انفجار بيروت بالصور والفيديو.. ليلة بكى فيها لبنان
شهدت العاصمة اللبنانية بيروت، انفجارا قويا، وسط سيناريوهات محتملة للسبب، ومشاهد صادمة ومأساوية على الأرض.
علامات استفهام عدة خلفها الانفجار القوي الذي هز العاصمة اللبنانية بيروت، وما زال من المبكر الجزم بالأسباب، وحصر الخسائر، وسط التجاذبات السياسية التي يعج بها لبنان، والوضع الاقتصادي المأزوم.
حصيلة رسمية توضح أن الانفجار أسفر عن مقتل أكثر من مئة شخص وإصابة أكثر من أربعة آلاف بجروح. والأعداد مرشحة للزيادة، نظرا لضخامة الحادث الذي شبهه البعض بتفجيرات 11 سبتمبر/ أيلول الإرهابية التي أطاحت ببرجي مركز التجارة العالمي بمدينة نيويورك الأمريكية عام 2001، كما وصفت الممثلة الأمريكية الشهيرة شارون ستون، أو بما حدث في اليابان في هيروشيما وناغازاكي، من قصف نووي أمريكي عام ١٩٤٥، بحسب ما قال محافظ بيروت مروان عبود.
انقسمت التحليلات حول أسباب الحادث وتلونت، وتباينت، فالرواية الرسمية لرئيس الحكومة اللبناني حسان دياب، قالت إن 2750 طناً من "نيترات الأمونيوم" كانت موجودة في مستودع في مرفأ بيروت، وراء الانفجار الضخم، فيما تبنى المحلل السياسي اللبناني البارز محمد سعيد في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، سيناريو أن المتفجرات تعود إلى حزب الله الذي يسيطر على مرفأ بيروت سياسيا، وبالتالي علمت إسرائيل بتخزين هذا العدد من المتفجرات، فأقدمت على قصفها، بالإضافة إلى سيناريوهات أخرى تدور في نفس الفلك.
السيناريو الذي لاقى رواجا أكبر هو أن الانفجار سببه نوع من الإهمال والفساد، في تخزين مواد متفجرة صادرتها الدولة اللبنانية من أحد البواخر، مع تورط جهات سياسية بشكل متعمد للضغط على الحكومة اللبنانية وتحميلها مسؤولية الأزمة الاجتماعية والاقتصادية، في ظل ظروف حرجة فعليا تمر بها لبنان.
رغم حدة التجاذب السياسي الداخلي اللبناني إلا أن كارثية نتائج انفجار بيروت أطفأت جذوة الخلاف ولو مؤقتا، لتتصاعد نبرة التضامن الإنساني داخليا وخارجيا، فالانفجار خلف وراءه مشاهد مؤلمة لن تمحى قريبا من ذاكرة الإنسانية.
صحف لبنان.. عناوين الألم والدم
جريدة الأخبار اللبنانية اختارت "الانهيار الكبير"، مانشيتا رئيسيا لها لوصف حجم الكارثة، ،قالت: كما في الأفلام التي ترسم مشهد نهاية الكون. الغيمة التي تلوّنت سريعاً من حمراء إلى سوداء إلى رماد سام، بدت صورة مستعادة من أفلام الحروب العالمية. المدينة تحوّلت إلى كومة ركام بعدما دُمّرت بعبثية مجانين. صراخ علا في المدينة وكل أطرافها، ووصل صدى الصوت إلى أنحاء البلاد. هزة أرضية فعصف ثم غبار يخفي، للحظات، حجم الكارثة، قبل أن يجد الناس أنفسهم، فجأة، أمام الصورة كاملة. صورة الانهيار الكبير الذي أصاب مركز البلاد، لتنتشر شظاياه في أجساد الجميع، ولكن، وللأسف، من دون أن توحّدهم.. سواء كان وراء ما حصل خطأ أو جريمة تخريب أو أي شيء آخر، فإنه ليس سوى رفع للغطاء عن الهريان الذي ضرب هذه البلاد. أتى الانفجار ليكشف عن وجه الانهيار الكبير. انهيار منظومة متكاملة، من طريقة تفكير وتصرّف وإدارة وطريقة تعامل مع الأزمات".
"الفاجعة.. الدولة الفاشلة تطلق النار على نفسها".. ذلك ما اختارته النهار اللبنانية عنوانا رئيسيا لها، وفي التفاصيل: لا حاجة لإسرائيل لتدمير العاصمة بيروت ومؤسساتها ومستشفياتها ومرافقها، ولا خوف من الإرهابيين التكفيريين، فلبنان الدولة الفاشلة كفيل بتدمير نفسه، وبضرب مرافقه الحيوية وقتل أبنائه، إن لم يكن بالانهيار المالي والاقتصادي، والفقر والجوع، فبالإهمال المتمادي دون محاسبة".
"بيروت دم ودمار.. إهمال أم عدوان،، انفجار المرفأ يزلزل لبنان".. العنوان الرئيسي لجريدة الجمهورية، والتي حاولت طرح فرضية العدوان الإسرائيلي مضيفة: أهو الاهمال المتمادي الذي أغرق بيروت وضواحيها مساء أمس في بحر من الدم والدمار؟ أم هو عمل عسكري نفّذته إسرائيل بأعصاب باردة لتصيب من لبنان مقتلاً وتدفعه أكثر في غياهب الانهيار الاقتصادي والمالي الذي يعيش فيه، ما دفع الامين العام لـ"حزب الله"، حسن نصرالله الى تأجيل إطلالته التلفزيونية التي كانت مقرّرة اليوم الى حين تبلور حقيقة ما جرى؟".
الميدان يسطر البطولات بدماء أبطال الأزمة
بينما تتطاير الأنباء حول انفجار بيروت وتُحبس الأنفاس مع تصاعد ألسنة الدخان، وارتدادات الانفجار، ويتلهف العالم أي معلومة تفسر ما يحدث، كان في الميدان على الأرض جنود يسطرون بطولات من نوع مختلف.
مع تساقط الضحايا واكتظاظ المستشفيات، بدأت الطواقم الطبية تحديها مع الزمن لسرعة التلبية وإنقاذ الأرواح، وسط ظروف عمل لا يليق بها إلا وصف "المستحيلة"، بين نقص معدات، وانخفاض حاد في مخزون بنوك الدم، بل وحتى انقطاع الكهرباء ما دعاهم للعمل على ضوء الهواتف المحمولة.
وزارة الصحة العامة في لبنان طلبت في بيان، من المستشفيات عموماً بتطبيق خطة الطوارئ الطبية بإخلاء أسرة الحالات الخفيفة والمتوسطة لصالح الحالات الطارئة، واعتماد الإجراءات الوقائية اللازمة، فبعد ساعات قليلة من وقوع الانفجار، كانت كل غرف العمليات في مستشفيات بيروت مشغولة، حسب تصريحات رئيس نقابة المُستشفيات الخاصة، سليمان هارون، لجريدة الأخبار.
الخسارة الأكبر للقطاع الصحي، بحسب ما أوردته الصحف اللبنانية، تدمير جزء كبير من مستودع الأدوية المخصصة للأمراض المستعصية، ومخزون من الأدوية الباهظة الثمن التي تؤمنها وزارة الصحة لآلاف المرضى ممن لا يملكون غطاء تأميني، مما يحرمهم خلال الفترة المُقبلة من الحصول على الأدوية الضرورية.
مشاهد لن تنسى قريبا
ما سجلته الكاميرات من لحظات دموية قاسية ومريرة عقب انفجار بيروت، وثقت جزءا من المعاناة التي يصعب تلخيص واقعها في لقطات تم عزلها عن مجمل المشهد، لكنها أحدث موجة تضامن إنساني عربيا وعالميا، مع الشعب اللبناني، عكسته حملات التضامن الشعبي والرسمي، في محاولة لتخفيف وطأة الكارثة التي ربما تحتاج لعقود لتجاوز آثارها.