عبدالعزيز المسلم: الأدب الإماراتي جاذب للجمهور الروسي
"العين الإخبارية" تلتقي الدكتور عبدالعزيز المسلم رئيس معهد الشارقة للتراث، للحديث عن إنتاجه الأدبي وموسوعة "الكائنات الخرافية"
عُرف الدكتور عبدالعزيز المسلّم، كاتب وباحث إماراتي، رئيس معهد الشارقة للتراث ورئيس تحرير مجلة الموروث ومجلة مراود، باهتماماته البحثية والعلمية في التراث الثقافي الخليجي والعربي، وله جهود ملموسة في دعم الباحثين والمؤسسات المعنية بالتراث.
إضافة إلى ذلك فهو عضو تنفيذي في عدد من المنظمات والجمعيات الدولية المعنية بالتراث الثقافي، ونال جوائز وأوسمة إماراتية وخليجية، وله مجموعة إصدارات في الثقافة والحكايات الخرافية والذاكرة الشعبية والشعر النبطي. وترجمت بعض أعماله إلى الإنجليزية والإيطالية والإسبانية والتشيكية، ومنها مؤخراً كتابه الهام "موسوعة الكائنات الخرافية" الذي ترجم إلى اللغة الروسية.
كرّس عبدالعزيز المسلم جهوده وإمكانياته لمشروعه "الحلم"، ذلك المشروع الذي كان يرجو من ورائه جعل الحكايات الشعبية متاحة للأطفال بيسر وسهولة، لحفظ سرديات الماضي الجميل، وتمكين الجميع منها، وذلك من خلال مشروعين مهمين، كان لهما بالغ الأثر في المجتمع الإماراتي منذ 1990 حتى الآن؛ المشروع الأول: الحكايات الشعبية والخرافية. والمشروع الثاني: الثقافة الشفهية والذاكرة الشعبية.
ساهم عبدالعزيز المسلم في الارتقاء بنظرة المجتمع للتراث الثقافي، ومؤخراً اختتم مهرجان الراوي أعماله وتكلل بالنجاح الكبير بفضل جهوده. وفي السطور التالية نحاور الدكتور المسلّم ليفتح لنا أبواب الحديث عن الأدب الإماراتي والشعبي وتأثيراته المحلية والعالمية..
كيف كان استقبال كتابك "موسوعة الكائنات الخرافية" في روسيا؟
لم أكن أتصور أن يلقى كتاب "موسوعة الكائنات الخرافية" قبول الآخر غير العربي. وقد ترجم الكتاب إلى أكثر من لغة: الإنجليزية والفرنسية والبرتغالية والإيطالية وأخيراً الروسية. ولعل الجمهور الروسي يختلف عن جمهور البلدان الأخرى، لأنه يقدر عالياً الخرافة والكائنات الخرافية والأساطير، فلديها طعم خاص عندهم. وتم الإقبال على اقتناء كتابنا "موسوعة الكائنات الخرافية" بشكل منقطع النظير حيث قدمت هيئة الكتاب 58 كتاباً مترجماً أثناء زيارتنا إلى موسكو من ضمنها 14 كتاباً لصاحب السمو حاكم الشارقة ومعظمها في المسرح. وبيع نحو 600 نسخة من أصل طباعة ألف نسخة والبقية أهديت إلى المكتبات العامة. وهناك جمعية اسمها "عالم الحيوانات الخفية"، حيث طلب رئيسها مقابلتي عندما اطلع على كتابي. وقال: لدينا مجموعة من الحيوانات نبحث عنها عند العلماء. قال لي: أنت كتبت عن السعلوة، هل رأيتها؟ قلت له: لا. طيب هل رآها أحد الرواة؟ قلت له: نعم. قال: أين؟ قلت له: في مركب تجاري كان قد انطلق من عندنا ذاهباً إلى البصرة، فرأى السعلوة في البصرة. وجلس يكتب المعلومات. وقال: نحن من خلال الأقمار الصناعية بدأنا نرى آثار تلك الحيوانات. إنهم يمزجون بين الخيالي والعلمي. والقارئ الروسي يسأل كثيراً عن التراث.
ماذا عن إنتاجك الشعري وقصص الأطفال؟
عندي قصتان للأطفال، قصة من التراث أعدت صياغتها "عويد الحنة" ورسمتها الفنانة الكويتية نهى الدخان، مديرة "العربي الصغير". وقصة ثانية ألفتها أنا وأولادي، وهو كتاب جماعي، بعنوان "نجمة في الحديقة" من رسومات الفنانة نهى الدخان أيضاً. أعيد طباعة ثلاثة كتب تم إصدارها من المعهد "النية ذهب"، أنجزتها على شكل الحكايات العربية وأعطيتها إلى الفنان المصري محمد بغدادي، ورسمها على طريقة السندباد القديمة. ولي مجموعة شعرية بعنوان "وهل تعلم"، وهي عبارة عن مختارات من مجاميعي الأربعة. تجربتي اليتيمة هي كتاب "نجمة في الحديقة" ومن خلال الذي قدمته من دار كلمات أربع قصص للأطفال، وحكايات خرافية وأخضعوها إلى مشرف تربوي، لأن لديهم ملاحظاتهم الخاصة. مع المشرف التربوي تم تشذيبها. وهي موجودة الآن في المكتبات المدرسية. من خلال دائرة الثقافة أصدرت "حكاية بديحة" وهي سندريلا المحلية.
