محطات براكة.. قدرة فائقة لدعم اقتصاد الإمارات ومواجهة التغير المناخي
واصل البرنامج النووي السلمي الإماراتي تحقيق الإنجازات الاستثنائية خلال مسيرته الرامية لتكريس مكانة البلاد بالطاقة الصديقة للبيئة.
وذلك على المستوى العالمي ضمن جدول زمني طموح، على الرغم من التحدي الذي فرضه انتشار فيروس كورونا المستجد على العالم أجمع، الأمر الذي رسخ البرنامج الإماراتي كونه نموذجاً يحتذى به من قبل كافة الدول الساعية للانضمام إلى الجهود العالمية الرامية لمواجهة التغير المناخي، من خلال إطلاق مشاريع جديدة للطاقة النووية السلمية.
تشغيل براكة 2.. إنجاز جديد
فقد حققت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية إنجازاً جديداً في إطار تطوير محطات براكة للطاقة النووية السلمية في منطقة الظفرة بإمارة أبوظبي، تمثل في بدء التشغيل التجاري للمحطة الثانية في براكة، لتنضم إلى المحطة الأولى التي بدأت التشغيل التجاري في أبريل 2021، ولتضاعف بذلك من قدرة المحطات على إنتاج الكهرباء الصديقة للبيئة، إلى جانب مضاعفة قدرتها على الحد من الانبعاثات الكربونية والمساهمة في ضمان المستقبل المستدام للأجيال القادمة.
ومع التشغيل التجاري لثاني محطات براكة فإن الطاقة الإنتاجية الحالية من الكهرباء الصديقة للبيئة للمحطتين الأولى والثانية تصل إلى 2800 ميغاواط، بينما تحد المحطتان من 11,2 مليون طن من الانبعاثات الكربونية كل عام، وعند تشغيلها بالكامل ستوفر المحطات 5600 ميغاواط من الكهرباء الصديقة للبيئة، وهو ما سيغطي 25% من احتياجات دولة الإمارات من الكهرباء، بينما ستحد من 22,4 مليون طن من الانبعاثات الكربونية سنوياً.
وبحلول عام 2025، ستنتج محطات براكة 85% من الكهرباء الصديقة للبيئة في إمارة أبوظبي، وستكون أكبر مساهم في خفض البصمة الكربونية للإمارة بنسبة 50%.
ومن جانبه، أكد محمد إبراهيم الحمادي العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لمؤسسة الإمارات للطاقة النووية في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الإمارات "وام" أن التشغيل التجاري للمحطة الثانية في براكة، اليوم، وضمن الخطة الزمنية الموضوعة يعد إنجازاً جديداً لدولة الإمارات العربية المتحدة وهي ترسخ مكانتها المتقدمة في مسيرة التحول العالمي لمصادر الطاقة الصديقة للبيئة، وذلك بفضل الرؤية بعيدة المدى للقيادة الرشيدة وتوجيهاتها السديدة.
وقال الحمادي: "تعد محطات براكة من أهم ركائز التنمية المستدامة في دولة الإمارات، حيث تقوم بدور محوري في دعم النمو الاقتصادي من خلال إنتاج كهرباء صديقة للبيئة على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، إلى جانب دورها الكبير في تسريع عملية خفض البصمة الكربونية لقطاع الطاقة والاقتصاد عموماً في دولة الإمارات، وبالتالي المساهمة بشكل كبير في تحقيق أهداف مبادرة الدولة الخاصة باستراتيجية الحياد المناخي 2050".
وأضاف: "اليوم تتعزز رؤية دولة الإمارات الخاصة بدعم الاقتصاد المتنامي بشكل مستدام باستخدام الكهرباء الصديقة للبيئة، من خلال مضاعفة إنتاج الطاقة الكهربائية في محطات براكة التي تقود حالياً أكبر الجهود الهادفة لخفض البصمة الكربونية بين كافة القطاعات في الدولة والعالم العربي، إلى جانب توفير الحلول الموثوقة للتغير المناخي".
عمليات المراجعة
وأتى الإنجاز الكبير المتمثل في التشغيل التجاري للمحطة الثانية بعد اجتياز المحطة كافة الاختبارات والتقييمات والمراجعات الشاملة التي سبقت مرحلة التشغيل التجاري، والتي تمت تحت إشراف الهيئة الاتحادية للرقابة النووية للتأكد من جاهزية المحطة وفرق العمل وتلبيتها لجميع المتطلبات الرقابية المحلية، حيث أجرت الهيئة حتى الآن 380 عملية مراجعة منذ بدء تطوير محطات براكة للطاقة النووية السلمية، بالإضافة إلى أكثر من 42 بعثة تقييم من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والرابطة العالمية للمشغلين النوويين.
