مسبار «بيبي كولومبو» يكشف لغزا مغناطيسيا في عطارد (فيديو)
حققت بعثة "بيبي كولومبو" الأوروبية اليابانية المشتركة قفزة تاريخية في رحلتها نحو عطارد، حيث التقطت مناظر وبيانات علمية غير مسبوقة خلال أقرب اقتراب لها من الكوكب حتى الآن في 4 سبتمبر/ أيلول 2024.
وكشف هذا التحليق الأخير، الذي أوصل المركبة الفضائية إلى ارتفاع 103 أميال (165 كم) فقط فوق سطح عطارد، عن رؤى جديدة حول البيئة المغناطيسية للكوكب وتفاعله مع الرياح الشمسية، مما يوفر لمحة عن الطقس الفضائي المتغير باستمرار على الكوكب.
وإذا تخيلنا المجال المغناطيسي لعطارد كفقاعة تحيط بالكوكب، وتحميه من الرياح الشمسية القوية للشمس، على غرار الطريقة التي يحمينا بها المجال المغناطيسي للأرض من الإشعاع الفضائي، فخلال تحليقها الرابع، لاحظت المركبة "بيبي كولومبو" أن هذه "الفقاعة" تتصرف بشكل مختلف في كل مرة تمر بها، تماما مثل زيارة شاطئ حيث تتغير الأمواج باستمرار بسبب الرياح والمد والجزر.
وفي هذا المرور الأخير، اكتشفت أجهزة بيبي كولومبو جزيئات مشحونة تسمى الأيونات الكوكبية، والتي يتم رفعها من سطح عطارد بواسطة الرياح الشمسية، وانقسمت هذه الجسيمات إلى مستويين مختلفين من الطاقة مباشرة بعد أقرب اقتراب للمسبار، مما يكشف عن خصائص غير متوقعة للغلاف المغناطيسي لعطارد.
وقالت هايلي ويليامسون، وهي عالمة بارزة شاركت في المهمة: "أظهر كل تحليق شيئا جديدا ، مما يسلط الضوء على مدى ديناميكية بيئة عطارد وعدم القدرة على التنبؤ بها".
ومما زاد من الإثارة، قبل التحليق مباشرة، ضربت مجموعة من الجسيمات الشمسية عالية الطاقة عطارد والمركبة الفضائية، مما أدى إلى اهتزاز الغلاف المغناطيسي للكوكب، حيث بدا الأمر مثل عاصفة من الرياح تضرب بشكل غير متوقع بحيرة هادئة، مما يخلق تموجات مفاجئة، ويعتقد العلماء أن هذا الحدث قد يفسر بعض السمات غير العادية التي لوحظت، على الرغم من الحاجة إلى مزيد من التحليل.
وعلى الرغم من الخلل الفني في وقت سابق من هذا العام مع نظام الدفع الخاص بالمركبة الفضائية، نجحت "بيبي كولومبو" في الطيران بالقرب من عطارد بشكل أقرب مما كان متوقعا.
ويقول إجناسيو كليريغو، مدير عمليات المركبة الفضائية في "بيبي كولومبو":" كانت هذه أقرب مركبة فضائية تحلق على الإطلاق بالقرب من عطارد، وكان ذلك انتصارا للهندسة".
وستستمر المهمة، التي تأخرت قليلا الآن بسبب مشكلة الدفع، في رحلتها العلمية مع التحليق التالي المقرر في 1 ديسمبر/ كانون الأول 2024 و8 يناير/ كانون الأول 2025.
وتظل "بيبي كولومبو" على المسار الصحيح لدخول مدار حول عطارد في أواخر عام 2026، مما يضمن استمرار هذه المهمة الرائدة في كشف ألغاز أصغر كوكب في نظامنا الشمسي.