بيلاروسيا.. المخزن النووي لبوتين على أبواب أوكرانيا
منذ بداية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا تبدي كييف قلقا من بيلاروسيا، الحليفة القوية لموسكو.
ولكن هذا القلق زاد مؤخرا، بعدما صرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن بلاده تعتزم نشر أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروسيا.
بوتين أعلن، أمس السبت، اتفاقه مع الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، حليفه القوي، على قيام روسيا بنشر أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروسيا.
إعلان بوتين دفع كييف لاعتبار أن موسكو تحتجز بيلاروسيا رهينة نووية.
وقال الأمين العام لمجلس الأمن الأوكراني أوليكسي دانيلوف في تغريدة على تويتر "يحتجز الكرملين بيلاروسيا رهينة نووية"، معتبرا أن القرار الروسي يهدف لزعزعة استقرار بيلاروسيا.
واعتبر دانيلوف أن إعلان بوتين "يرفع إلى الحد الأقصى الانطباع السلبي والنفور الشعبي حيال روسيا وبوتين في صفوف المجتمع البيلاروسي".
ومنذ بداية الحرب في فبراير/شباط 2022، أعرب الرئيس لوكاشينكو الذي يحكم بيلاروسيا منذ 30 عاما تقريبا، عن دعمه لموسكو، وسمح لقوات روسية بمهاجمة أوكرانيا انطلاقا من أراضي بلاده.
وطوال العام الماضي، تخشى كييف من احتمال انخراط بيلاروسيا في الحرب، إلا أن لوكاشينكو أكد أكثر من مرة أنه لن يقدم على ذلك إلا في حال تعرض بلاده لهجوم.
وتشترك بيلاروسيا مع أوكرانيا في حدود طولها نحو ألف كيلومتر.
وتربط علاقات قوية بين الرئيس الروسي بوتين ونظيره البيلاروسي لوكاشينكو الذي أهدى بوتين جرارا بمناسبة عيد ميلاده السبعين في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ووصف لوكاشينكو علاقته ببوتين بأنها ترسخت وتعززت مؤخرا، وأن هناك ثقة متبادلة بينهما.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، زار بوتين بيلاروسيا، والتقى لوكاشينكو، حيث بحثا القضايا الأمنية، وتبادلا وجهات النظر حول الوضع في المنطقة والعالم، وناقشا الإجراءات المشتركة لمواجهة التحديات الناشئة عن الأوضاع الراهنة، بالإضافة إلى قضايا التعاون التجاري والاقتصادي، ومشروعات التعاون الثنائية، مع التركيز على قضية إحلال الواردات، والتعاون في قطاع الطاقة، بحسب بيان بيلاروسي.
ويأتي إعلان بوتين عن نشر أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروسيا، ليجدد مخاوف أوكرانيا والدول الغربية، من لجوء موسكو للخيار النووي، وهو الهاجس المستمر منذ بداية الحرب في أوكرانيا.
ومنذ الأسبوع الأول للعملية العسكرية الروسية، حذر بوتين من العواقب النووية، ووضع ترسانته في حالة تأهب قصوى، ولوح أكثر من مرة باستخدام الأسلحة النووية للدفاع عن الأراضي الأوكرانية التي ضمتها روسيا.
وحذر بوتين الغرب من استخدام الأسلحة النووية، وقال: "هذه ليست خدعة".
ورغم أن وسائل إعلام أمريكية رجحت ألا تستخدم روسيا أقوى أسلحتها النووية لتصفية الحسابات مع كييف، إلا أن خبراء توقعوا احتمال أن تستخدم موسكو أسلحة نووية صغيرة أو ما يعرف بـ"الأسلحة التكتيكية" على أمل تحقيق هدف محدد بساحة المعركة.
لكن نفس الخبراء حذروا من أنه بمجرد إطلاق سلاح نووي، فسيكون من الصعب السيطرة على ما سيحدث لاحقا.
