"حوار الدمار".. بوح بيروت وألم حربها
لكل عاصمة عربية حكايات وقصص لا تبوح بها إلا لأهلها ومن عاصروها في أوقات المحن والرخاء وكانوا شهود عيان على تاريخ سجلت الأوراق بعضه وحفظت الذاكرة معظمه.. وفي فيلم (بيروت - حوار الدمار) يطل المخرج بهيج حجيج بعدسة مكبرة على تاريخ العاصمة اللبنانية بيروت.
لكل عاصمة عربية حكايات وقصص لا تبوح بها إلا لأهلها ومن عاصروها في أوقات المحن والرخاء وكانوا شهود عيان على تاريخ سجلت الأوراق بعضه وحفظت الذاكرة معظمه.. وفي فيلم (بيروت - حوار الدمار) يطل المخرج بهيج حجيج بعدسة مكبرة على تاريخ العاصمة اللبنانية بيروت.
الفيلم الناطق بالفرنسية عرض في إطار مهرجان بيروت للأفلام الفنية الوثائقية المستمر حتى 20 من نوفمبر الجاري، ويتناول مرحلة إعادة إعمار وسط بيروت عام 1993 بعد انتهاء الحرب الأهلية في لبنان التي استمرت زهاء 15 عاماً وانتهت عام 1990.
يأخذنا المخرج حجيج خلال أقل من ساعة في رحلة غنية بالنوادر وبالمشاهد المؤثرة التي تظهر المدينة الجريحة وهي تغرق بالأنقاض والدمار على صدى أنغام موسيقية تنطوي على الحنين، وضعها المؤلف وعازف البيانو اللبناني زاد ملتقى لتعكس الحداد الطويل الذي عاشته بيروت قبل أن تولد مجدداً.
ويركز الشريط على وسط العاصمة بمواقعه الأثرية التي يعود بعضها إلى مئات السنين، ويرى المخرج الذي كتب أيضاً نص الفيلم أن كومة الأنقاض التي آلت إليها المدينة جراء الحرب تشتمل في الواقع على روحها، وتحتوي هذه الأنقاض كما يشير الفيلم الوثائقي بأكثر من طريقة على تاريخ العاصمة وحكاياتها ونوادرها ويومياتها التي كانت مسيجة في تلك الفترة بالدماء التي أريقت خلال 15 عاماً.
ويؤكد الفيلم أن من الضروري الحفاظ على روح المدينة وإن كنا نعيد إعمارها وذلك من خلال الحفاظ على بعض من معالمهم الأساسية والزاخرة بالتاريخ، كل مبنى بحسب ما يعرض الفيلم يحمل بين جدرانه المتصدعة أو شبه المهدمة سطراً من تاريخ المدينة.
وفي الفيلم الوثائقي الذي صفق له الجمهور طويلاً في صالة متروبوليس حيث العروض يتحدث حجيج مع أشخاص مختلفين طالباً منهم أن يقصوا رواياتهم عن المدينة كما يعرفونها انطلاقاً من تجاربهم الشخصية، ومنهم اختصاصيون في مجالاتهم، ومنهم أشخاص عاديون عايشوا فترة الرخاء التي عرفها وسط المدينة قبل اندلاع الحرب، لكل منهم وجهة نظره لمشروع إعادة الإعمار الذي كان عام 1993 -فترة تصوير الوثائقي- في عز انطلاقته.
بعضهم أيد إعادة الإعمار وبعضهم تمسك بمعالم المدينة الأساسية بذكرياتها التي تطل خلف أنقاضها، كما تضمن الوثائقي رسالة أمل لمستقبل وسط المدينة الذي وجد البعض أنه لا بد وأن يعود إلى مجده، ولا بد وأن يستعيد تاريخه العابق بضحكات الناس ولقاءاتهم في المقاهي على اختلاف انتماءاتهم، ليعود مجدداً ملتقى يعرف المعنى الحقيقي للحرية ويضخ حب الحياة.
ويهتم مهرجان بيروت للأفلام الفنية الوثائقية بالأعمال التي تعالج الفنون وتنوعها مثل الهندسة المعمارية والآثار والمتاحف والرقص والموسيقى والسينما. وكان قد افتتحيوم الاثنين الماضي ويشمل البرنامج 52 فيلماً وثائقياً في دور سينما كبيرة بوسط العاصمة على أن ينتقل هذا الأسبوع إلى مناطق لبنانية مختلفة ويعرض في الجامعات والمراكز الثقافية.