟
نعم للأسف الشديد، رغم أن مصالح الأوطان من صميم مقاصد الدين، وأنا أؤكد، الدين لا يمكن أن يقام إلا في وطن مستقر، ومثلا لو نظرنا حولنا في المنطقة، الدول التي تعرضت للفوضى والتخريب والتدمير هل يمكن أن ينشأ فيها فكر وسطي صحيح؟ معظمها أو بعضها أو كثير منها صار مجالا للجماعات المتطرفة المتناحرة التي أتت من كل حدب وصوب، بينما الدول المستقرة هي الدول يحيا فيها الدين.
كل الدول التي آمنت بحق التنوع والاختلاف والعيش الإنساني المشترك كانت أكثر الدول رخاء وازدهارا وتقدما، وكل الدول التي دخلت في فوضى وخلافات سواء الخلافات الدينية أو المذهبية أو القبلية أو الطائفية وقعت في فوضى، قلَّ من وقع فيها وقام منها، هذه الجماعات عبء على أوطانها؛ لأن مصلحة الجماعة فوق مصلحة الوطن عندها وفوق مصلحة الأمة وفوق مصلحة الدين، والغاية عندها تبرر الوسيلة.
*في رأيكم، ما السياسة الأصلح للتعامل مع الجماعات المتطرفة؟
العناصر القيادية والتنظيمية للجماعات المتطرفة وعلى رأسها جماعة الإخوان الإرهابية لا تصلح معها إلا سياسة البتر؛ لأن هؤلاء خطر أينما حلوا ولا يمكن أن يُمكنوا من أي مفصل من مفاصل الدولة، وأنا تابعت حديث أحد قيادات الجماعة من يدعى الأمين العام لها عندما سألوه لماذا لا تدعو إلى عصيان مدني في مصر، خاف أن يقول إنه سيفشل، لكن قال: دولة كبيرة مثل مصر بها جهاز إداري يضم نحو 5 ملايين شخص نحتاج أن يكون لدينا كتلة قوية داخل الجهاز يمكننا من عمل عصيان مدني مثلما فعلنا بالسودان. على أي دولة واعية تطهير جهازها الإداري والمؤسسي من أي عناصر مؤدلجة لجماعة متطرفة.
*هل تم تطهير الأوقاف من تلك العناصر المتطرفة؟
غير مسموح لأي عنصر منتمٍ لأي جماعة باعتلاء المنبر أو بتولي عمل قيادي في أي مفصل من مفاصل الأوقاف، واجتهدنا أن نطهر مفاصل الوزارة القيادية والإدارية والإشرافية والعلمية من أي عنصر منتمٍ أو أي عنصر تنظيمي، لكن على المستوى الإداري قد نجد بعض الخلايا النائمة، ودورنا مراقبتهم ومتابعتهم ولدينا قانون نطبقه.
*ماذا عن تشكيل عقول الناس خارج المسجد؟
نحن لا نقف عند حدود المسجد، لنكن واقعيين، لا يأتي الجميع إلى المسجد، وبالتالي هناك شريحة قلّت أو كثرت لا تأتي فبدأنا نصل لهم، أنشأنا ألف مدرسة قرآنية في أقل من عامين لتحصين النشء والشباب من أن تخطفه الجماعات المتطرفة تحت ادعاء تحفيظ القرآن الكريم. ولدينا 265 مدرسة علمية و2000 مكتب تحفيظ للقرآن، ونستهدف زيادة 200 مدرسة قرآنية و50 مدرسة علمية، كما أنشأنا 32 مركزا للثقافة الإسلامية، وفي رمضان الماضي أقمنا 12 ألف ملتقى فكري بالتنسيق مع الأزهر لمواجهة المتطرفين، إضافة إلى 12 ألف ملتقى آخر منفرد، قوافلنا الدعوية تذهب إلى كل مكان المصانع والمدارس والجامعات وحتى مراكز الشباب.