ترسانة موسكو النووية
لا يمكن بسهولة تقدير حجم الترسانة النووية لموسكو، فالأسلحة النووية تنقسم إلى فئتين: أسلحة استراتيجية، وهي الصواريخ طويلة المدى التي يمكنها عبور المحيطات وتهديد قوى عظمى منافسة، والأسلحة التكتيكية، التي تتمتع بقدرة محدودة ويمكن القول إنها قد تؤدي وظيفة أكثر محدودية.
ومنذ عصر الاتحاد السوفياتي تمتلك موسكو أكبر ترسانة نووية في العالم، بعدد يقترب من 6 آلاف رأس نووي مقابل 5428 رأسا تمتلكها واشنطن.
روسيا أخرجت نحو 1500 من هذه الرؤوس الحربية من الخدمة (ولكن ربما لا تزال سليمة) وهناك 2889 رأسا في الاحتياط فيما تم نشر 1588 كرؤوس حربية استراتيجية، وهذه الترسانة النووية تشمل الصواريخ الباليستية الأرضية أ التي تطلق من غواصات، أو قواعد قاذفات ثقيلة.
وبحسب تقديرات أمريكية، فإن واشنطن تمتلك ما بين 1000 و2000 سلاح تكتيكي، بخلاف الرؤوس النووية، ويبدو أن هذه الأسلحة التكتيكية هي التي تعتزم موسكو نشر بعض منها في بيلاروسيا.
ما هي الأسلحة النووية التكتيكية؟
وبحسب وزارة الدفاع الأمريكية فإن الأسلحة النووية التكتيكية يطلق عليها أحيانا "الأسلحة النووية في ساحة المعركة" أو "الأسلحة النووية غير الاستراتيجية"، لاستخدامها في ساحة المعركة.
وهي أصغر من الأسلحة النووية الاستراتيجية مثل "الرؤوس الحربية المحمولة على الصواريخ الباليستية العابرة للقارات"، والتي صممت لتستخدم ضد مدن العدو والمصانع والأهداف واسعة النطاق.
وتختلف الأسلحة النووية التكتيكية بقوتها من دون كيلوطن إلى حوالي 50 كيلوطنا، مقارنة بالأسلحة النووية الاستراتيجية، التي تتراوح قوتها من حوالي 100 كيلوطن إلى أكثر من ميجاطن.
نهاية "نيو ستارت"
وكانت معاهدة نيو ستارت هي آخر معاهدة بين موسكو وواشنطن بشأن الأسلحة النووية، قبل أن تعلق روسيا مشاركتها فيها، في شهر فبراير/شباط الماضي.
وتختص المعاهدة الموقعة عام 2010 بتحديد عدد الرؤوس الحربية النووية الاستراتيجية التي يمكن لكل جانب نشرها.
وتضع "نيو ستارت" حدا أقصى للأسلحة النووية "الاستراتيجية" بـ700 صاروخ باليستي عابر للقارات وصاروخ باليستي يطلق من الغواصات وقاذفات ثقيلة، و1500 رأس حربي نووي محمل على صواريخ باليستية عابر للقارات وصاروخ باليستي يطلق من الغواصات وقاذفة ثقيلة، إضافة إلى 800 قاذفة صواريخ باليستية عابرة للقارات منشورة وغير منشورة وقاذفة صواريخ تطلق من الغواصات وقاذفة ثقيلة، وكان من المفترض تمديد المعاهدة الحالية حتى فبراير/شباط 2026.
وتسمح المعاهدة لكل دولة بتفتيش المواقع النووية للطرف الآخر 18 مرة في السنة لضمان الامتثال للاتفاق.
ورغم أن بوتين قال إن روسيا علقت فقط مشاركتها بالمعاهدة، ولم تنهها، إلا أن الافتقار إلى عمليات التفتيش قد يسمح لروسيا بالتهرب من تفويضات المعاهدة دون الكشف عنها.
aXA6IDMuMTQ0LjkyLjE2NSA=
جزيرة ام اند امز