زلزال البنوك يقلب موازين الأسواق.. إلى أين تتجه بوصلة الاستثمار؟
تندلع أغلب الأزمات المالية العالمية منذ الثمانينيات وحتى الآن نتيجة إفلاس البنوك، إذ يؤثر أمر كهذا على تسعير الأصول واتجاهات المستثمرين.
شبح الأزمة يطل مجددا في ظل كارثة مصرف "سيليكون فالي بنك" (اس في بي) الذي أغلقته السلطات الأمريكية أمس الجمعة، ما تسبب في موجة ذعر عبر القطاع المصرفي، مع تساؤل الأسواق عن عواقب أكبر إفلاس مصرفي في الولايات المتحدة منذ الأزمة المالية عام 2008.
ولم يتوقف الأمر على بنك سيليكون فالي، بل زاد الذعر مع الإغلاق المفاجئ لبنك سيلفرغيت الشهير بتعاملات في العملات المشفرة وتداول البيتكوين مقابل الدولار، وبحسب نظرية الأواني المستطرقة بدأت الخسائر تطال بنوكاً أخرى، فيوم الخميس الماضي تراجع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 4.1% جراء خسائر القطاع المصرفي، وانخفض سهم بنك فيرست ريبابلك بنك (First Republic Bank) الأمريكي بنسبة 17%.
وسعت مجموعة (إس.في.بي) خلال الأسبوع الحالي إلى طمأنة عملائها من أصحاب رأس المال المغامر بشأن سلامة أموالهم بعدما أدت زيادة في رأس المال لانهيار أسهمها 60% وساهمت في انخفاض قيمتها 80 مليار دولار.
وما بين ليلة وضحاها، تغيرت بوصلة الاستثمار في أسواق الأوراق المالية والعملات الرقمية والسلع الأساسية مثل الذهب والدولار والنفط، فبعدما كانت المؤشرات تشير إلى مواصلة الفيدرالي الأمريكي سياسة التشديد النقدي ورفع سعر الفائدة لأعلى من 5% وربما 6% وبدأ المستثمرن في التخلي عن الاستثمار في الملاذات الآمنة مثل الذهب والعقارات، تحولت بوصلة الاستثمار بالكامل مرة أخرى نحو الهجرة الجماعية للأصول الآمنة منخفضة المخاطر، تحسباً لوقوع أزمة مالية عالمية مثل التي أزمة "الرهن العقاري" عام 2008.
أسواق الذهب
التغير الطارئ في القطاع المصرفي أعاد بريق أسواق الذهب الذي خفت بمجرد إعلان جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي الفيدرالي استمرار سياسة التشديد النقدي ورفع معدلات الفائدة خلال اجتماع 21 و22 مارس/ آذار المقبل.
وارتفعت أسعار الذهب بنحو 2% في ختام تعاملات الجمعة، مدفوعة بتراجع عائدات السندات الأمريكية والأسواق المالية بوجه عام وسط مخاوف بشأن القطاع المصرفي طغت على تأثير بيانات قوية للوظائف الأمريكية مما أثار موجة لشراء المعدن الأصفر بحثا عن ملاذ آمن.
وصعد سعر الذهب في المعاملات الفورية في آخر جلسة تداول أسبوعية له 1.9% إلى 1864.81 دولار للأوقية (الأونصة)، مسجلا أعلى مستوياته منذ 14 فبراير/ شباط.
وصعدت العقود الأمريكية الآجلة للذهب تسليم أبريل/ نيسان 1.9% لتصل إلى 1869.10 دولار للأوقية.
العملات الرقمية
رغم أن العملات الرقمية تعتبر من الأصول المتقلبة إلا أن البعض يعتبرها ملاذاً آمناً لحفظ القيمة لاستقلاليتها عن النظام المصرفي الذي عادة ما يكون أول القطاعات انهياراً وقت الأزمات، وما يثبت ذلك هو أن العقود الآجلة لعملة بيتكوين لنهاية العام الجاري تباع بسعر 38 ألف دولار وبعضها وصل لسقف سعر 40 ألف دولار.
وما عزز الاستثمار في بيتكوين والكريبتو عموماً هو توجه هيئة الأوراق المالية الأمريكي للتعاون مع السلطات الأمريكية لتقنين تداولات العملات المشفرة لتخضع للرقابة والضرائب مثل الأسهم والسندات.
أزمات القطاع المصرفي في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا، كان لها أثراً طيباً على قطاع العملات الرقمية المشفرة، وربما تقدم دفعة قوية لسرعة تقنين هذا القطاع المالي الذي يمثل نقلة نوعية في عالم أسواق المال.
وقفزت القيمة السوقية للعملات الرقمية المشفرة صباح السبت بنسبة 2.2% لتصل إلى 952.63 مليار دولار، وسط تداولات بقيمة 89.29 مليار دولار خلال آخر 24 ساعة.
أسواق النفط
قفزت أسعار النفط أكثر من 1% في ختام تداولات الأسبوع، بعد بيانات أفضل من المتوقع للوظائف الأمريكية إلا أن خامي القياسي تراجعا أكثر من 3% على أساس أسبوعي على خلفية التوتر الناجم عن احتمال رفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة.
وارتفع خام برنت 1.19 دولار بما يعادل نحو 1.5% إلى 82.78 دولار للبرميل بينما زاد خام غرب تكساس الوسيط 96 سنتا بما يعادل 1.3% إلى 76.68 دولار للبرميل.
وبشأن المعروض من النفط، أعاد منتجا النفط الكبيران السعودية وإيران، وكلاهما من أعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، العلاقات اليوم بعد أيام من المحادثات التي لم يكشف عنها من قبل في بكين.
في غضون ذلك، وردت تقارير عن أن الولايات المتحدة حثت في أحاديث خاصة بعض تجار السلع الأولية على تنحية المخاوف بشأن شحن النفط الروسي، الذي فُرض عليه سقف سعري، في محاولة لدعم الإمدادات.
ويراقب المستثمرون عن كثب خفض الصادرات من روسيا، التي قررت خفض إنتاج النفط 500 ألف برميل يوميا في مارس/آذار.