أحداث فرنسا تكمل مثلث القلق في برلين
قلق جديد يهز دوائر الأمن في برلين، ويضاف إلى ثنائية حرب أوكرانيا وانتقال مجموعة فاغنر إلى بيلاروسيا، يتمثل في أحداث الشغب في فرنسا.
إذ أعرب المستشار الألماني أولاف شولتز، اليوم الأحد، عن "قلقه" لاستمرار أعمال الشغب في المدن الفرنسية والتي أدت إلى إلغاء زيارة دولة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى ألمانيا.
وقال شولتز في مقابلة مع قناة "إي آر دي" التلفزيونية العامة "بالتأكيد نتابع بقلق" ما يحصل في فرنسا، مضيفا "لدي أمل كبير، وأنا مقتنع تماما، بأن رئيس الدولة الفرنسية سيجد السبل (لضمان) تحسن الوضع سريعا".
وعبر المستشار الألماني عن أمله في أن تنتهي الاضطرابات في فرنسا قريبًا، وأبدى ثقته في أن ماكرون سيهدئ الوضع في الوقت المناسب.
وقال إن "ألمانيا وفرنسا عنصران رئيسان في قضايا الاتحاد الأوروبي"، مضيفا "لذلك من المهم أن يكون كلا البلدين قادرين على العمل".
تأتي هذه التصريحات في وقت توجه فيه ألمانيا بوصلتها الأمنية في أكثر من اتجاه، في ظل مخاطر الحرب الأوكرانية الجيوسياسية، والتهديد الذي يمثله نقل مجموعة فاغنر إلى بيلاروسيا، ليكتمل مثلث القلق بأحداث الشغب المتفجرة في فرنسا.
هجمات على مسؤولين
واليوم الأحد، تعرض منزل رئيس بلدية بفرنسا لهجوم، في حادث لقي تنديدا واسعا، وذلك بعد ليلة خامسة من أعمال الشغب التي سجلت تراجعا مقارنة بالليلة السابقة.
في مؤشر إلى خطورة الأزمة التي تشهدها البلاد منذ مقتل الشاب نائل (17 عاما) برصاص شرطي الثلاثاء الماضي، أعلن الإليزيه أن الرئيس إيمانويل ماكرون سيشرف مساء الأحد على اجتماع لتقييم التطورات.
وصباح الأحد، قال رئيس بلدية لاي-لي-روز جنوب باريس فنسان جانبران إن "مشاغبين" اقتحموا فجرا منزله بسيارة أثناء تواجد زوجته وولديه، قبل إضرام النيران بهدف إحراقه.
وأوضح على "تويتر"، أن ما جرى "محاولة اغتيال جبانة بدرجة لا توصف"، حدثت بينما كان موجودا في بلدية البلدة التي يقطنها نحو 30 ألف نسمة.
وأشار مقربون من المسؤول المنتمي إلى حزب "الجمهوريين" (يمين معارض) لـ"فرانس برس"، إلى أن زوجته أصيبت بجروح في ركبتها، بينما تعرض أحد ولديه لإصابة طفيفة أثناء محاولة الفرار من المعتدين.
ومع تزايد الهجمات على رؤساء البلديات ومسؤولين منتخبين في فرنسا، أكدت رئيسة الوزراء إليزابيت بورن، الأحد، أن الحكومة "لن تتسامح مع أي عنف" وأنه سيتم تطبيق "أقصى درجات الحزم" في العقوبات.
كما أطلق رئيس رابطة رؤساء البلديات في فرنسا ديفيد ليسنار دعوة للمسؤولين المنتخبين والمواطنين للتجمع الإثنين الساعة 12,00 ظهرا (10,00 ت غ) أمام البلديات في أنحاء البلاد.
وأكد ليسنار لوكالة "فرانس برس"، أن "150 مقر بلدية أو مبنى بلديا هوجم منذ الثلاثاء".
كما أعلنت وزارة الداخلية استهداف عشرة مراكز شرطة وعشر ثكنات للدرك وستة مراكز شرطة ليل السبت إلى الأحد. وتم توقيف 719 شخصا في البلاد بتهمة حيازة أدوات يمكن استخدامها أسلحة أو مقذوفات.
واستُهدف شرطي بطلق ناري أصاب سترته الواقية أثناء أعمال عنف في نيم (جنوب شرق) ليل الجمعة السبت التي تخطى عدد الموقوفين خلالها 1300، وهو رقم قياسي منذ اندلاع أعمال الشغب.
ويواجه القضاء الفرنسي سيلا من الإجراءات الجنائية التي تستهدف أشخاصا يشتبه بأنهم من مثيري الشغب، ما يضع محاكم المدن الكبرى تحت الضغط.
وسعيا لضبط أعمال العنف، فرضت السلطات المحلية في العديد من البلدات حظر تجول مساء وأوقفت حركة النقل العام اعتبارا من الساعة 21,00 (19,00 ت غ).
من مسافة قريبة
قضى نائل برصاصة في الصدر أطلقها شرطي من مسافة قريبة أثناء عملية تدقيق مروري في ضاحية نانتير غرب باريس. ووُجهت إلى الشرطي الموقوف البالغ من العمر 38 عاما تهمة القتل العمد.
وأثار مقتل الشاب صدمة في فرنسا وصل صداها إلى الجزائر التي تتحدر منها عائلته.
وفي ظل أعمال العنف، ألغى الرئيس الفرنسي، زيارة دولة إلى ألمانيا كان من المقرر أن تبدأ الأحد وتستمر ليومين، بعدما اختصر أيضا مشاركته في قمة للاتحاد الأوروبي استضافتها بروكسل الجمعة.
ويطرح جزء من الأوساط السياسية مسألة فرض حال الطوارئ في البلاد وهي مسألة تلقى متابعة حثيثة في الخارج وخصوصا أن فرنسا تستضيف في الخريف كأس العالم للركبي ومن ثم دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في باريس في 2024. ويسمح فرض حال الطوارئ للسلطات الإدارية باتخاذ إجراءات استثنائية مثل منع التجول.