لن يُنظر بعدَ اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل إلا إلى المصالح الاقتصادية، فالاتفاق وُقِع برضا دولي وإقليمي في "رأس الناقورة" اللبنانية بوساطة أمريكية.
فلبنان -بحسب رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد- "اعترف" بدولة إسرائيل في اتفاق ترسيم الحدود، مضيفا أن الاتفاق البحري مع لبنان "إنجاز دبلوماسي واقتصادي".. فأي "إنجاز" سيُسأل عنه "حزب الله" الإرهابي في الأيام القادمة مع انتفاء حُجة بقاء السلاح في ظل اتفاق يمهد للسلام الشامل في المنطقة؟!
وتحت أي مشروعية سيندرج بند سلاح "حزب الله"، وهل سيقتنع المجتمع اللبناني -المنقسم أساسا بين سيادي وممانع- ببقاء وجود حزب مسلح مع إبرام اتفاق ترسيم الحدود البحرية؟
لا يخفى على أحد أن "حزب الله" الإرهابي سيسوّق لإنجاز وهمي آخر، وهو أن اتفاقية ترسيم الحدود ما كانت لتُبرم لولا "قوته" المتصوَّرة من جانبه، وبأنه سيكون "حارسًا" على الثروة اللبنانية والضامن لبقاء إسرائيل ملتزمة ما تعهدت به في الاتفاق، بينما حقيقة الأمور تفي بأن الوسيط الأمريكي هو الضامن الوحيد للاستقرار الذي سيكون طويل الأمد بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي، غير أن الحزب -بعد سطوته وتسلطه على مؤسسات الدولة اللبنانية الدستورية- لن يتنازل عن سلاحه الذي روّج كثيرا أنه لـ"المقاومة"، وهي الحُجة ذاتها التي ربما يسوقها الحزب الإرهابي أمام كل مَن يحاول مطالبته بتسليم سلاحه غير الشرعي.
لكن الأيام القادمة ستُثبت نظرية انتهاء صلاحية هذا السلاح مع غياب التوترات بين الجانبين، اللذين اختارا طريق المصالح الاقتصادية، عبر اتفاق ترسيم الحدود، حيث انتقلت العَلاقة بينهما من مرحلة العداء المطلق إلى مرحلة الهدنة المشروطة بمصالح النفط والغاز، وبالتالي فإن أي عمل يعطّل مسار المصالح، فإنه يكبّد لبنان قبل أن يكبّد غيرها خسارة الوقت، الذي كان عنصرا مهما في إبرام اتفاق ترسيم الحدود، بهدف تسريع استخراج الثروات من البحر.
عمليا، فإن الصدأ سيأكل أسلحة "حزب الله" الإرهابي لعلّة عدم استخدامها في حروب ما يسميه الحزب "التصدي والتحرير"، إلا حال إرساله هذه الأسلحة لمليشيا "الحوثي" الإرهابي في اليمن، فقد رضخ الحزب بشكل أو آخر لاتفاق الترسيم بالأمر، ولعل لبنان يكمل مسار مصالحه.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة