محقق "مرفأ بيروت" في عين العاصفة.. وقضاة لبنان بالمرصاد
تتوسع الحملة التي تستهدف المحقق العدلي في انفجار "مرفأ بيروت"، يوما بعد يوم، لتصل إلى مطالبات باستبداله، ما يهدد مسار التحقيق.
واليوم، تقدم النائب نهاد المشنوق بدعوى رد بحق القاضي طارق البيطار، وتعيين محقق عدلي آخر بدلا عنه، إثر تحديد البيطار الأول من نوفمبر/تشرين الثاني موعدا لاستجواب النائب في قضية انفجار "مرفأ بيروت".
وبرر المشنوق خطوته بـ"إصرار القاضي البيطار على الاحتفاظ باختصاصه بملاحقة الوزراء من دون وجه حق، رغم أن الدستور حصر صلاحية اتهام الوزراء بالمجلس النيابي وحده".
ولكن اللافت في هذه الدعوى بحسب ما أفادت مصادر قانونية لـ"العين الإخبارية"، اتهامها البيطار بـ"خرق موجب التحفّظ وسرية التحقيق"، إثر نشر مقابلة صحفية له.
وهذه المقابلة التي يرتكز عليها السياسيون لاتهام القاضي بعدم حفظ السرية، تعود إلى خطأ فادح ارتكبه "التلفزيون العربي" في 10 يوليو/تموز 2021، عندما اعتبر بعض التسريبات القضائية عن التحقيق "تصريحا حصريا له من القاضي البيطار"، وهذا ما نفاه البيطار مباشرة، مؤكداً أنه "لم يدل بأي تصريح لأي وسيلة إعلامية".
وفي حينه، كشفت مصادر قضائية لـ"العين الإخبارية" أن "هناك أهدافا سياسية وراء هذه الفضيحة هدفها إحراج القاضي تمهيدا لإزاحته بهدف حماية بعض السياسيين اللبنانيين" الذين تطولهم التحقيقات في تفجير المرفأ.
ودعوى الرد التي قدمها المشنوق، تستوجب توقيف التحقيق مباشرة بمجرد إبلاغ القاضي بها، إلى حين إصدار قرار باستمراره في التحقيق، أو توقيفه وتعيين قاض آخر بدلا منه.
في غضون ذلك، تقدّم الوكيلان القانونيان للوزير السابق المدعى عليه في ملف "مرفأ بيروت"، يوسف فنيانوس، بدعوى ارتياب مشروع ضد المحقق العدلي البيطار، الذي سبق وأصدر مذكرة توقيف غيابية بحق الأول.
واعتبر فنيانوس أنّ التقدّم بدعوى الارتياب المشروع يأتي من باب الحرص على "حسن سير التحقيق والوصول إلى الحقيقة المرجوة"، مضيفاً أنّ "السلوك الشاذ والردود والاجتهادات والانتقائية والكيل بمكيالين، وكل أنواع المظالم، لا تغيّر الحقائق والوقائع".
وتابع، في تصريحات صحفية، أن "تحميله الجريمة وإصدار مذكرة توقيف بحقه خطوة غير مشروعة وظالمة. إذ إن المجلس العدلي أصلاً ليس صاحب الصلاحية".
في المقابل، دعا عدد من قضاة لبنان، بينهم أعضاء نادي القضاة، الجمعة، إلى اجتماع في قاعة محكمة التمييز في قصر العدل في بيروت، رفضا للحملات والهجمات الإعلامية والسياسية والطائفية المغرضة التي يتعرض لها المحقق العدلي في قضية انفجار "مرفأ بيروت"، وصولا إلى حد تهديده في واقعة غير مسبوقة وخطيرة تندرج ضمن سياسة الإمعان في ضرب السلطة القضائية ودولة القانون، بحسب بيان صادر عن القضاة.
واعتبر القضاة المجتمعون "أن محاولات إيصال الرسائل السياسية وغير السياسية لأي قاض وبأي وسيلة كانت هو أمر مستنكر ومستوجب الشجب بأقصى العبارات ولا يمكن السكوت عنه ومردود في الشكل والمضمون".
وأكد القضاة على "ضرورة صون سيادة دولة القانون والرضوخ لأحكامه واحترام أصول إجراءاته وعدم التلطي خلف الحجج الواهية".
وأضاف القضاة: "ليكن معلوما أن القضاة الأحرار غير متروكين لمصيرهم، وأن أي تعرض لأي قاض هو تعرض لسلطة دستورية بأكملها، فلا قيامة للبنان من دون قضاء لا يهاب ولا ينتقي ولا يهادن ولا يساوم".
وطالب القضاة، النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات بالانتصار للقضاء وهيبته عبر المباشرة بالملاحقة السريعة والجدية.
وكان القاضي البيطار أكد في رسالة مكتوبة أمام المدعى العام التمييزي أنه تلقى رسالة شفهية عبر أحد القضاة من مسؤول الأمن والارتباط في "حزب الله" وفيق صفا، هدده فيها باقتلاعه من موقعه، إذا استمر بنفس النهج في التحقيق.
وكان تحقيق تلفزيوني محلي كشف عن اجتماع بين مسؤول جهاز الأمن والارتباط في حزب الله، صفا، ورئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود، عبر خلاله صفا عن امتعاضه من أداء المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت.
ومنذ الكشف عن أسباب انفجار مرفأ بيروت الكارثي بفعل شحنة مخزنة لسنوات من "نيترات الأمونيوم"، حامت الشبهات حول دور حزب الله المحتمل في استخدام المادة شديدة الانفجار.
وأثار الانفجار صدمة هائلة عالميا وراح ضحيته نحو 200 شخص وجرح الآلاف وتسبب في خسائر مادية مباشرة بقيمة 15 مليار دولار بحسب الحكومة، لكن منذ ذلك الحين لا يزال التحقيق متعثرا في رفض ساسة وقيادات أمنية المثول للتحقيق.
aXA6IDMuMTM2LjIyLjIwNCA= جزيرة ام اند امز