وضعت رضيعتها وحيدة وماتت بين يديها... مأساة أم بريطانية تهز قطاع الصحة

كشفت تحقيقات قضائية في بريطانيا عن تفاصيل صادمة لوفاة رضيعة داخل مستشفى جامعة ويلز، بعد أن تُركت والدتها تلدها دون أي إشراف طبي، وسط غياب كامل للطاقم التمريضي خلال ساعات حاسمة.
في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر 2022، دخلت "إميلي برايزر" إلى وحدة التوليد في أحد مستشفيات كارديف البريطانية وهي في الأسبوع الأربعين ويوم واحد من الحمل، استعدادًا لتحفيز الولادة. لم تكن تدري أن ما ينتظرها ليس بداية حياة، بل صدمة لن تنساها ما بقيت.
رغم حصولها على مسكنات قوية كالبثيدين والكوديين، فقد تُركت إميلي بلا متابعة طبية تُذكر خلال الساعات الأخيرة قبل الولادة، حتى أن المرحلة الحاسمة من المخاض مرت دون وجود أي شخص داخل الغرفة.
وبحسب ما أُعلن خلال جلسة محكمة الطب الشرعي في بونتيبريد، تُركت الأم داخل غرفة الولادة لمدة ساعة كاملة دون أي إشراف، لتدخل خلالها مرحلة المخاض النشط. وعندما تم العثور عليها أخيرًا، كانت قد وضعت طفلتها "ليليوين آيريس توماس" وحدها، دون دعم أو رعاية. الرضيعة كانت فاقدة للوعي، تعاني من نقص حاد في الأوكسجين، وفشلت كل محاولات إنعاشها. وبعد ساعات قليلة، فارقت الحياة متأثرة بإصابة دماغية شديدة ناجمة عن انقطاع الأوكسجين، ووجود التهاب جرثومي في المشيمة.
التحقيقات كشفت عن خلل جسيم داخل وحدة التوليد، التي كانت تعمل بـ17 قابلة فقط من أصل 24 يُفترض تواجدهن. المستشفى استدعى قابلتين إضافيتين في تلك الليلة، إلا أن إميلي لم تتلقَّ أي متابعة، رغم كونها ضمن الحالات عالية الخطورة. ولم يكن زوجها، رودري، حاضرًا، إذ تمنع سياسة المستشفى وجود الشركاء في الليل بين التاسعة مساءً والتاسعة صباحًا.
وصفت إميلي الموقف بكلمات موجعة: "كل مناسبة عائلية، كل لحظة يفترض أن تكون سعيدة، أصبحت محاطة بالحزن، لأن ليليوين ليست معنا".
القاضية رايتشل نايت، التي قادت التحقيق، أكدت أن الوفاة جاءت نتيجة "سلسلة من الإخفاقات الجسيمة"، من غياب التقييم الدوري، إلى تأخر محاولة الإنعاش، وانتهاءً بعدم التعامل بجدية مع مؤشرات الخطر، محملة المجلس الصحي مسؤولية مباشرة.
من جانبها، قالت الدكتورة رايتشل ليبلينغ، استشارية التوليد، إن "الوفاة كانت قابلة للتجنّب بالكامل، وما حدث يوضح خللًا خطيرًا في إدارة الولادات الحرجة".
وفي حين أعلنت إدارة المستشفى – عبر مديرة خدمات التوليد، أبيغيل هولمز – عن بدء مراجعة للسياسات وتدريب إضافي للطاقم، شددت القاضية نايت على أن الإجراءات التصحيحية لا تزال حبيسة الجدران، ولم تُعمم على بقية المستشفيات.
القاضية قررت إعداد تقرير رسمي موجه إلى المعهد الوطني للصحة والرعاية الممتازة، يتضمن توصيات عاجلة لتفادي تكرار مثل هذه الحوادث.
المحامية لارا بينيت، التي تمثّل العائلة، وصفت ما جرى بأنه "صادم بكل المقاييس"، مؤكدة أن "إميلي ورودري أُجبرا على استرجاع ولادةٍ تحولت إلى مأساة بسبب الإهمال والقصور المهني".
أما مجلس صحة كارديف وفالي، فاكتفى في بيان مقتضب بالتعبير عن تعازيه للأسرة، دون أي إشارة إلى محاسبة داخلية، تاركًا أسئلة كثيرة بلا إجابات.