*هل ثمة دور لخدمة المجتمع تقومون به حاليًا في مواجهة استغلال الجماعات المتطرفة للفقراء؟
لم نقف عند حدود الجانب الدعوي، لكننا حققنا في استثمار هيئة الأوقاف هذا العام أعلى عائد سنوي في تاريخها، وبدأنا نسهم في مشروعات المجتمع، كما قمنا بأكبر حركة إحلال وتجديد لإعمار بيوت الله بواقع 1238 مسجدًا، أنهينا منهم 600 مسجد، وجار العمل على البقية، كما قمنا بتجديد فرش ما يزيد على 1500 مسجد، وقدمنا 200 مليون جنيه مصري للقرى الأكثر فقرًا في مبادرة "حياة كريمة لكل المصريين" التي أطلقتها الدولة المصرية.
وحاليًا نعد مشروع صكوك الأضاحي، ونستهدف به ألف أسرة أولى بالرعاية؛ لأن الجماعات المتطرفة كانت تستغل احتياجات الأسر الأولى بالرعاية وتتاجر بها وتستخدمها لمصالحها، وهدفنا من جميع الأعمال التنموية قطع الطريق كاملا على جماعة الإخوان وسائر الجماعات التي كانت تتاجر بحوائج الفقراء وتستغلها لصالح مصالح أيديولوجية، ونؤكد أننا نعتني بالإنسان ليس فقط على مستوى الجانب الفكري ولكن أيضا على الجانب الحياتي، وستشهد المرحلة المقبلة إسهاما فاعلا للأوقاف في خدمة المجتمع في شتى المجالات.
*بين حين وآخر، يخرج قيادات الجماعة الإرهابية ويعطون لقب الشهيد إلى أعضائهم وقياداتهم.. ما الرأي الشرعي في هذا؟
هذه الجماعات لا تستحي لا من الله ولا من الناس ولا من أنفسهم، هذا كذب وتزييف للتاريخ والواقع، أولًا كي نصل إلى الشهادة، النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما كان لأحد أن يخرج لملاقاة العدو إلا بإذن من النبي"، أي عندما يعلن النبي القتال، وبالتالي الجهاد نوعان: جهاد عام وآخر قتالي، لكن من له حق إعلان جهاد القتال؟ في عصرنا هو إعلان حالة التعبئة.. إذاً من له الحق في قرار السلم أو الحرب؟ إنه الحاكم الشرعي وفق ما ينظمه قانون كل دولة ودستورها، سواء أعطاه رئيس الدولة أو رئيس الوزراء أو رئيس البرلمان أو مجلس الأمن القومي، وعليه من خرج ومات أثناء أداء واجبه الوطني أو بسببه فهذا هو الشهيد الحق، إلا لو تركنا كل واحد يخرج ستكون فوضى، لكن هذه الجماعة قائمة على الكذب واستحلال الكذب.
*كيف يمكن أن ننبه الأسرة إلى مخططات تلك الجماعات في اختطاف النشء؟
لا أجد أوقع مما سمعته من أحد القيادات المنشقة عن الإخوان الإرهابية عندما قال إن كل الأمور مباحة في الجماعة إلا ثلاثة أشياء: التفكير والتعبير والضمير، حيث يُملي على الشباب منذ الصغر طاعة الله والرسول والوالدين، فالولد يذهب ويقبل يد أبيه وأمه، والأب والأم يفرحون دون أن يدركوا أنه يسير في طريق هذه الجماعات الإرهابية.. فبعد طاعة الله ورسوله والوالدين يقولون له طاعة ولي الأمر وهو المرشد ورئيس الشعبة.
