قمة "بوتين وشي".. رسائل مباشرة للعالم تزعج أمريكا
رسائل عدة وجهها لقاء الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والصيني شي جين بينغ في موسكو، كشفت عن إصرار للتحول لعالم جديد متعدد الأقطاب.
وبحسب خبيرين روسيين فإن موسكو وبكين تدفعان باتجاه عالم متعدد الأقطاب شرقا وغربا بعيدا عن الهيمنة الأمريكية سواء كان اقتصاديا أو سياسياً.
وأكد الخبيران الروسيان في حديثهما لــ"العين الإخبارية" أن الرسائل الروسية الصينية الصادرة في البيان الختامي للقاء بوتين وجين بينغ تحمل تحذيرا لكل من أمريكا وأوروبا بضرورة مراجعة التصرفات الأخيرة التي من الممكن أن تؤدي لحرب عالمية ثالثة.
عالم متعدد الأقطاب
وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة "سيفاستوبول" بشبه جزيرة القرم، الدكتور عمار قناة، إن البيان الختامي الروسي الصيني يتناسب مع الواقع السياسي والجيوسياسي، وإطار العالم الجديد المتعدد الأقطاب.
وأضاف عمار لــ"العين الإخبارية" أن الصين تدخل كلاعب أساسي ومؤثر في منظومة العلاقات الدولية، لافتا إلى أن البيان يؤكد تعزيز التعاون بين البلدين.
وأوضح أن العالم يتغير من الأحادية إلى التعددية القطبية، حيث إن هناك ائتلافات بدأت في التشكل، معربا عن اعتقاده أن السبب في تسريع تلك العملية هو الأخطاء الاستراتيجية الأمريكية بالتصعيد في الوقت ذاته مع كل من روسيا والصين.
واعتبر أن البيان الختامي يتناسب مع معطيات المرحلة القادمة سواء اقتصاديا أو جيوسياسيا بالنسبة لبكين وموسكو، مما ينعكس إيجاباً على العالم.
وعن أهم رسائل البيان الختامي لكل من أمريكا والدول الأوروبية، قال د. عمار قناة "إن أهم تلك الرسائل هو أن العالم بدأ في التغيير ورفض الإملاءات، بالإضافة إلى تحذير المنظومة الغربية وإعطائها مهلة للتوجه إلى العقلانية والبراغماتية للتوصل لحلول مناسبة لجميع الأطراف، خاصة الحلول السياسية للوصول إلى للحصول على الاستقرار الدولي".
السلاح النووي
وعن التعاون في مجال التسليح، قال أستاذ العلوم السياسية الروسي إن "التعاون سوف يكون عسكريا ولا يتضمن استيراد أسلحة كما يزعم الغرب".
وأشار إلى أن البيان الختامي أكد ضرورة عدم اللجوء للأسلحة النووية، وذلك ردا على تصريح وزير الدفاع البريطاني، بن والاس، بإمكانية إرسال ذخائر من اليورانيوم إلى أوكرانيا.
واعتبر أن البيان يرسل رسالة واضحة للجميع مفادها "بأن العالم يقترب من معادلة جيوسياسية جديدة، أو من الممكن أن تندلع حرب عالمية ثالثة خاصة في ظل التصعيد الغربي المتواصل مع وجود سوء تعامل مع الأزمة في الغرب".
وأوضح أن عنوان المرحلة القادمة هو التكامل الاقتصادي الصيني الروسي، لافتا إلى أن الصين تعتمد على فكرة مشروع طريق الحرير والذي تلعب فيه روسيا دورا كبيرا، مما يشكل قلقا للمنظومة الغربية والولايات المتحدة من انتقال المعادلة البحرية للتجارة إلى المعادلة البرية مما يقلص النفوذ الأمريكي والمعادلة الدولارية.
أما الباحث الروسي في جامعة الصداقة بين الشعوب بموسكو، ديميتري بريدجيه، فقد رأى أن رسائل الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال لقائه مع الرئيس فلاديمير بوتين متعددة وأهمها قرب البلدين بشكل كبير.
وقال بريدجيه لــ"العين الإخبارية" إنه "إذا رغب البلدان في التعاون في ظل التعقيدات التي تواجه روسيا على الساحة الدولية، فإن هذا التقارب قد يساعد روسيا في إيجاد حلول للمشاكل الاقتصادية التي تواجه البلاد وإظهار صورة للداخل الروسي بأن لروسيا حلفاء أقوياء وأن روسيا بهذا التحالف سوف تستطيع تقوية مكانتها في العالم".
وأضاف أن "الرئيس بوتين يرى أن العلاقات الروسية الصينية هي المستقبل، لافتا إلى أن العلاقات بين الرئيسين بوتين وجين بينغ بدأـ منذ 2010، وتجاوزت كونها علاقات ثنائية، وهي علاقات ذات أهمية كبيرة للنظام العالمي".
تحالف ثنائي ضد أمريكا
واعتبر الباحث الروسي أن ضخ الغاز وتسليم شحنات يومية قياسية إلى بكين عبر خط أنابيب سيبيريا الذي يمر في الشرق الأقصى الروسي باتجاه شمال شرق الصين يعد مشروع القرن، مشيرا إلى أن الفائدة مشتركة خاصة في ظل رغبة الصين في التنقيب على المواد المختلفة في الأراضي الروسية.
وقال إن "الصين لديها مشروع اقتصادي كبير ليس مع روسيا فقط وإنما في أفريقيا والشرق الأوسط أيضا على أساس متوازن مع الجميع"، مؤكدا أن زيارة الرئيس الصيني لموسكو مهمة للغاية نظرا لتوقيع اتفاقيات كبيرة في التعاون الاقتصادي والسياسي والعسكري وأخرها التدريب المشترك بين الدولتين وجنوب أفريقيا.
وأكد أن الصين تعلم جيدا أن الولايات المتحدة تعتبرها العدو الثاني بعد روسيا لذلك تعمل على تعميق علاقاتها مع القوى المختلفة.
وأشار إلى أن الصين باتت توضح أنها قطب يريد السلام للجميع من خلال تقديم مبادرة وحل للحفاظ على سيادة روسيا وأوكرانيا والدول الأخرى.
وقال إن "الولايات المتحدة سوف ترى هذا التعاون تهديدا لها، وستدفع لمزيد من الضغط على الصين عبر تايوان وزيادة المشاكل الداخلية ببكين".