بيروت الثكلى تنزف.. ولبنان يستغيث الأصدقاء: بلسموا جراحنا
المشهد بدا وكأنه مقتبس من فيلم سينمائي مرعب، قبل أن تقطع أصوات سيارات الإسعاف وصرخات الضحايا والناجين، صمت الذهول
كانت الساعة تشير إلى السادسة.. الشفق الأحمر يزين سماء بيروت، حين باغتها دوي انفجار أوقف عقارب الوقت ليفرغ الحيز من الأمان، ويخفي الصورة الضاحكة لباريس الشرق.
انفجارٌ هز العاصمة بأكملها، فتصاعدت معه ألسنة اللهب، وتعالت سحب الدخان، وتمدد الغبار.. مشهد ممزوج بصرخة مدوية قادمة من ضفاف المدينة من ملتقى القارات من مرفأ بيروت.
بدا المشهد وكأنه مقتبس من فيلم سينمائي مرعب، قبل أن تقطع أصوات سيارات الإسعاف والدفاع المدني، وصرخات الضحايا والناجين، صمت الذهول من واقع فجرته مفرقعات خامدة في العنبر رقم 12 في أحد مستودعات الميناء.
"المخزن المتفجر"
المدير العام للأمن العام اللبناني عباس إبراهيم، رجّح أن يكون ما حدث ناجما عن مواد شديدة الانفجار.
وفي تصريحات للصحفيين خلال تفقده المكان، قال إبراهيم "يبدو أن هناك مخزنا لمواد مصادرة منذ سنوات وهي شديدة الانفجار".
ووفق وزارة الصحة، أسفر التفجيرين المتتاليين، عن مقتل 50 شخصا وإصابة أكثر من ألفين، في حصيلة أولية.
"بيروت الثكلى"
لم يجد رئيس الحكومة اللبنانية حسان دياب، أدق من هذه الكلمة لتوصيف حجم المأساة التي حلّت بالعاصمة، قائلا في تصريحات صحفية:" بيروت ثكلى، ولبنان كله منكوب".
"محنة".. هكذا وصفها دياب أيضا، "لا تنفع في مواجهتها إلا الوحدة الوطنية"، متعهدا أن "ما حصل اليوم لن يمر دون حساب، وسيدفع المسؤولون عن هذه الكارثة الثمن".
وأمام هذا الدمار، توجه رئيس الحكومة اللبنانية لكل الدول الشقيقة والصديقة "أن تقف إلى جانب لبنان وأن تساعده على بلسمة جراحه".
اجتماع طارئ
في هذه الأثناء، دعا الرئيس اللبناني العماد ميشال عون ، المجلس الأعلى للدفاع لعقد اجتماع طارئ في قصر بعبدا.
ووجه عون الجيش اللبناني بمعالجة تداعيات انفجار بيروت، وتسيير دوريات في الأحياء المنكوبة لضبط الأمن، وهو ما واكبته "العين الإخبارية" في عين المكان.
"مصاب يدمي القلوب"
هكذا علّق رئيس الحكومة اللبنانية السابق سعد الحريري، على ما حلّ ببيروت بعد الانفجارين اللذين وقعا في مرفئها.
والحريري الذي كان يتواجد في مقر إقامته "بيت الوسط" القريب من مكان الانفجار، كتب في تغريدة له "بيروت تستغيث والإعصار الذي أصابها يدمي القلوب".
مستطردا "الكلّ مدعو إلى نجدتها (بيروت) والتضامن مع أهلنا في كل الأحياء التي تضررت".
ولفت الحريري الذي ظهر في فيديو يتفقد الأضرار التي لحقت بالمكان، إلى أن حجم الخسائر أكبر من أن يوصف، مؤكدا أن الخسارة الأكبر هي سقوط عشرات القتلى والجرحى.
تآزر وتعازٍ
مشاهد قاتمة، استدعت مواقف مساندة من دول عربية وغربية مختلفة، ما زالت ردود أفعالها تتوالى حتى كتابة هذه السطور.
فمن الإمارات، عبّر الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، عن تضامنه مع لبنان.
وقال الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في تغريدة عبر "تويتر": "تعازينا لأهلنا في لبنان الحبيبة".
مضيفا "اللهم ارحم من انتقلوا إليك .. اللهم الطف بأهلها .. اللهم ألهم شعب لبنان الصبر والسلوان".
بدوره، أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، وقوف بلاده إلى جانب الشعب اللبناني في هذة الظروف الصعبة.
وفي تغريدة عبر تويتر، كتب الشيخ محمد بن زايد "نقف مع الشعب اللبناني الشقيق في هذه الظروف الصعبة ونؤكد تضامننا معه".
أما وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش، فكتب تغريدة أرفقها بصورة لبرج خليفة مضاءة بألوان العلم اللبناني.
وقال قرقاش"قلوبنا مع بيروت وأهلها، ودعاؤنا في هذه الساعات العصيبة أن يحفظ رب العالمين لبنان الشقيق واللبنانيين، وأن يخفف مصابهم ويضمد جراحهم، ويحفظ بيوتهم من الأحزان والآلام".
ومن مصر التي عرضت مساعدتها، أعرب الرئيس عبدالفتاح السيسي، عن تعازيه إلى لبنان حكومة وشعبا.
وأكدت الخارجية المصرية أن القاهرة تتابع ما وقع بكل الاهتمام وتجري الاتصالات اللازمة للوقوف على تفاصيل الأمر.
وفرنسا، التي أعلنت وقوفها إلى جانب لبنان، عبّر رئيسها إيمانويل ماكرون عبر تويتر، عن تضامنه الأخوي مع اللبنانيين.
وقال ماكرون إن "مساعدات وإمكانات فرنسية سيتم إرسالها" إلى لبنان.
وسبقه وزير خارجيته جان إيف لودريان، الذي أكد أن بلاده "واقفة وستقف دائما إلى جانب لبنان واللبنانيين".
ويأتي الانفجار في وقت بالغ الحساسية، أي قبل ثلاثة أيام من النطق بالحكم النهائي في قضية اغتيال رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري عام 2005.
ومن المنتظر أن تصدر محكمة الأمم المتحدة حكمها في المحاكمة الغيابية لأربعة أشخاص مشتبه بهم في اغتيال الحريري، ينتمون جميعهم لـ"حزب الله" اللبناني.