*كيف تقوم الأوقاف بالتوعية المجتمعية لخطر هذه الجماعات الإرهابية؟
أخرجنا 100 مؤلف ومترجم، وترجمنا خطبة الجمعة بـ17 لغة تُبَث مترجمة بالإنجليزية والفرنسية، ونتوجه لأفريقيا بـ7 لغات هي الإنجليزية والفرنسية والبرتغالية والسواحلية والأمهرية والصومالية، إضافة إلى لغة الإشارة؛ لأن هدفنا نوصل للناس بجميع اللغات.
*هل لقيت هذه المؤلفات صدى كبيرا لدى المسلمين؟
لدينا من بين المؤلفات كتاب بعنوان "مفاهيم يجب أن تصحح" بعنا منه نحو 620 ألف نسخة في 3 سنوات، وهو ربما أكبر رقم مبيعات تحقق في عالمنا الإسلامي والعربي في كتب الشأن الديني، وهناك كتاب "فقه الدولة وفقه الجماعة"، وكلها كتب يحرص الناس على اقتنائها.
*في رأيكم، كيف يتعارض فقه الدولة مع فقه الجماعات الإرهابية؟
فقه الجماعة نفعي بينما فقه الدولة قائم على المصلحة العامة، مثلًا ساد في الفترة الأخيرة حديث الجماعات المتطرفة والمغذاة من دول معادية عن عدم موافقتهم على وجود الأنظمة يقولون "لا نحب الأنظمة"؛ لأن الجماعات الإرهابية والمتطرفة لا تنشأ إلا على أنقاض الدول، قوة الدولة لا يمكن أن تقوم معها جماعة قوية، وبالتالي فهي تعمل على إضعاف الدولة وإسقاطها؛ لأن الجماعات لا تنشأ إلا في الدول الضعيفة.
بعد فترة يقولون نحن الدين والأنظمة ضد الدين إذاً أي شخص مع النظام ضدنا، وطالما ضدنا ونحن الدين فهو ضد الدين، بعد فترة يقولون أي شخص مع النظام يصبح ضدنا، فإما أن تكون معنا ونحن الجنة أو تكون ضدنا.
*لكم مقال داخل كتاب فقه الدولة وفقه الجماعة بعنوان "الإمام العادل"، وهو مفهوم ينشر الإخوان مغالطات كثيرة بشأنه، هل من توضيح من فضيلتك؟
النبي قال في الإمام العادل: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله" و"ثلاثة لا ترد دعوتهم" وأولهم الإمام العادل. كذلك قوله: "إن من إجلال الله -أي من تعظيم الله- إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط"، وذي السلطان هو الحاكم العادل، وهذا يعني أن إكرام الحاكم العادل واحترامه وإكرامه ومساعدته من إجلال الله، عندما يأتيني إمام عادل وأطالب الناس أن تفر منه بدعوى أني لا أحب الحكام والأنظمة، إذاً لا نستبعد أن يستبدل الله للناس بمن يسومهم الظلم بدلًا من هذا الحاكم العادل، لكن إذا جاء حاكم عادل وأعانه الناس سيعينهم الله، والحاكم العادل ليس بالضرورة أن يكون رئيس الدولة فقط، لكنه قد يكون وزيرا أو محافظا أو رئيس مصلحة أو مدير مدرسة، لكن هذه الجماعات الإرهابية يريدون أن يخربوا المؤسسات والدول، هم يحدثون حالة من الشقاق والوقيعة بين الشعوب وحكامها، وهذه الجماعات لا تريد لأوطانها خيرا.
*بعض الجماعات المتشددة تنشر فهما خاطئا للنصوص القرآنية والسنة، كيف يمكن أن ننبه الناس إلى ذلك؟
بعض الجماعات المتشددة المنغلقة الجامدة أخذت بعض النصوص دون أن تفهمها، هناك نص ثابت وآخر متغير.. وهناك نص مقدس وآخر غير مقدس، والنص القرآني ثابت مقدس كذلك النص النبوي، لكن فهم النص نفسه متغير، فمثلا حينما حدث النبي عن السواك حلل المقصد الأسمى وهو نظافة الفم، وليس عود السواك نفسه، وهذا المقصد يتحقق بالفرشاة أو بالمعجون أو بالغسول، لكن نقول هذا سنة وهذا ليس من السنة، فهذا فهم خاطئ للنص.