أين تجد نفسك: في التراث أم القصة أم الشعر؟
في الحكاية الخرافية، فهي ذات تأثير فاعل. أعتقد أن في الإمارات منجما كبيرا من الحكايات الخرافية، في الثمانينيات عملت في المجال الميداني وجمعت عدداً كبيراً من الأشرطة، والآن أعمل عليها من خلال الأجهزة الجديدة. أستطيع أن أقدم الحكايات الخرافية أينما ذهبت. وهي تسجيلات لأناس ماتوا لأكثر من عشرين سنة، وهي مسجلة من قبل الرواة الذين لم يتأثروا بالأجواء الحديثة.
كيف بدأت حكاية شغفك بعالم النشر؟
حكايتي مع النشر تعود إلى سنوات طويلة خلت عندما كنت عضواً في لجنة النشر في دائرة الثقافة والاعلام وكذلك في مسرح الشارقة الوطني. أما دار النشر التي أسستها فهي تعمل على نشر الكتب المختارة ليس من باب الربح، لأن الناشرين قالوا لي إذا فكرت هكذا فلن تربح. الآن هذا الكم الكبير من دور النشر في الإمارات أضعف المنتج.. وباتت المخرجات ضعيفة جداً. لكنني في دار "كلمن" للنشر أتعامل مع تجارب كبيرة، تضيف أسماؤها نوعاً جديداً.. إن الدار التي تنتج مئة كتاب لا يُقرأ منها سوى عشرين كتاباً. في السنة الماضية فتحت جناحاً صغيراً في معرض الشارقة للكتاب، جاءتني كتب غير صالحة للنشر تماماً. من يرغبون في النشر كثر. أحاول من خلال دار النشر هذه أن نخلق نوعا من التفاعل الثقافي. قبل أيام عقدنا أول صالون أدبي في مقهى حديقة الكتاب في الشارقة.. وفي المقهى تستطيع أن تبيع الكتب وتزيد من الوعي.
ما حجم النشر في معهد الشارقة للتراث؟
الهدف الذي بيننا وبين الرقابة الحكومية أن نصدر 50 كتاباً من معهد الشارقة للتراث. وتحن نصدر مجلتين هما "الموروث" و"مرواد"، وسوف نصدر مجلة خاصة بالأطفال. وبدأنا نترجم كتبنا إلى الصينية والروسية.
ماذا يميّز ملتقى الشارقة الدولي للراوي هذا العام؟
ملتقى الشارقة الدولي للراوي حدث ثقافي استثنائي ينظمه معهد الشارقة للتراث، يحتفي بالإخباريين والرواة حَملة التراث الثقافي، أو كما تسميهم منظمة اليونسكو الكنوز البشرية الحية، وفي هذا الحدث الذي بدأ تحت اسم "يوم الراوي" في مطلع الألفية، ثم تطوّر بعد تأسيس معهد الشارقة للتراث إلى ملتقى دولي، يكرّم الرواة ويحتفي بالتراث الثقافي غير المادي بخصوصية عالية. احتفينا هذا العام بالليالي العربية "ألف ليلة وليلة"، وهو احتفاء بثراء وفخامة الثقافة العربية.. احتفاء بجهود الرواة والحكَّائين "الحكواتيَّة"، الذين نشروا حكايات ألف ليلة وليلة في أرجاء العالم، والذين أضافوا الكثير إليها، فالليالي العربية هي صناعة الراوي العربي بامتياز، حيث شارك أكثر من مائة مشارك من اثنتين وأربعين دولة. وجاء هذا الاحتفاء باعتبار ألف ليلة وليلة تراثا إنسانياً مأثوراً تتمحور عليه حضارات كثيرة، وقد دعونا إلى هذا الملتقى عدداً كبيراً من المختصين في هذا الميدان، ونذكر منهم الدكتور محسن الموسوي أستاذ الأدب العربي في جامعة كولومبيا في نيويورك الذي له مؤلفات كبيرة في تراث ألف ليلة وليلة... أما ما يخص الندوات الفكرية فحرصنا أن تكون مصحوبة بعروض مسرحية وسينمائية.. وقد حقق الملتقى نجاحاً كبيراً هذا العام.