"بنغازي" الليبية على أبواب نهضة اقتصادية كبيرة بعد سنوات "عجاف"

خبراء اقتصاديون متخصصون في الشأن الليبي رسموا خريطة فرص الاستثمار المتوقعة وأبرز المشاكل التي قد تواجه المستثمرين الأجانب في المستقبل.
بعد عدة سنوات "عجاف" عاشتها مدينة بنغازي، كبرى مدن الشرق الليبي، منذ أحداث عام 2011 حتى سيطرة الجيش الليبي عليها في نهاية عام 2017 وتحريرها من قبضة الجماعات الإرهابية، باتت المدينة تشتم رائحة الاستقرار الأمني والاقتصادي وتتوق للاستثمارات الأجنبية.
خبراء اقتصاديون متخصصون في الشأن الليبي تحدثوا لـ"العين الإخبارية" ورسموا خريطة فرص الاستثمار المتوقعة وأبرز المشاكل التي قد تواجه المستثمرين الأجانب في المستقبل وطرق حلها، مؤكدين أن الحياة بدأت تعود تدريجياً إلى المدينة الباسلة بعد سنوات من الخراب والفوضى.
تعد "بنغازي" ثاني أكبر مدينة في ليبيا، وتقع في شمال شرقي البلاد على ساحل البحر المتوسط، ويبلغ عدد سكانها نحو 500 ألف نسمة، وتضم مبنى البرلمان والمكتبة الوطنية ومكاتب خطوط الطيران الدولية.
الدكتور سليمان الشحومي، رئيس هيئة تداول الأوراق المالية الليبية سابقاً، قال لـ"العين الإخبارية" إن المستثمر يبحث عن الاستقرار في كامل البلاد حتى يمكنه الاستثمار بدون مخاطر سياسية أو تنظيمية، لأنه يبحث عن مقومات استثمارية معروفة ترتكز على استقرار سياسي وأمني واقتصادي ونقدي عبر البنك المركزي ومنظومة البنوك التجارية عبر مؤسسات داعمة لعمل المستثمر.
وأضاف الخبير الاقتصادي أن الفرص الاستثمارية في ليبيا كبيرة ومتعددة في عدد من المناطق سواء بالشرق أو الغرب أو حتى مناطق الجنوب الغنية بالموارد الطبيعية والمواد الخام.
وألمح الشحومي إلى أن هناك مجالات صناعية كبيرة واعدة في ليبيا مثل الصناعات النفطية والطاقات المتجددة والمعادن وصناعة الأسمنت والتعدين، بالإضافة إلى المقومات السياحية الكبيرة.
وشدد المحلل الاقتصادي على أنه من أجل تحويل هذه الفرص إلى مشروعات استثمارية حقيقية، لا بد من إنهاء الانقسام السياسي وتوحيد المؤسسات وبسط سيطرة الأمن في ربوع ليبيا كافة.
وحسب تقارير إعلامية أجنبية، كانت الواردات إلى المدينة الليبية محدودة بعدما أدى القتال بين قوات الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر والجماعات الإرهابية إلى إغلاق ميناء بنغازي، لكن مع انتهاء الصراع في 2017، عادت المتاجر للظهور وأعاد شارع فينيسيا بمتاجره الجديدة العصرية ومقاهيه الراقية، مستوى من النمط الاستهلاكي الذي يميز الأثرياء.
المحلل الاقتصادي الليبي الدكتور علي الصلح، قال لـ"العين الإخبارية"، إن الشرق الليبي وصل الآن إلى نوع من الاستقرار الأمني، وإن ليبيا تحتاج إلى استقرار اقتصادي، والمقصود به في البلدان النامية استقرار الناتج المحلي وميزان المدفوعات والبطالة والتضخم.
وأضاف الصلح أن هذه المؤشرات الاقتصادية مهمه جداً لجذب الاستثمارات إلى الداخل، وما تحتاجه ليبيا هو معالجة الاختلال الهيكلي في المؤسسات المالية والنقدية.
أما على صعيد إعادة الإعمار والاستثمار في ليبيا، قال الخبير الاقتصادي الليبي إن بلاده تحتاج إلى انعقاد عدد من المؤتمرات وورش العمل لتحديد أولويات الإعمار وإعادة البناء وترشيد المؤسسات المالية لإعادة التعامل مع الشركات الأجنبية، وزيادة مستوى المسؤوليات على الصعيد الداخلي والخارجي.
وأكد المحلل الاقتصادي أن المجالات الاستثمارية في ليبيا متنوعة؛ حيث تبدأ من الإنشاءات إلى الصناعات حتى التنمية بجميع أنواعها، مشيراً إلى أنه على السلطات الليبية في حال توحيد المؤسسات، أن تعلن عن البدء في إطلاق المشاريع وإقامة مؤتمرات وإعادة جدولة الديون السابقة والذهاب نحو تحقيق معدلات مستقرة في المؤشرات السابقة.
وشدد الصلح على أن السرعة في ذلك مطلوبة، ولكن التسرع في اتخاذ القرارات هو العامل السلبي، لذلك يجب أن تكون هناك منظومة تعمل على التنظيم والرقابة والشفافية، وأن يكون هدفها الأساسي النهوض بمستقبل البلاد.
وقام القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر، في مايو 2014، بتجميع زملائه القدامى في الجيش، وأعلن الحرب على المتطرفين، وحقق الانتصار عليهم نهاية عام 2017.
ومنذ ذلك الحين تحسنت ظروف الحياة في بنغازي وأصبح السكان يتمتعون بالتسوق حتى ساعة متأخرة من الليل، وعادت المسارح لفتح أبوابها.
في السياق ذاته، صرح نائب رئيس الحكومة الليبية المؤقتة لشؤون الخدمات الدكتور عبدالسلام البدري، لـ"العين الإخبارية" أن الاستثمار في ليبيا مغرٍ جداً، والبيئة الاستثمارية ملائمة، خاصة في مجالات المعادن والطاقة والسياحة، مؤكداً أن مدن المنطقة الشرقية والجنوبية مستقرة بشكل كبير، وتوفر فرص قمة للاستثمار في مجال المعادن بالجنوب خاصة في مدينة الكفرة.
وأشار المسؤول الليبي إلى أن الحكومة تعمل على تعديل قانون رقم 9 الخاص بالاستثمار، لإعطاء امتيازات وتسهيلات أكبر للمستثمر الراغب في ضخ أموال في ليبيا.
كما تعمل الحكومة الليبية حالياً على تعديل النظام المصرفي والمواصلات، وبصدد اتخاذ قرارات وإصدار تشريعات لجذب المستثمرين وحمايتهم، مضيفاً: "نحن نسعى إلى جذب مستثمري الدول الصديقة، وفي مقدمتها دولة الإمارات ومصر والسعودية؛ حيث نتمنى أن تستثمر دون غيرها في ليبيا".
الجدير بالذكر أنه في 29 ديسمبر/كانون الأول 2017، أعلن الجيش الليبي السيطرة على آخر حي في بنغازي، ثاني كبرى مدن البلاد من تنظيم داعش الإرهابي، وغيره من المليشيات المسلحة.