من نفي دخول حمص لـ«سقوط الأسد».. ماذا حدث بسوريا في 8 ساعات؟
قبل ثماني ساعات من إعلان التنظيمات المسلحة «إسقاط» بشار الأسد، كانت وزارة الدفاع السورية تنفي أنباء دخول تلك العناصر إلى مدينة حمص، كاشفة في الوقت نفسه عن «طوق لا يمكن كسره» حول العاصمة دمشق.
إلا أن ثماني ساعات كانت كفيلة بتغيير الوضع في سوريا بأكملها وليس في المناطق التي كانت لا زالت تحت حكم الرئيس السوري بشار الأسد، والتي وصفتها وزارة الدفاع بأنها «آمنة» و«مستقرة».
فماذا حدث في ثماني ساعات؟
قبل ساعات ثمان، نفت وزارة الدفاع السورية الأنباء التي تتناقلها المنصات الإعلامية التابعة لتنظيمات وصفتها بـ«الإرهابية» عن دخول العناصر المسلحة إلى مدينة حمص.
وفي بيانها، قالت «الدفاع السورية» الذي نشرته عبر حسابها الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، إن الوضع آمن ومستقر، مشيرة إلى أن «قواتنا المسلحة منتشرة حول المدينة ومتمركزة بخطوط دفاعية منيعة ومعززة بمختلف أنواع الأسلحة».
إلا أن ذلك البيان تزامن مع تأكيدات نشرتها وكالة «رويترز»، نقلا عن مصدر عسكري بالجيش السوري، قال فيها، إن قافلة كبيرة من قوافل الجيش السوري انسحبت من مدينة حمص، لتصل إلى جسر القصير جنوبي المدينة، لتتوالى بعدها انسحابات من عناصر الجيش السوري «دون قتال» مع التنظيمات المسلحة، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
في الوقت نفسه، قال ضابط كبير لـ«رويترز»، إن قادة بالجيش والأمن السوري يغادرون مطار الشعيرات في حمص على متن طائرات هليكوبتر باتجاه الساحل، مما أخلى الطريق إلى التنظيمات المسلحة للسيطرة على تلك المناطق، والتي نشرت بدورها مقاطع فيديو وصور «توثق» سيطرتها.
وما إن دخلت التنظيمات المسلحة إلى مدينة حمص، حتى بدأت عمليات تمشيط للأحياء الرئيسية في المدينة الاستراتيجية، بحسب ضابط كبير صرح لـ«رويترز».
«انهيارات» في الصفوف الأمامية للجيش السوري، «دفعت عشرات من قوة الرضوان التابعة لحزب الله إلى الفرار من حمص بعد اتخاذ قرار مع الجيش بأنه لم يعد من الممكن الدفاع عن المدينة»، يقول الضابط الكبير.
تطورات على الأرض، استغلتها التنظيمات المسلحة، فبدأت بالإفراج عن أكثر من 3500 سجين من سجن حمص العسكري، محاولة الحصول على قوة بشرية في المعارك، وكسب التأييد في الوقت نفسه.
تلك اللحظات الأخيرة للسيطرة على حمص، وصفها الجولاني القائد بهيئة تحرير الشام بــ«الحدث التاريخي»، مطالبًا عناصره المسلحة بعدم التعرض بأذى لمن يلقي سلاحه، في إشارة إلى قوات الجيش السوري.
ولم تمض سويعات قليلة، حتى أعلن القيادي بالتنظيمات المسلحة حسن عبد الغني، في ساعة مبكرة من صباح الأحد، السيطرة الكاملة على مدينة حمص بوسط سوريا، وسط غياب للرواية الرسمية أو لتصريحات من وزارة الدفاع السورية.
ودون الإشارة إلى حمص ومصيرها -بعد البيان الأولي الذي نفى دخول التنظيمات حمص-، نشرت وزارة الدفاع السورية بيانا مقتضبا، قالت فيه إنه «لا صحة للأخبار التي تتناقلها المنصات الإعلامية الإرهابية عن انسحاب القوات المسلحة من ريف اللاذقية الشمالي»، مؤكدة أن جميع هذه الأخبار «عارية عن الصحة».
محطة دمشق
ورغم الطوق الأمني الذي فرض حول العاصمة دمشق «والذي لا يمكن كسره»، بحسب تعبير وزير الداخلية السوري اللواء محمد الرحمون خلال تفقده عمل الوحدات الشرطية في المدينة، إلا أن سويعات قليلة كانت كفيلة بتغيير الواقع.
