افتتاح ملتقى البحرين.. دعوة لتعزيز ثقافة التعايش ونبذ العنف
اتفق المتحدثون في الجلسة الرئيسية من ملتقى البحرين للحوار على تبني الممارسات الصحيحة لمبدأ الأخوة الإنسانية كأسلوب حياة مستدام.
وشدد المتحدثون في التي جاءت ضمن الملتقى الذي يأتي تحت عنوان "الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني"، على أن تلك الممارسات الصحيحة تهدف للتغلب على الصراعات والنزاعات والتصدي للتحديات التي تواجه البشرية في مختلف بقاع الأرض.
وأكد المتحدثون في الجلسة التي حملت عنوان "تحارب تعزيز التعايش العالمي والأخوة الإنسانية"، على الدور الرائد والكبير الذي تضطلع به مملكة البحرين في مجال نشر دعائم السلام العالمي وتعزيز ثقافة التعايش والتسامح واحترام الأديان.
وفي مستهل الجلسة، قال السيد محمدو إيسوفو، الرئيس السابق لجمهورية النيجر عضو مجلس حكماء المسلمين، إن ما يمر به العالم اليوم من صراعات وأزمات سياسية واقتصادية وأمنية إلى جانب قضايا الفقر والجوع والمناخ ، وضعت الشعوب تحت ضغوط هائلة تستوجب التعاون والتقارب والالتقاء عبر حوارات الأديان للعبور بسفينة الإنسانية إلى بر السلام والأمان المنشود.
وأضاف في استعراض تجربة النيجر للتعايش، أن مرجعية جميع البشر ينبغي أن تكون هي الأخوة في الإنسانية بعيداً عن التقارب الفئوي أو التصنيفات البغيضة القائمة على الدين أو المذهب أو العرق واللون والهوية، مؤكداً أن الهوية الإنسانية أشمل وأكثر شمولية.
من جانبه، قال الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، بطريرك الكنيسة المارونية في لبنان، إن ملتقى البحرين للحوار بين الشرق والغرب من أجل التعايش، همزة وصل تربط بين وثيقة الأخوة الإنسانية التي وقعها بابا الفاتيكان وفضيلة شيخ الأزهر في أبوظبي عام 2019 من جهة، وبين الرسالة العامة للسلام التي أطلقها بابا الفاتيكان في 2020 تحت شعار"كلنا جميعاً إخوة"، وهذا يؤكد أن البشر جميعاً متساوون في الحقوق والواجبات والكرامة.
نبذ التطرف
وأوضح نيافة الكاردينال أن التعايش الإنساني يتطلب التزاماً محلياً وإقليمياً ودولياً لنبذ التطرف الديني واللعب على عامل الأديان والمعتقدات لتكريس الانقسام والتباعد والكراهية بدلاً من الوحدة بين أبناء الشعب الواحد وجميع شعوب الأرض.
وخلال استعراضه لتجربة بلاده مع التعايش، أكد أن الحوار بين الأديان المختلفة لا يتحقق بالدبلوماسية والسياسة بل بالصداقة والتعاون وتقاسم القيم الروحية بين مختلف الأجناس، والانفتاح الحقيقي على الجميع تحقيقاً للأهداف المنشودة من هكذا ملتقيات وحوارات.
وحذر هيرومونك جريجوري ماتروسوف ، رئيس المجلس البطريركي للتواصل مع المسلمين في روسيا الاتحادية من تفاقم خطر النزاعات والحروب لأسباب مختلفة على أمن واستقرار المجتمع الإنساني في ظل تطور العصر ومتطلبات العولمة التي جعلت الحاجة أكثر إلحاحاً للعودة إلى جوهر الأديان طلباً للسكينة والاطمئنان والتدبر في كيفية الوصول إلى عالم يتقبل وجود الآخر مع الاختلاف بدون خلاف.
ولفت إلى وجوب التكاتف بين المؤسسات الدينية والمدنية والحكومية من أجل التصدي للمؤامرات الخبيثة التي تُحاك لضرب السلام بين الأديان وتشويه صورتها عبر الجرائم الإرهابية التي يقترفها بعض المتطرفين باسم الأديان ولكن في حقيقة الأمر هم لا يدركون أنهم يسيؤون لدياناتهم وللبشرية التي تتأثر بفعل هذه الجرائم.
وفي معرض استعراضه لجهود مملكة البحرين في ملف التعايش والسلام ، أشاد الحاخام مارك شناير ، رئيس مؤسسة التفاهم العرقي بالولايات المتحدة الأمريكية، بما تبذله المملكة عالمياً عبر مد جسور التواصل والتقارب بين كافة شعوب العالم عبر مبادرات وممارسات أثبتت نجاحها واكتسبت ثقة كبيرة أهلتها للريادة في هذا المجال وجعلت منها المحطة الثانية خليجياً في زيارات قداسة بابا الفاتيكان الخارجية.
وأكد أن مملكة البحرين ليست بحاجة لتخصيص عام للتسامح لأنها في واقع الأمر تمارس التسامح والتعايش كل يوم وبالتالي فجميع الأعوام في البحرين تستحق أن تكون أعواماً للتسامح.
القيم المشتركة
واستعرض إيوان سوكا الأمين العام لمجلس الكنائس العالمي ومقره سويسرا ، عدة تجارب إنسانية للتعبير عن التنوع والاختلاف والذي هو جوهر الأديان والأصل المتعارف عليه في الأديان الإبراهيمية بشكل عام.
وأكد سوكا أنه من الضروري الإتيان بقيم مشتركة لمعالجة القضايا والمشكلات والالتزام ببناء الثقة بين الشعوب رغم الاختلافات الكثيرة بينها، وأوضح أن من أهم التجارب في التعايش والتي تواجه البشرية جمعاء في السنوات الأخيرة هي قضايا المناخ التي تتطلب الوحدة والتعاون والعزم الحقيقي لتغيير السلوك البشري للتغلب على هذه الأزمة التي تهدد كوكب الأرض.
وفي ختام الجلسة، قال المستشار الدكتور محمد عبدالسلام، الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين إن كلمة "المحبة" هي الكلمة الجامعة التي تردد على لسان جميع المشاركين في جلسات هذا الملتقى الذي يلتئم فوق أرض مملكة البحرين، والتي تعتبر نموذجاً حياً وراقياً في تكريس قيم التسامح والأخوة الإنسانية في أروع صورها.
وأضاف أن العالم في الشرق والغرب يزخر بعدد هائل من المؤسسات المدنية والدينية المستقلة والحكومية التي تعمل سوياً من أجل هدف إنساني واحد مشترك وهو إرساء السلام ونبذ الخلافات والتعايش مع الاختلافات بين الأسرة البشرية الواحدة.
وأكد أن العالم الآن أصبح لديه وثيقتان ومرجعيتان إنسانيتان هامتان هما : إعلان مملكة البحرين للتعايش السلمي ، ووثيقة الأخوة الإنسانية، إلى جانب المواثيق العالمية والأممية التي تكفل الحريات وتدعو للسلام والاحترام المتبادل.
aXA6IDMuMTM4LjEyNi41MSA= جزيرة ام اند امز