"نيويورك تايمز": هجوم برلين "اختبار قاس" لألمانيا وأوروبا
ردود فعل اليمين الشعبوي في أوروبا إزاء الهجوم تصب بشكل مباشر في مصلحة تنظيم داعش الذي يوجه أنظاره نحو أوروبا
لم يضيع اليمين الشعبوي في أوروبا وقتا حتى تظهر هوية منفذ هجوم برلين، أو يترك فرصة لتوجيه صفعة جديدة للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على خلفية سياستها بشأن اللاجئين، للضغط من أجل أجندة كراهية الأجانب.
وفي افتتاحية بعنوان "هجوم برلين اختبار قاس لألمانيا وأوروبا"، قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إنه بعد وقت قصير من الهجوم الإرهابي في برلين، الإثنين، غرد ماركوس بريتزل، أحد أعضاء حزب "البديل لألمانيا" اليميني المتطرف، بشراسة قائلا: "هؤلاء موتى ميركل!".
ونشر خيرت فيلدرز، زعيم حزب "الحرية" الهولندي، صورة لميركل ملطخة بالدماء عبر "تويتر" أيضا، كما غرد نايجل فاراج، زعيم حزب "استقلال بريطانيا"، قائلا: إن مثل هذه الأحداث ستكون "إرث ميركل"، بالإضافة إلى ماري لو بان، زعيمة حزب "الجبهة الوطنية" الفرنسي، التي أصدرت بيانا حول الهجوم في برلين ودعت إلى تعزيز الحدود الوطنية الأوروبية.
غير أن هذه الاستجابة "الخطيرة"، وفقا للصحيفة الأمريكية، تصب بشكل مباشر في مصلحة تنظيم "داعش" الإرهابي، الذي لا يفضل شيء سوى بدء صراع بين المسيحيين والمسلمين في أوروبا.
ووصفت الصحيفة تغريدة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بـ"الاستجابة الخاطئة"، حيث ربط فيها بين هجوم برلين واغتيال السفير الروسي بأنقرة، والهجوم على مركز إسلامي في العاصمة السويسرية زيورخ قائلا: "يجب أن يغير العالم المتحضر تفكيره".
وأوضحت أن دوافع الهجمات تبدو مختلفة تماما، ففي زيوريخ كان المهاجم مواطنًا سويسريًا من أصل غاني فتح النار على المصلين متسببا في إصابة 3 أشخاص ومقتل آخر.
وربما يتم كشف المزيد عن هوية منفذ الهجوم الذي قاد شاحنة نحو سوق لعيد الميلاد قرب النصب التذكاري في برلين، متسببا في مقتل 12 شخصا وإصابة 48 على الأقل، فبعد الإفراج عن المهاجر الباكستاني الذي اعتقل بعد الهجوم، لا يزال المنفذ مجهولا.
وبينما طلبت الشرطة الألمانية من العامة توخي الحذر، دعت ميركل الألمان إلى عدم السماح للإرهاب بسلب أسلوب حياتهم، حيث قالت: "لا نريد أن نعيش خائفين من أن يشلنا الشر".
واعتبرت الصحيفة أن المخاوف المتزايدة عبر أوروبا منطقية، حيث يشبه هجوم برلين الهجوم الذي وقع في يوم الباستيل في "نيس" الفرنسية، وتسببت شاحنة أيضا في مقتل ما يزيد عن 80 شخصًا.
ورجحت الصحيفة أن هجوم برلين يؤجج جدلا موجودا بالفعل حول اللاجئين في ألمانيا، لافتة إلى أن ترشح ميركل العام المقبل من أجل ولاية رابعة، يجعلها معرضة للهجوم سياسيا، لا سيما في ظل المعارضة الهائلة لسياسة اللجوء.
وارتأت أن حماية العامة ومكافحة الإرهاب في ألمانيا وعبر أوروبا سيتطلب تعاونا كبيرا فيما يتعلق بالاستخبارات والسياسة بين الدول المجاورة، وهذا العمل الجماعي سيكون ملحا أكثر بينما يوجه "داعش" الذي يتعرض للهزائم في سوريا والعراق، نظره نحو أوروبا بروح انتقامية جديدة.
لكن بينما تبذل الحكومات جهودا هائلة لمكافحة الإرهاب كما ينبغي، يجب عليها أيضا تجنب تشويه الأغلبية المسلمة في أوروبا، سواء كانوا طالبي لجوء أو مقيمين منذ فترة طويلة، حيث إنهم ملتزمون بالقانون ومعرضون للإرهاب تماما كالأشخاص الآخرين، وهم أنفسهم أصبحوا الآن هدفا لجرائم الكراهية، وفقا لـ"نيويورك تايمز".
واختتمت الصحيفة افتتاحيتها بالقول إنه مع كل هجوم جديد سواء كان على سوق لعيد الميلاد أو مسجد، يتزايد تحدي أوروبا للدفاع عن التسامح والمساواة والشمولية والمنطق، وإذا كان من المقرر أن تعيش أوروبا كمنارة الأمل الديمقراطي في عالم يميزه الانقسامات العنيفة، فيجب عليها عدم التخلي عن هذه القيم الآن.