قمة دول الجوار.. هل تتحرك بوصلة العراق نحو محيطه العربي؟
في وقت يضع فيه العراق اللمسات الأخيرة استعدادا لقمة دول جواره، تتوسع الآمال حول حوار يرى فيه مراقبون عودة بغداد لمحيطها العربي.
وشهدت العاصمة العراقية بغداد، بعد ظهر اليوم الخميس، تشديداً أمنياً وانتشارا عسكريا قرب مؤسسات حكومية ودبلوماسية حساسة، تزامنا مع قرب انعقاد القمة بعد غد السبت.
وكانت وفود عربية وأجنبية تستعد للمشاركة في قمة الحوار الإقليمي، وصلت بغداد قبل ساعات، بناء على دعوات وجهتها بغداد لرؤساء دول إقليمية وعربية فضلاً عن أوربية وغربية، فيما يتناوب مستوى التمثيل لأغلب الدول المشاركة في القمة، بحسب تسريبات وأنباء غير مؤكدة.
ويتأكد لغاية الآن، حضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وملك الأردن عبدالله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في أعلى حضور تمثيلي بين الدول المشاركة في القمة.
ومساء الخميس، أعلنت اللجنة التحضيرية لمؤتمر بغداد عن الدول والمنظمات الدولية التي تأكدت مشاركتها بالمؤتمر، فيما حددت سبباً لعدم إعلان أسماء القادة المشاركين حتى الآن.
وقال رئيس اللجنة المتحدث باسم مؤتمر بغداد، نزار الخيرالله، خلال طاولة حوار مع عدد من المؤسسات الإعلامية تابعتها "العين الإخبارية"، إن "الدول المشاركة هي تركيا وإيران والسعودية ومصر والكويت والأردن وقطر والإمارات وفرنسا، إضافة إلى الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي ومنظمة التعاون الإسلامي".
ويتزامن مع ذلك الاستعداد والتهيئة الحكومية والسياسية لاستقبال قمة بغداد، انعقاد مؤتمر للحوار الوطني يجمع قوى شعبية وشخصيات نخبوية وزعامات عشائرية لدعم ذلك الحضور.
ويقول محمد الجابري، أحد أعضاء اللجنة التحضيرية أن ذلك الحوار يأتي لتأكيد رغبة العراق على مستوى التمثيل الحكومي والشعبي، في استقبال الوافدين من رؤساء وزعماء دول المنطقة.
ويشدد الجابري، في حديث لـ"العين الإخبارية"، على ضرورة أن "تكون للمؤتمر الإقليمي مقررات وبرامج عمل توقع ويتم العمل عليها حال انتهاء الحوار في بغداد، بما يعزز استقرار المنطقة ويهيئ لحالة من التراخي والحلحلة على مستوى الصراعات التي تعيشها".
من جانبها، لفتت سليمة السلطاني، إحدى المشاركات في مؤتمر الحوار الوطني المنعقد في أحد فنادق بغداد لمدة يومين، إلى أهمية أن يكون هناك تعاضد وتقارب بين رأي الأوساط العامة والقوى السياسية في طبيعة التوجه نحو مثل هذه الأطروحات والمسارات المهمة .
وتتمثل اهمية المؤتمر الإقليمي، كما تقول السلطاني، في كونه "وجد استجابة من جميع الأطراف المدعوة سواء كانوا خصوما أو أصدقاء، وهو ما يؤكد أهمية بغداد للمنطقة برمتها ومدى تحسن علاقاتها الخارجية خصوصاً خلال حكومة مصطفى الكاظمي".
ورقة عمل فقط؟
تخشى بعض الأوساط العامة أن تبقى قمة بغداد للحوار الإقليمي حبرا على ورق دون أن تنعكس مضامينها على استقرار البلاد والمنطقة بشكل عام.
ويقول محمد الشهيبي، أحد رواد مقهى ترتاده نخب ثقافية وسط بغداد، إن "العراق يتطلع اليوم لدور دولي يمنع وصوله إلى النهاية جراء الحكومات المتعاقبة منذ 2003".
وبحسب الشهيبي، وضعت التقلبات السياسية خلال 18 من التغيير العراق في مرمى الصراعات الإقليمية ومناطق تصادم لمصالح دولية دفع العراق بموجبها ثمنها باهظا ساعده على ذلك وصول طبقات للقرار السيادي هي في الأصل تتبع أجندات خارجية".
ويستشهد بالقول، في تساؤل يثيره حول نتائج القمة المرتقبة: "هل ستنجح بغداد عبر مؤتمرها الإقليمي في كبح التغلغل الإيراني ووقف الخروقات التركية شمالي العراق؟.
ويؤكد الشهيبي الذي يعمل محاضراً في إحدى الجامعات الأهلية، أن "نجاح القمة في بغداد يرتبط بمقررات ذلك المؤتمر وطبيعة الملفات التي ستطرح على طاولته وماهي التوصيات الموجبة والنافذة على الجميع".
من جانبه، أكد سعيد حسن، الذي يعمل عند دكان لبيع الكتب وسط بغداد، أهمية أن يكتب ما يعرض في قمة بغداد على الورق بشكل بنود وفقرات تكون على شكل خارطة طريق لنزع الصراعات في المنطقة وإبعاد العراق عن تصادم تلك المصالح.
وشدد حسن، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، على ضرورة استثمار بغداد لذلك الحدث الذي يصفه بـ"المهم"، من خلال تعميق حواضنه الشرعية باتجاه الخليج والفضاء العربي.
ويقترب من ذلك الرأي، علي محمود، الذي يدرس مرحلة أخيرة في كلية طب الأسنان، حيث يؤكد أن "العراق عاش تجربة إيرانية مريرة باحتلال قراره السياسي واستخدام ثرواته وقوته من أجل صراعات مع الغرب".
ويرى محمود، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن الوقت قد حان لتغير معادلات سادت البلاد وحكمته طيلة السنوات التي أعقبت سقوط النظام السابق، من خلال تغير بوصلة الحراك بالكامل نحو المصالح الوطنية بالاستفادة من الدعم العربي والخليجي للعراق.