كذلك عندما قال النبي: "لا يصلين أحد العصر إلا في بني قريظة"، بعض الناس أضاعوا وقت العصر وقالوا النبي حدد بني قريظة، الآخرون قالوا لم يرد منا ذلك، وكان صلى الله عليه وسلم يقصد أن نسرع في المسيرة، وبالتالي القضية تحتاج لاستخدام المنهج العقلي في التفكير.
*ما رأيكم في الفتاوى التي تخرج من قيادات الإخوان الإرهابية؟
على المستوى الوطني، الإخوان لا تؤمن بوطن ولا بدولة الوطنية وهم شر حيث حلوا وحيث كانوا، وهي المنظر الأكبر والحاضنة الكبرى للجماعات المتطرفة، لاسيما بعضهم يدعون علانية إلى القتل والدم، ومن يتابع تصريحات وفتاوى قيادات الجماعة يجد أنها لا تختلف أبدا عن فتاوى داعش والقاعدة وبوكو حرام بل تعد أصلا لهذه الجماعات المتطرفة.
*أسستم أكاديمية الأوقاف الدولية، فما دورها في محاربة التطرف؟
أكاديمية الأوقاف الدولية أحد أهم محاورها مكافحة الفكر المتطرف وتنمية مهارات الأئمة والواعظات وإعداد المدربين من داخل وخارج مصر، وهي تهدف لمواجهة الفكر المتطرف من خلال التدريب، وإنشاء أول مركز أبحاث ودراسات دينية متخصص، فبعدما وصلنا إلى نشر 100 كتاب أصبحت لدينا مجموعة متخصصة في قضايا التجديد وخاصة في إعمال المنهج العقلي، كما نعني بتأهيل الأئمة والخطباء وشباب العلماء من الداخل والخارج خاصة أن المكان معد لوجيستيا بشكل كامل.
*ماذا عن طبيعة الدراسة داخل الأكاديمية، هل تختص بالعلوم الشرعية فقط؟
لا تقتصر الدراسة على التثقيف الديني ولكن هناك محاضرات في علم الاجتماع والنفس والسياسة العامة والاقتصاد وعلم المنطق، والمتخرج لا يحصل على شهادته إلا بعد اجتيازه دورة متقدمة في الحاسب الآلي، إضافة إلى أننا لدينا مركز باللغة الإنجليزية؛ لأننا مهتمون جدا بحركة الترجمة والنشر والأهم إعداد أئمة يجيدون اللغات الأجنبية.
ماذا عن التعاون الحالي مع المؤسسات الدينية في الإمارات؟
نتكامل مع دولة الإمارات في كثير من المجالات، هناك جهود تبذل على مستوى القيادة السياسية المحترمة في الدولتين التي تؤمن بالتنوع الإنساني، ففي الوقت الذي افتتحت فيه مصر مسجد الفتاح العليم وكاتدرائية ميلاد المسيح كرمز للتسامح، كانت دولة الإمارات تعلن عن وثيقة الأخوة الإنسانية التي وقعها الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر والبابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، وهي حلقة من حلقات التسامح الإنساني، وهذا يؤكد أننا على خطى واحدة في ترسيخ التعاون الإنساني وفقه العيش المشترك والإيمان بحق الإنسان في التنوع والاختلاف.
لذا بيننا تعاون كبير جداً، أشارك في فعاليات كثيرة سواء المؤتمرات أو المنتديات أو إلقاء عدد من المحاضرات، وطبع لي كتاب "فقه التعايش السلمي بين البشر" وكتاب "تفكيك الفكر المتطرف" في مركز الإمارات الذي شرفت بإلقاء محاضرة فيه قبل أيام.