ففي يناير 2021، استضافت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية وذراعها التشغيلية شركة نواة للطاقة، اللتان تتمتعان بعضوية الرابطة العالمية للمشغلين النوويين، فريقا من خبراء الرابطة لإجراء تقييم معترف به دولياً للجاهزية التشغيلية للمحطة الثانية، حيث قام فريق خبراء الرابطة باختبار عدد كبير من المجالات التخصصية والتي تعد أساسية لبدء التشغيل الآمن للمحطة، وذلك فيما يعرف بمراجعة ما قبل التشغيل للمحطة في إطار عملية تقييم الجاهزية التشغيلية، والتي استمرت على مدار أسبوعين، وأعلنت نتائجها لاحقاً من قبل ممثلي الرابطة الذين أكدوا الجاهزية التشغيلية للمحطة الثانية وفق أعلى المعايير العالمية.
وفي هذا الإطار قال الحمادي "قدمت دولة الإمارات للعالم نموذجاً يحتذى به فيما يخص تطوير برنامج جديد للطاقة النووية كجزء من مزيج الطاقة المستدامة، والتشغيل التجاري للمحطة الثانية في براكة دليل على متانة العلاقات والشراكات الدولية التي تم تطويرها خلال العقد الماضي، بالإضافة إلى التزام وخبرات فرق العمل في براكة التي تنتمي لـ50 جنسية وثقافة مختلفة والتي تتمتع بخبرات مهنية كبيرة".
زيارة غروسي
وكان رافائيل ماريانو غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، قد زار محطات براكة في ديسمبر 2021، واطلع على المستجدات والإنجازات التي تحققت حيث قال "هي فرصة مهمة أُتيحت لي لزيارة محطات براكة، والاطلاع بشكل مباشر على الإنجاز الذي حققته دولة الإمارات العربية المتحدة خلال العقد الماضي عندما أصبحت أول دولة عربية تمتلك وتدير محطات للطاقة النووية".
وأضاف غروسي: "يحتاج العالم إلى الطاقة النووية بل المزيد منها كجزء لا غنى عنه من الجهود الحالية لحل أزمة المناخ، ولا سيما أن الطاقة النووية هي مصدر للطاقة الخالية من الانبعاثات الكربونية، ويمكنها أيضا توفير كهرباء الحمل الأساسي على مدار الساعة وبغض النظر عن أحوال الطقس لتقوم بدور مكمل للطاقة الشمسية وطاقة الرياح".
وتابع غروسي: "دولة الإمارات هي واحدة من 32 دولة تشغل حالياً ما مجموعه 442 مفاعلا للطاقة النووية حول العالم، حيث تنتج هذه المفاعلات نحو 10% من احتياجات العالم من الكهرباء وأكثر من ربع إجمالي الكهرباء الخالية من الانبعاثات الكربونية. ومع تكثيف البلدان لجهودها لتخليص اقتصاداتها من الانبعاثات الكربونية، فإن الاهتمام بالطاقة النووية في تزايد مستمر".
مراحل التشغيل
وكانت الهيئة الاتحادية للرقابة النووية أصدرت في فبراير 2021 رخصة التشغيل للمحطة الثانية، وهو ما تبعه نجاح فريق التشغيل في إتمام تحميل الوقود النووي في مفاعل المحطة في مارس 2021، ومن ثم نجاح عملية بداية التشغيل في أغسطس 2021، حيث بدأ فريق التشغيل في رفع مستوى طاقة المفاعل بالتدريج فيما يعرف باختبار الطاقة التصاعدي حتى وصوله إلى 15% ومن ثم إتمام عملية ربط المحطة الثانية بشبكة الكهرباء الرئيسية في دولة الإمارات في سبتمبر 2021 وإنتاج أول ميغاواط من الكهرباء الصديقة للبيئة من هذه المحطة.
بعد ذلك واصل فريق التشغيل الرفع التدريجي لطاقة المفاعل وصولاً إلى 100% في يناير 2022، ومن ثم بدء عملية وقف عمل المفاعل وإجراء عمليات الاختبارات والصيانة النهائية، والتي تكللت ببدء التشغيل التجاري للمحطة الثانية، وذلك بعد أقل من عام على بدء التشغيل التجاري للمحطة الأولى.
اكتمال الأعمال
وبدأت الأعمال الإنشائية في أولى محطات براكة في عام 2012، وواصلت التقدم بثبات منذ ذلك الحين، حيث اكتملت الأعمال الإنشائية في المحطة الثالثة في نوفمبر 2021، وتم تسليم كافة أنظمة المحطة من أجل الاستعدادات التشغيلية تمهيداً للحصول على رخصة التشغيل من الهيئة الاتحادية للرقابة النووية المتوقعة خلال العام الحالي 2022.
كما وصلت الأعمال الإنشائية في المحطة الرابعة إلى مراحلها النهائية، حيث بلغت 92%، بينما وصلت النسبة الكلية للإنجاز في المحطات الأربع إلى 96%.