رغم أن التوقعات بشأن مستقبل الإرهاب في دولة بنين لشهر مايو/أيار الماضي لم تكن جيدة، إلا أن رد فعل هذه الدولة الساحلية الأفريقية كان إيجابيًا.
ومع ذلك، فمن شهر مايو/أيار الماضي إلى أكتوبر/تشرين الأول المنصرم، عانت البلاد من 5 هجمات أخرى، ليصل العدد الإجمالي للهجمات لعام 2023 بأكمله حتى الأسبوع الثالث من أكتوبر/تشرين الأول إلى 22 هجوماً إرهابياً.
إلا أن الأسباب الرئيسية التي أدت إلى هذا التحسّن في مكافحة الإرهاب في بنين كانت أربعة، وهي كالتالي:
1- في يناير/كانون الثاني 2022، وبعد تعرّض البلاد لعدة هجمات إرهابية منذ عام 2019، أطلقت بنين عملية "ميرادور"، والتي يعود لها الفضل الكبير في تحقيق هذه الفعالية. ولإنجاز مهمته على أكمل وجه، أرسل الجيش 3000 جندي إلى الجزء الشمالي من البلاد، وهي المنطقة المتضررة من الإرهاب.
2- في شهر أبريل/نيسان الماضي، التقى رئيسا بنين ورواندا لتعزيز تعاون بلديهما الثنائي في مجال مكافحة الإرهاب. وزار الرئيس الرواندي، بول كاغامي، بنين والتقى بنظيره البنيني، باتريس تالون. وبعد الاجتماع اتفقا على بدء التعاون بين القوات الرواندية والبنينية في شمال البلاد.
3- لم تكن التدابير عسكرية فقط؛ ففي المناطق الحدودية، وخاصة الحدود مع بوركينا فاسو، اضطرت السلطات إلى تنفيذ تدابير لوجستية والحد من عبور الوقود والإمدادات الأخرى التي يعتمد عليها الإرهابيون في تلك المنطقة.
4- وحتى لو كانت هناك نوايا حسنة من طرف الدولة، فإن الدعم المالي ضروري لتحقيقها؛ ففي شهر سبتمبر/أيلول الماضي، صادق الاتحاد الأوروبي على منح مساعدة قدرها 11.75 مليون يورو، وفي 15 من نفس الشهر، تبعه البنك الدولي بتقديم معونة مالية قدرها 230 مليون دولار لمساعدة حكومة بنين وتعزيز النمو الاقتصادي.
وأدّى اشتداد القتال في شمال مالي وتعاون تنظيم "القاعدة" مع الجماعة المتمردة (التي انضم إليها مقاتلون من ليبيا والنيجر)، إضافة إلى الانقلاب الأخير في النيجر، إلى تغيير خريطة مصالح الإرهابيين في المنطقة.
في الوقت الحالي، يركز إرهابيو تنظيم "القاعدة" بشكل أكبر على شمال مالي، وبينما تخصص السلطات المالية والنيجرية وبوركينا فاسو المزيد من الموارد للصراع في شمال مالي، سيستغل تنظيما "القاعدة" و"داعش" أي إشارة قد تدل على الضعف مثل خفض القوات في المناطق الحدودية الجنوبية لمالي وبوركينا فاسو والنيجر، حيث ستتقدم الفروع التابعة لهما، وخاصة الموالية لتنظيم "القاعدة"، نحو شمال ساحل العاج وغانا وتوغو وبنين ونيجيريا.
ويتعين على بنين، وجميع دول الساحل في غرب أفريقيا، ألّا تخفض درجات التأهب. وفي مارس/آذار الماضي، حاولت عناصر من فرع القاعدة في نيجيريا "أنصارو"، عبور الأراضي البنينية، لكنها فشلت في القيام بذلك حيث تمت تصفيتهم من قبل القوات البنينية. ومع ذلك، فقد أعلن الفرع ذاته مسؤوليته عن هجومين في نيجيريا في أكتوبر/تشرين الأول الجاري، لذلك يبدو أن التنظيم استعاد نشاطه.
وبالإضافة إلى كونه هدفاً للإرهابيين، فإن بنين هي بلد متأثر بالإرهاب القادم من النيجر وبوركينا فاسو ونيجيريا، ويحاول الإرهابيون أيضاً جعل بنين بمثابة بلد ملجأ أو مكان عبور، لكن القوات البنينية كانت لهم بالمرصاد.
والدليل على الضغط الإرهابي على بلدان الساحل الأفريقي هو الهجوم الأخير الذي تبنّته جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" التابعة لتنظيم القاعدة في 5 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، في توغو، على بعد بضعة كيلومترات من الحدود مع بنين، والذي رفضت السلطات التوغولية حتى الآن الاعتراف بوقوعه.
يتم تنفيذ معظم الهجمات في بنين من قبل فرع "القاعدة" (جماعة نصرة الإسلام والمسلمين) من خلال كتيبة "سيكو مسلمو" في توغو وشمال غرب بنين، وكتيبة "حنيفة" في شمال شرق بنين.
وعلى الرغم من تنفيذ هجمات متفرقة من قبل إرهابيي "داعش" مثل الهجمات التي وقعت في جينيه في 29 مارس/آذار الماضي، أو في مالانفيل في 16 أبريل/نيسان الماضي، إلا أن الهجمات الإرهابية كالتي وقعت في 2 أبريل/نيسان الماضي بالقرب من نهر بنغاري والتي أفادت الأنباء أن من بين منفذيها توجد نساء مسلحات من مجموعة بربا العرقية، لم تتكرر، ما أثار الفضول حول التغيير المحتمل في التكتيكات الإرهابية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة