بعد دعم دولي لـ"مبادرة باتيلي".. ليبيون: "عودة إلى نقطة الصفر"
تطورات جديدة في الملف الليبي حملت معها محاولات للحلحلة عبر مسار الانتخابات وأزاح الستار عنها الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا عبدالله باتيلي.
مبادرة جديدة من باتيلي خلال إحاطته أمام مجلس الأمن الدولي، إذ اعتبرها الأخير "مشجعة"، إلا أن ليبيين رأوا فيها عكس ذلك.
وفي 27 فبراير/شباط الماضي، أعلن المبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا أن مبادرته تهدف إلى توسيع الحوار والجمع بين الأطراف الليبية، لتمكينها من تجاوز الركود الحالي وقيادة البلاد نحو الانتخابات.
ووفقا لحديث قبل أيام لباتيلي، قال: "سيتم تشكيل فريق رفيع المستوى لن تختاره البعثة بل الدوائر الحكومية والاجتماعية والجهات المعنية، وستقوم البعثة بتسيير المفاوضات من أجل التوصل لحل وسط".
فريق "لا يحمل حلا من الخارج، ولا يهدف إلى تجاوز الأطراف السياسية المحلية، بل يشملهم، وسيعمل لتمكين إجراء انتخابات شاملة خلال هذا العام ويضع إطارا زمنيا لذلك"، وفقا للمبعوث الأممي.
وبعد صمت مجلس الأمن الدولي لأكثر من أسبوعين دون إبداء رأيه في المبادرة الجديدة على غير عادته مع سابقاتها، أعلن قبل يومين دعمه لها.
دعم صدر عن رئاسة مجلس الأمن الدولي جاء فيه: "نكرر دعمنا القوي للمبعوث الأممي لدى ليبيا عبدالله باتيلي، لا سيّما دوره في الوساطة والمساعي الحميدة لتعزيز عملية سياسية شاملة بما يتماشى مع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة".
ويرى مجلس الأمن أن مبادرة باتيلي "لإنشاء فريق ليبي رفيع المستوى للانتخابات بتيسير من الأمم المتحدة بهدف استكمال التقدم الذي أحرزته العمليات الأخرى والجمع بين أصحاب المصلحة هي مبادرة مشجعة".
دعم أمريكي أوروبي
الولايات المتحدة علقت بدورها على مبادرة باتيلي، قائلة على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية نيد برايس، إن واشنطن "تشيد بالبيان الرئاسي لمجلس الأمن الدولي والداعم لمبادرة الممثل الخاص للأمين العام ورئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا عبدالله باتيلي".
برايس أضاف: "من شأن المبادرة تلك تحقيق إجراء انتخابات نزيهة يستحقها الشعب الليبي"، داعيا "قادة ليبيا إلى إيجاد طريق للمضي قدما لضمان مستقبل ديمقراطي لجميع الليبيين".
وقال: "تحظى مبادرة باتيلي بالدعم الكامل من قبل مجلس الأمن الدولي، ما يتيح للقادة الليبيين أفضل فرصة لوقف الاضطرابات وتأمين الشرعية من خلال الانتخابات".
وعن ذلك أيضا علق الاتحاد الأوروبي، قائلا على لسان الناطق باسم الممثل الأعلى للأمن والسياسة الخارجية الأوروبية بيتر ستانو إن "إجماع مجلس الأمن على المبادرة خطوة ممتازة نحو الأمام".
بيتر ستانو قال في تغريدة نشرها حساب بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا عبر تويتر، الجمعة: "الاتحاد الأوروبي ينظم أيضا دعمه باتيلي ولمقترحاته لتسهيل المسار السياسي المؤدي إلى الانتخابات"، مؤكدا استعداده للدعم.
عودة لنقطة الصفر
لكن في المقابل وفي رأى مغاير للتعليق الأمريكي والأوروبي، يرى المحلل السياسي الليبي بوبكر سالم حماد أن "مبادرة باتيلي الجديدة تعقد الأمور أكثر "، مبديا استغرابه من "دعم مجلس الأمن الدولي لها".
وفسر المتحدث الليبي ما يقصده بذلك، قائلا في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن "مبادرة باتيلي جاءت لسبب واحد، وهو خلق قاعدة دستورية تقود البلاد لانتخابات تحل أزمتها، وهذه القاعدة الدستورية قد أنجزت أصلا من خلال التوافق الأخير بين أقطاب الأزمة الليبية، وهما مجلسا النواب والدولة".
حماد أضاف: "هذه المبادرة لا حاجة لها الآن، فالأمور قد حلت والإعلان الدستوري الثالث عشر قد أقر ونشر في الجريدة الرسمية، وأصبح نافذا، أي أن القاعدة الدستورية التي يسعى لها باتيلي جاهزة، وعليه فقد دعم تطبيقها والمسير نحو توافق على القوانين الانتخابية التي ستجري عبرها الانتخابات المقبلة".
وتابع: "ما كان على مجلس الأمن هو البناء على توافق مجلسي النواب والدولة وليس دعم مبادرة باتيلي"، معتبرا أن المبادرة "عودة إلى نقطة الصفر".
وبالحديث عن نقطة الصفر كان أيضا رأي أستاذ العلوم السياسية في الجامعات الليبية فتحي السوكني مقاربا لموقف حماد.
السوكني قال لـ"العين الإخبارية": "إن سلمنا جدلا بصحة مبادرة باتيلي فإن ذلك يحتاج إلى عام آخر على أقل تقدير، بينما توافق مجلسي النواب والدولة الأخير يحتاج فقط إلى استكمال بنوده وتشكيل لجنة 6+6 المنصوص عليها في التعديل الدستوري لإقرار قوانين انتخابية جديدة توافقية".
وعن لجنة 6+6، قال السوكني إن "أولى خطواتها قد نفذت فعلا، حيث أعلن مجلس النواب أمس الإثنين أسماء ممثليه الستة في اللجنة المشتركة".
وأضاف: "إذا انتظرنا الجهات المشمولة والمستهدفة في مبادرة باتيلي لاختيار ممثل عنها وعقد اجتماعات ومفاوضات جديدة بينها ومناقشة كل شيء بما في ذلك الأمور الجدلية كل ذلك يحتاج إلى عام أو أكثر، أي أنه وفق مبادرة باتيلي من المستحيل أن يلتئم كل تلك الخطوات في عام واحد، أي أن هذا العام لن تكون هناك انتخابات في ليبيا".