فبعيد سيطرة التنظيمات المسلحة على مدينة حمص، سُمع دوي إطلاق نار في العاصمة دمشق، فيما تحدث سكان وشهود عيان لوكالات دولية عدة؛ بينها «رويترز»، و«فرانس برس»، و«سي إن إن» عن إطلاق نار كثيف سُمع في وسط العاصمة السورية دمشق، مشيرين إلى أن الفصائل المسلحة تتقدم باتجاه المدينة.
ونقلت شبكة «سي إن إن»، عن مصادر لها قولها، إن «التنظيمات المسلحة موجودة في برزة»، وهو حي داخل مدينة دمشق، مضيفة أن الاشتباكات تدور حاليا.
ووسط التصعيد والتطورات الميدانية على الأرض، نشرت وكالة «رويترز»، تقريرًا نقلا عن مسؤولين سوريين كبيرين، أكدوا فيه مغادرة الرئيس السوري بشار الأسد مطار العاصمة دمشق إلى وجهة غير معلومة.
تصريحات المسؤولين -التي لم تؤكدها أو تنفيها الحكومة السورية»، جاءت في أعقاب إعلان المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن قوات الجيش السوري، أخلت مطار دمشق الدولي، في ساعة مبكرة من صباح الأحد، «بعد مغادرة طائرة خاصة للمطار».
وفيما لم يكشف المرصد السوري لحقوق الإنسان، هوية الطائرة أو مستقليها، زعم أن «المئات من عناصر قوات الجيش السوري في العاصمة دمشق خلعوا ملابسهم العسكرية، وارتدوا ملابس مدنية».
دخول العاصمة السورية
وفي أعقاب إعلانها بدء دخول العاصمة السورية دمشق، في أعقاب سماع دوي إطلاق نار في وقت لاحق من صباح الأحد، قالت التنظيمات المسلحة، إنها تتجه إلى السيطرة على مبنى الإذاعة والتلفزيون لـ«إذاعة بيان النصر».
وقال مصدر عسكري سوري لـ«رويترز»، إن قيادة الجيش أبلغت ضباطها بأن حكم بشار الأسد الذي استمر 24 عاما انتهى بعد هجوم خاطف شنه مقاتلو التنظيمات المسلحة.
يأتي ذلك فيما لم تصدر وزارة الدفاع السورية أية أنباء تنفي أو تؤكد دخول التنظيمات المسلحة إلى العاصمة دمشق، فيما لم تكشف -كذلك- حقيقة مغادرة الجيش السوري مطار دمشق.
سويعات مرت دون أية بيانات رسمية، حتى خرج رئيس الحكومة السورية محمد غازي الجلالي، معلنًا أنه مستعد لدعم استمرار تصريف شؤون الدولة بعد «فرار الرئيس بشار الأسد من دمشق».
وقال الجلالي، في مقطع فيديو بثه عبر حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، إنه سيظل في منزله، وإنه مستعد لدعم استمرار تصريف شؤون الدولة بعد فرار الرئيس بشار الأسد من دمشق مع دخول التنظيمات المسلحة إلى العاصمة.
تسليم السلطة
وأكد رئيس الحكومة السورية محمد غازي الجلالي، أن حكومته «مستعدة للتعاون مع أي قيادة يختارها الشعب»، مشيرًا إلى أنه سيكون «في مجلس الوزراء صباح الأحد ومستعدا لأي إجراءات للتسليم».
دقائق مرت، حتى خرجت التنظيمات المسلحة في بيان عبر حساباتها بـ«تيلغرام»، أعلنت فيه «إسقاط» نظام الرئيس السوري بشار الأسد، داعية عناصرها إلى عدم الاقتراب من المؤسسات العامة في دمشق، والتي أسندت إدارتها إلى رئيس الحكومة (السابق) محمد غازي الجلالي.
وفي رسائل نشرتها على حساباتها عبر تطبيق تليغرام، قال قائد «هيئة تحرير الشام» أبو محمد الجولاني فجر الأحد: «إلى كافة القوات العسكرية في مدينة دمشق، يُمنع منعا باتا الاقتراب من المؤسسات العامة، والتي ستظل تحت إشراف رئيس الوزراء السابق حتى يتم تسليمها رسميا، كما يُمنع إطلاق الرصاص في الهواء».
aXA6IDMuMTM5LjEwNC45IA== جزيرة ام اند امز