ولدينا عدد غير قليل لأئمة معارين لدولة الإمارات العربية بالتنسيق مع الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف ومنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة.
وهناك تعاون سواء مع الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف الإماراتية أو مع المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، والذي ستكون هناك آفاق أوسع للتعاون معه في ظل قيادة الدكتور علي النعيمي للمجلس والتواصل مع الدكتور محمد البشاري الأمين العام للمجلس، وهما منفتحان بشكل كبير.
ونحن لدينا رؤى مشتركة وهموم مشتركة من أهمها استئصال الفكر المتطرف وهناك شراكة جادة بين مصر والإمارات في مواجهة الإرهاب.
*ما أبرز أوجه التعاون المشترك بين الأوقاف والمجلس العالمي للمجتمعات المسلمة؟
ندرس عمل دورة خاصة لشباب علماء أفريقيا، وفي لقائي مع الدكتور علي النعيمي والدكتور محمد البشاري أظهرا استعدادا كبيرا للتعاون معنا في هذه الدورة، وفور الانتهاء من الترتيبات سنعلن عنها، وهي لن تكون دورة واحدة لكننا سنبدأ بأفريقيا وربما نتوسع لاحقا في دول العالم الإسلامي، ونستثمر البنية التحتية القوية لأكاديمية الأوقاف.
فعندما نأتي بالشباب الأفريقي وشباب الأقليات في مختلف دول العالم لفهم الإسلام فهما صحيحا، نحن نتعامل مع أفريقيا بمنطق الشراكة والمصلحة، فنحن بدورنا نؤدي واجبنا الإنساني والوطني، خاصة أن لدينا الأزهر بعلمائه القادرين على تفنيد أفكار الجماعات المتطرفة، بينما هناك بعض الأقليات ربما لا يكون لديها من العلماء ولا من التراث ما تستطيع أن تفند به، فتحتاج إلى مساعدة، وهذا دورنا لأن الفكر المتطرف إذا انتشر في هذه الدول سيكون خطرا على الإنسانية.
لذا إذا لم نستطع في منطقتنا العربية أن نتعاون مع الدول الفاعلة في المنطقة وعلى رأسها السعودية والإمارات والبحرين والكويت ومع أصدقائنا في الأردن ومع الدول التي تواجه الإرهاب.. ما لم نستطع وأد الإرهاب سيكون خطرا على العالم كله، وبالتالي ما نقوم به في مصر بالتعاون مع الإمارات من تجفيف لمنابع الإرهاب في المنطقة فهذا لصالح الإنسانية.
وفي رأيي دورات التثقيف والتحصين ضد التطرف مهمة جدا، وفي هذا الإطار مهم جدا ما تنتهجه مصر أو الإمارات من الاعتناء بالإنسان كإنسان في أي مكان، وهذه سياسة منذ عهد المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي أصَّل نهج التسامح في الإمارات، وهو نموذج راق في التسامح، وقد أكدت في محاضراتي أن التسامح في مصر والإمارات نموذج يحتذى به في تأصيل ثقافة فقه التعايش المشترك والمواطنة المتكافئة بين المواطنين.
*أخيرا، ما جهودكم الخارجية في مكافحة التطرف؟
لدينا نحو 97 إماما وقارئا من الأئمة المعارين لمختلف دول العالم، ولدينا جامعة في كازاخستان تضم 3 كليات حاصلة على الاعتماد والجودة، وخرجت أكثر من 5 آلاف طالب، وحاليًا تمنح درجة الدكتوراه، ولدينا مركز للأوقاف في تنزانيا يضم 11 معلما وإداريا. ونحن بصدد إقامة المؤتمر الدولي لفقه بناء الدول يومي 11 و12 سبتمبر/أيلول المقبل بمشاركة دولية واسعة.
aXA6IDE4LjExNy4xNDUuNjcg جزيرة ام اند امز